من الواضح جداً أن تراكمات الخيبات و سبة الفساد التي ضيقت الخناق الداخلي على جماعات الإسلام السياسي السودانية ، حاكمةً كانت أو مدعية المعارضةً وحتى تلك الزاعمة للإصلاح..بالإضافة الى تهاوي أجنحتهم الرئيسية الخارجية أمام زفرات الشعوب الكاسحة التي كشفت ملعوبهم بالتستر خلف حوائط الشرعية والعوم العارض إضطراراً ذرائعياً مع موج الديمقراطية كوسيلة فقط لإدراك مقاصد التمكين كغاية ٍ من خلالها ! كل تلك المؤثرات والعوامل باتت تدفع صفوفهم نحو بعضها لتحتمي من المصير القاتم الذي أحسوا بأنه ينتظرهم اذا ما تفرقت عصّيهم آحادا ! فهم في النهاية مهما فرقتهم المصالح الدنيوية .. فأكيد لا تجمعهم المباديء الدينية كما ينافقون العقول، وإنما توحدهم إنتهازية الهيمنة الكاملة وهي التي تقوم على تعاليهم الأجوف كجماعة إقصائية متسلطة فوق الرقاب على صعيد إزدراء بقية الشعب بالكذب والبهتان أو نعتاً مغلوطاً بالعلمانية المناهضة للإسلام كما يصور لهم خيالهم المريض ، حيال كل من خالفهم الرأى أو إقصاءاً بالتكفير الصريح ! ولعل أسواء ما في عقليات قيادات الأحزاب الطائفية المتكلسة عندنا أنها تنجذب اليهم عند المحكات الصعبة التي تواجه وجودها ، بدعوى التمسك بمبدأ تطبيق الشريعة ، رغم علمهم بإفراغ ذلك الشعار من محتواه عبر تجربة الإسلاميين الطويلة التي أضرت بالإسلام بذات قدر ضررها بمصالح الوطن ! ولكن يظل الأمل معقوداً على إجتذاب الطبقات الواعية من جماهير تلك الطوائف وأحزابها الى جانب صف الشعب الطويل والعريض مقابل تلك الجماعة الخائفة على مختلف لبوسها ! وأعني هنا العناصر المستنيرة من أجيال الشباب الجديدة وهم تيارٌ واسعٌ قوامه الذين بدأوا يعيدون حسابات تبعيتهم للأحزاب التقليدية الكبيرة طالما أنها لاتقوم على البرامج السياسية وإنما على الأسس الطائفية البحتة وتقديس الرموز وليس الإنتماء لقناعات الفكرة بما يتناقض مع أسس قيام الدولة الوطنية المدنية الحديثة المرجوة ! الآن وقد تعلمت الشعوب من حولنا الدروس ، في فترات وجيزة من تجربتهم الفاشلة فعادت لتلفظ الدخلاء على الديمقراطية واستحلاب عطف البسطاء بشعارات دينية فضفاضة تارةً ، وباستعرض تاريخهم الارهابي كرصيد نضالي تارةً أخرى ليعطيهم حق تقدم الصفوف ! فمن العيب على شعبنا و صفوته المثقفة وعلينا كلنا سواء كنا في الخارج أو الداخل ، الا نستفيد من أربعةٍ وعشرين عاماً من التجارب المريرة مع جماعة بعينها باتت مستأثرة بالجانب الأكبر من مساحة الوطن عبثاً ومحاقاً بها وفيها ..بينما حصرت بقية الشعب في زاوية ضيقة يعوزه عندها الإتيان بمجرد التنفس ..دعك عن حرمانه من بقية مُقدراته ومُقومات حياته في حدها الإنساني الأدنى ! عيب.. والله .. عيييييب.. علينا ..! محمد برقاوي [email protected]