من المهم ان تنتبه الحكومة الى شيوع اصوات الفتنة وسط قبائل السودان ومكوناته الإثنية سواء عن طريق منسوبيها او غيرهم فالفتنة حينما تبرز بعنقها مثل حية رقطاء يصعب تداركها وبالتالي من المهم جداً سد ابواب الفتن واغلاق الذرائع وحينما نقول الذرائع نقصد بذلك الاسباب والمبررات التي تنفخ النار وسط القبائل فتحول روح التعايش السلمي الذي كان ماثلاً عبر القرون الى روح شريرة ترغب في الانتقام وصب المزيد من الزيت على النار. ولان الصحافة مهنة لها ميثاق شرف عتيق وموروث ومصان ابتداءً يجعلها تترفع عن الخوض في الفتن وإذكاء نيران الصراعات القبلية ولذلك ترفعت الاقلام المتزنة عن الخوض فيما جري بين قبيلة المعاليا وقبيلة الرزيقات وكان لزاماً على الحكماء ان ينشطوا في حقن دماء السودانيين ويسعوا الى الصلح بين القبيلتين انطلاقاً من موروثاتهما القبلية في الجودية والادارة الاهلية التليدة . ومثل هذا الوضع ينطبق على ما جرى بين قبيلة الهدندوة وقبيلة الهوسا في شرق السودان وتحديداً ولاية كسلا فقد تابعنا بقلق اسباب اندلاع الصراع والخلافات بين القبيلتين وقمنا بالاتصال بالحادبين على مصلحة وأمن واستقرار الولاية من زعماء الادارات الاهلية فوجدناهم على قلب رجل واحد في رفض الاقتتال بين الهدندوة والهوسا وتحدثوا عن التاريخ المشرف الذي يجمع بين القبيلتين وكيف ان الناظر محمد محمد الامين ترك - والد الناظر الحالي - كان يعلي من شأن العلاقة بين الهدندوة والهوسا وكان يعمل على الدوام من اجل حلحلة القضايا كافة التي تهم الهوسا وكان يقربهم اليه نجيا ومنحهم عمودية فريدة من نوعها بحيث تتبع له مباشرة وكأنها نظارة صنواً لنظارة الهدندوة حيث لا احد يستطيع مخالفة ما يراه الناظر او ما يراه عمدة الهوسا. كان كل شيء يجري على ما يرام ومن المهم تذكير الناس بعبر التاريخ حتى لا يظن احد ان التاريخ بدأ حينما تولى البعض مهام الادارة الاهلية في زمن نقصان الحكمة وبما ان السبب الرئيس في ما جرى من خلافات بين ناظر الهدندوة الحالي وامير الهوسا هو النقاشات الحادة بين اعيان من قبيلتي الهدندوة والهوسا على خلفية شروع قبيلة الهوسا في اقامة احتفال كبير لاعلان قيام نظارة لهم فيما يرفض ناظر الهدندوة هذه الخطوة ويعتبرها انتقاصاً لنظارته الا ان ما ذكره احد وكلاء النظارة يبدو اكثر حكمة حيث قال الهادي الهداب وكيل نظارة الهدندوة بولاية القضارف الموجود حالياً بمنطقة هداليا بولاية كسلا وهي مقر نظارة الهدندوة ان النظارة تكن مشاعر صادقة وودا قديما لقبيلة الهوسا وان العلاقة بين الهدندوة والهوسا رعاها الناظر محمد محمد الامين ترك منذ زمن بعيد حينما افرد مساحات واسعة من ارض البجا والهدندوة وخصصها لهم وجعل لهم عمودية تتبع له مباشرة تكريماً لهم، واتهم الهداب جهات لم يسمها بمحاولة نقل الحرب الاهلية الدائرة في دارفور الى شرق السودان ومحاولة بذر الخلافات بين مكونات السكان في شرق السودان. ان الجانب الاخير من حديث وكيل الناظر يبدو اقرب الى الحقيقة منه الى التحليل واذا كان الامر كذلك بحيث يدرك الجميع بان هنالك اصابع تتلاعب في الخفاء بأمن واستقرار شرق السودان فإن الواجب الاخلاقي والديني المستمد من الاعراف الموروثة من رجالات الادارة الاهلية والرعيل الاول من حكماء شرق السودان هذا الواجب يحتم على الجميع ادراك حجم المسؤولية والتخلي عن ضيق الافق والتقديرات الشخصية المبنية على الاوهام ويحتم على ناظر الهدندوة وناظر الهوسا عقد قمة يستدعيان فيها حكمة الآباء ويتصالحان مجدداً لتعود المياه الى مجاريها ويتم تفويت الفرصة على المتلاعبين بالتناقضات في شرق السودان وبرأيي انه لا داعي لتأجيج الخلافات فقد تم حرمان الهوسا من تنفيذ احتفالهم بتنصيب الأمير وليس من الحكمة قيام اي احتفال مناهض حتى لا يعين البعض الشيطان على اخوته ومن المهم ان نقول ان الفعاليات كافة بولاية كسلا تتطلع الى اليوم الذي تشهد فيه الولاية الاحتفال الكبير الجامع لقيادات الهدندوة والهوسا وتطوي فيه الخلافات وتصبح نظارة الهوسا اضافة حقيقية الى مجاميع النظارات في شرق السودان. والله المستعان الصحافة