- المحامي هل يلجأ البشير للمؤسسة العسكرية لتنفيذ التعديلات الوزارية قبل (الطوفان)؟؟ النظام يعاني من (غيبوبة) الأفول وتتسارع خطواته نحو نهاياته المحتومة وبما أن تلك الظروف الاستثنائية تتطلب إجراءات مكافئة كان علي النظام (عجم كنانته) وإختيار آخر الحلول في نهايات الطريق ويجيء (التعديل الوزاري) كأفضل الحلول ومحاولة يائسة (لإكتساب) وقت إضافي فالنظام لا يملك حلولاً إقتصادية عاجلة للأزمة الطاحنة للبلاد بعد إنهيار كل المشاريع الزراعية العملاقة بفعل (فساده) وسياساته (الهوجاء) وذهاب عائدات البترول مع إتفاقية (الخزي والعار) لدولة الجنوب ونهب رموز النظام ومن يدور في فلكهم ما تبقي من أموال بيت المال حتى عجز النظام عن الوفاء بإلتزامات الفصل الأول من ميزانيته التي إعتمدت في المقام الأول علي (الجباية) و (المكوس) من المواطن المغلوب علي أمره والذي يدعو للأسي أن تلك الأموال لا تعود بالفائدة علي المواطن وأسرته بل توظف للوفاء بالمرتبات والمخصصات لوزراء النظام ورموزه و لوزارات (المحاصصة) و(الترضيات) وأحزاب (الفكة) وماتبقي يتم توجيه لشن الحروب ضد المعارضين للنظام وقمع المظاهرات السلمية التي تتطالب بإسقاط النظام وإستبداله بحكمٍ رشيد. إذاً النظام يعاني من (أزمة) حادة وظروف إستثنائية تهدد بقائه ولم يتبقي له سوي (قشة) التعديلات الوزارية للتمسك بها وتصحيح مساره لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل (الطوفان) وما هو مؤكد أن مشروع التعديل الوزاري هو إعلان صريح للمواجهة بين (الحركة الإسلامية) و (الإسلام السياسي) فالحركة الإسلامية ظلت تنادي (بتصحيح المسار) للنظام الحاكم الذي كان جزءاً لا يتجزأ من الحركة الإسلامية قبل أن تنفرد بالسلطة والنفوذ (أجنحة) متصارعة تري في بقاء النظام كما هو عليه مكاسب شخصية لا ينبغي التنازل عنها وقد أعدت للأمر عدته بالوقوف في وجه رياح التغيير عبر إنشاء (مليشيات) مسلحة و (التغلغل) في (الأجهزة الأمنية) التي تدين بالولاء لتلك الرموز وتتأهب لتلبية النداء للوقوف في وجه التغييرات القادمة وفي تقدير المنادين بالتغيير أن ذلك الواقع هي (العقبة الكأداء) التي تواجه رياح التغيير وتعترض مساراته. لكن واقع الأمر يؤكد أن عقبة أخري تواجه مشروع التعديل الوزاري الذي يحرص المنادين به أن يكون جذرياً حتي لا يغدوا (خيبة أمل) و (إنتكاسة) للشعب السوداني أولاً والأصوات التي تصرخ بالتغيير تالياً وهي المساس (بحصص) الأجنحة المتأهبة (بقضها وغضيضها ) لإجهاض التغيير برمته وكذلك المتوالين مع النظام من معارضة (المظاريف) وأحزاب (الفكة) وقد هدد البعض منهم (بالإنسلاخ) عن الإتفاقات التي عقدها مع النظام (تحت الطاولة) بعد أن إتضح لهم (بعد فوات الأوان) أن المشروع برمته ينتفص من حصصهم في النظام (الضئيلة أصلاً) وهي نفس النظرية التي يتخذها أجنحة الإسلام السياسي ذريعة للتمسك بالموقف المعارض للتغيير مع إصطحاب أسباب أخري يبدو معها أن التضحية (بالرئيس) وجناحه (العسكري) خياراً