وراء كل قرار للإنقاذ مصيبة وطامة كبري تلحق بالفقراء ، وخلف أي قرار أيضاً ( نعم) لا تحصي ولا تعد لصالح السدنة والتنابلة . مسحت الإنقاذ كمائن الطوب من الوجود علي شواطئ الخرطوم بحجة أنها تلوث البيئة ، التي لم تلوثها مصفاة الخرطوم وهي تنفث غازاتها السامة في شمال بحري !! ، ومعني هذا ازدهار صناعة البلوك الأسمنتي وازدياد الطلب علي الأسمنت الذي تنتجه مصانع خاصة ( إسلامية الهوي) . الذين لن يجدوا الطوب بعد هذا القرار ، ولا يستطيعون شراء البلوك الأسمنتي أو البناء بالأسمنت المسلح ، كانوا سابقاً يستعملون ما يسمي بالطوب الأخضر – أو الجالوص المحسّن – وغالباً لن يشترونه ، بل يلجأون للنفير وسواعد الشباب طالما كانت المادة الخام ( طين وموية) ، وأدوات العمل طورية وكوريق . الحكومة وهي تطارد الفقراء منعت البناء بالجالوص ، وقفلت الباب في وجوههم ، فمن أراد الجالوص عليه هجرة الخرطوم أو لعب ( الملوص) . ومن هاجر للجزيرة وقرر امتهان الزراعة فسيجد القرار الحكومي التعسفي بزراعة القطن المحوّر ، وإن عصف به السرطان بعد ذلك سيكتشف أن العلاج بالشي الفلاني ، وأن الأدوية خارج التأمين وسيتوسد الباردة في غمضة عين . أما أصحاب بيوت الجالوص الذين سيتجهون غرباً باللواري وعلي طرق وعرة ،بسبب أن السدنة – لحسوا- طريق الإنقاذ الغربي، فسيعترض طريقهم الجنجويد وإن نجوا من الموت سيصطادهم جبل عامر وإن أفلتوا بعد ذلك وفروا إلي الجبال فهم لا شك قتلي بسبب ( طيارة جاتنا تحوم شايلة القنابل كوم ) . ولو اتجه بعض الفقراء شمالاً وشاء حظهم العاثر أن يدخلوا نهر النيل فسيواجهون بسيل الوادي المنحدر ، الذي لا يبقي ولا يذر ، ولو نجا البعض واشتكي للسدنة لقالوا له ( غلطان المرحوم) . وهكذا تريد الحكومة للفقراء أن يتجهوا من منفي إلي منفي ، فإن سكنوا جبرونا طاردتهم إلي زقلونا ومنها إلي طردونا وجهجونا وفرتقونا وأي جهة أخري تنتهي بالنون والألف . لو فكَر الفقراء يوماً – إن ضايقهم السدنة- بالتوجه ناحية القصر الجمهوري ، وليس إلي المنافي ، واجتازوا الحواجز العسكرية إلي حيث الأبواب المغلقة ، فسيلاقيهم التنابلة بالأحضان ، ويقولون لهم مطالبكم علي العين والرأس ، وهيا إلي الحوار وأنتم شركاء لا أجراء فإن صدّق الفقراء لعبة السدنة وتقهقروا فإنهم في المشانق لا محالة ، وإن تقدموا للأمام هرب التنابلة وركبوا التونسية كما ركبها بن علي ، أو وقفوا في قفص الإتهام يطلبون الاسترحام ، أو حدث لهم ما حدث للقائمقام الذي صدق أسطورة دخلوها وصقيرها حام . الميدان