مئات القتلى والجرحى من أهل السودان ، بعضهم يقتل بعضهم ، وبعض تجرفهم وتقتلهم السيول وتنهار فوق رؤسهم البيوت ، مئات القتلى والجرحى فى دارفور، و مئات مثلهم بين قتلى و مصابين فى بقية انحاء البلاد بفعل الامطار ، تزهق الارواح وتدمر الممتلكات ، ليس باسباب السماء و ايغار للصدور و انما فشل سياسى وأدارى يودى بحياة الناس ، وقلة خبرة و تجربة تامة فى درء الكوارث ،والضحايا من المواطنين فى الحالتين ولامن مغيث ، تباطؤ حكومى على الارض وصورة تلفزيونية بعيدة عن الواقع وتبعث على الأسى ، إفادات المواطنين بعد " أختيار" أخفها على الاذن وأقلها وقعآ على النفس ، تبدد مصداقيتها وتقلل من قيمتها الاخبارية الصور التى لايمكن تكذيبها أو تجميلها بحديث المسئولين عن الاوضاع المأساوية والتهوين من الكارثة بأعتبارها أمر طارئ ،العاصمة الحضارية كالمشروع الحضارى تآكلت وغرقت فى الطين و الاوحال ، أحياء العاصمة و على الاخص فى شرق النيل التى بنيت فى مجارى السيول تضررت بذات القدر الذى وقفت فيه حائلا بين المياه وطريقها الطبيعى الى النيل ، الطرق القومية والداخلية شكلت عائقا أمام المياه فاعتلتها وجرفتها وفتحت طريقها فحجزتها البيوت فأحاطتها كالسوار بالمعصم من كل جانب وأخذت فى طريقها ما أعترضها من عربات وحيوانات ورواكيب وأكشاك ، الاف السكان أصبحوا بلا مأوى لاطعام ولاشراب ولاصحة ، المدارس مددت عطلتها ، المياه التى لم تجد لها مصرفا أو أنهارت مصارفها تعزل أحياءآ بكاملها فى كل الخرطوم بعد اختلاطها بمياه المجارى والسايفونات التى طفحت ما فى جوفها مما يهدد بكارثة بيئية لاسابق لها ، جهاز الدولة منهار وعاجز وفشل حتى فى تقديم صورة جيدة للحكومة التى تؤكد المرة تلو الاخرى أنها أدمنت ما تجيده فلا فكاك ،وكيف أنها زادت من أحباط المواطنين و غصبهم بحديث يفتقر إلى الجدية والقدرة على تحديد حجم الأضرار الفادحة التى أصابت الممتلكات وأزهقت الارواح وأحزنت وأدمت القلوب فى العيد الذى لم يكن موجود الا فى تلفزيون الحكومة وقنواتنا الفضائية التى ما أن تبث صور الدمار والخراب الذى أحدثته السيول والامطار والا تعقب ذلك بالأغانى والمقابلات المملة ، فلم تحسن هى الاخرى عكس صورة الواقع ولم تنجح فى أختبار التفاعل مع مشاعر المواطنين المتضررين و " الناس على دين ملوكهم " وحدث فلا حرج ، فقد بلغ الغضب بالمواطنين الذين فقدوا كل شىئ حد التظاهر وذهب بهم اليأس حد أعتراض المنظمات الطوعية التى هبت لنجدتهم وهم يحسبون انهم من اهل الحكومة المغضوب عليها ، هذه الحكومة التى تهدر حياة الناس ومواردهم وترتكب الاخطاء الفادحة ، كيف تخطط هذه الحكومة المربعات السكنية فى مجارى السيول وتقبض قيمتها من عرق البسطاء من المواطنين ؟اين وزارة التخطيط العمرانى والاجهزة الحكومية المسئولة عن تنظيم المبانى ؟ و اين شرطة الدفاع المدنى ؟و اين ملايين الدولارات التى صرفت على مدى سنوات لعمل المجارى ؟ لقد أعتمدت الحكومة الاتحادية سياسة " الجوكى " الشاطر فآتت بمن يتحمل وزر وعودها الطائرة للمواطنين لتتحمل الولاية كل اخطاء الانقاذ على مدى خمسة و عشرين عامآ ، و رغم ذلك فإن حكومة الخرطوم تتحمل نتيجة فشلها وتصديها لمسئوليات أكبر منها وبقيادات لاخبرة لها ولا تحسن الا الحديث المستفز عبر شاشات التلفزيون و الفضائيات ،المثير للدهشة هو موقف الحكومة الاتحادية فهى تتعامل مع حكومة الولاية بطريقة " حملا خفا وعرقا جفا " فتتحدث مع الولاية ب "miss call" وتدعوها لتحديد أحتياجاتها ! لنا أن نتخيل ذلك !أقله كان على الحكومة الاتحادية أن تعلن البلاد كلها منطقة كوارث وأن تنزل بكامل طاقمها الى الميدان وتباشر بنفسها مسؤلياتها وواجباتها تجاه مواطنيها ولكن العيب ليس فى الحكومة ، فالعيب فينا ، فنحن (ساكتين) لا نحرك ساكنآعلى افعال الحكومة و استهتارها بمقدراتنا و تصرفاتها فى حقوقنا ، كيف لا وأحد القيادات القبلية فى دارفور يعلن أنه متمرد على الوالى ولكنه لم يتمرد على الحكومة الاتحادية !؟ وكأن هذه الولايات تتبع لدولة أخرى ، معلوم أن الكوارث الطبيعية هى شأن أتحادى وفقا للدستور الانتقالى لسنه 2005 م الذى يتم تجاوزه او الاتفاق معه بانتقائية مفرطة و ها هى عبقرية الحكومة الاتحادية جعلت من كوارث السيول و الامطار شأنآ ولائيآ ،ولعل السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية قد أحس ولمس فداحة اخطاء و لا مبالاة الاعلام الحكومى فقال " لا إعلام الانقاذ ولا إعلام الحركة الاسلامية ولا إعلام المؤتمر الوطنى " كانوا فى المستوى المطلوب ، مضيفآ أن المشهد الاعلامى يحتاج إلى مراجعة ، مانود قوله للسيد النائب الاول أن المشهد برمته يحتاج إلى تغيير وليس مراجعة .، [email protected]