متاحاً وثمناً لايصعب أدائه أو الدفع به لكسب الصراع والإنتصار فيه. وبإستصحاب الأزمة الإقتصادية التي (تطحن) في عظام الشعب الذي باتت تلوح في الأفق بوادر ونذر (نفاذ صبره ) والصرف البذخي للنظام علي وزارات الترضيات وحصص الأجنحة (المستقوية) والحصار الدولي للرئيس ونظامه و(سرطان ) الفساد الذي إستشري في جسد النظام المتهالك وإستعصي علاجه والخلاص منه يبدو الرئيس في موقف (لا يحسد عليه ) وتصبح أمامه الخيارات تكللها الصعوبات وتتجاذبه رغبات وأشواق الحركة الإسلامية وأطماع أجنحة (الإسلام السياسي) ولن يبدو أمام الرئيس إلا خياراً (يتيماً) متاحاً وهو الإرتماء في أحضان (المؤسسة العسكرية) التي (طلقها) آنفاً وقدم إستقالته منها (مبكراً ) طمعاً في السلطة والجاه وهي المؤسسة الوحيدة القادرة علي توفير الغطاء (العسكري) و(الأمني) ومواجهة (مليشيات ) الأجنحة المتصارعة لتنفيذ مخططات (الحركة الإسلامية) وتوقها للتغيير والتمسك بثوابت حركة (الإخوان المسلمين ) في ظل الظروف الراهنة والبحث عن حلول توافقية مع (القوات المسلحة) لإقناعها بالقضاء علي (مراكز القوة) هذا من جانب ومن ناحية أخري فأن الزج بالمؤسسة العسكرية في الصراع السياسي يأتي مخالفاً لثوابتها القومية وحيادها العسكري وسيصبح اللجوء للضباط الإسلاميين والمناهضين لنظام (الإسلام السياسي) هو طوق النجاة (لإقحام ) القوات المسلحة في لجج الصراع السياسي وهذا التمييز يبدو طريقاً مليئاً بالأشواك لأن توافق المؤسسة العسكرية مع جناح التغيير يبدو في باطنه موافقة علي إستمرار النظام القديم الفاسد و(إنتاجه ) في ثوب جديد والذي أعمل معاول الهدم في المؤسسة العسكرية علي حساب تطوير (القدرات العسكرية ) لأجهزتة الأمنية و(شرطة النظام) كما أن (إستنساخ) النظام يفتح (النوافذ) مشرعة لتسلل رموز النظام والعودة لإستعباد الشعب ونهب ثرواته وممارسة الوصاية عليه وإدخال البلاد في (دائرة مفرغة ) وهو الوضع الذي ظل الكثير من الشرفاء بالقوات المسلحة ينادون بإنهائه إنحيازاً لرغبة الشعب وإرادته وتحملوا تبعات ذلك عبر التشريد والمحاكمات (الصورية ) و(التخوين ) ودفعوا ثمن ولائهم للشعب والوطن . وفي الوقت الذي لا يأخذ المتصارعين علي السلطة (الحذر من مأمنه) بوضع مصلحة الشعب والبلاد في أدني سلم إهتماماتهم يبدو أن الشعب ( لاناقة له ولا جمل ) في كل هذه الصراعات التي لا تصب في وعاء تطلعاته ورغبته في التغيير مما يمهد الساحة لتغييرات ستحدد مستقبل البلاد وعلي الشعب أن يدرك أن جلوسه في (مقاعد المتفرجين) في خضم هذا الصراع لن يضع الخبز في بيوته الخاوية وأن الله (لن يغير ما بقومٍ حتي يغيروا ما بأنفسهم) وسيبدوا صمت الشعب علي التغييرات القادمة قبول بالواقع الذي يأتي والذي سيكون أسوأ من الذي مضي كما أن سكوت (المعارضة ) لايبدو أن له نعتاً غيرمخالفة المباديء وخيانة الوطن وتشييعه لمثوي فنائه وإندثاره ولن يجد الوطن من يبكي عليه في مأتمه . عمر موسي عمر - المحامي [email protected]