مبعوث أمريكي جديد يشد الرحال إلي الخرطوم ولحكومة الخرطوم تجارب غير سارة مع قائمة طويلة من مبعوثي اليانكي الأمريكي .. الخرطوم ترفض التعامل معهم في بادئ الأمر ثم تتراجع وتوافق وهكذا سيرة مبعوثي البيت الأبيض إلي السودان ، وإستبقت الحكومة السودانية زيارة المبعوث الأمريكي الجديد دونالد بوث ورهنت التعاون مع المبعوث معه بوجود خارطة طريق واضحة تساعد على حلِّ القضايا الخلافية العالقة بين البلدين وقالت علي لسان وزير الخارجية علي كرتي " اذا كان لدي المبعوث الامريكى الجديد خارطة طريق واضحة للعلاقات بين الخرطوم وواشنطن بما يساعد على حلحلة الملفات المتبقية فإننا نرحب بهذا الدور واذا انصرف إلى قضايا أخرى فإننا بالتأكيد سننصرف عنه " .. إنتهي حديث كرتي والذي لاينتهي هوتذبذب الموقف السوداني الرسمي من التعامل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي تاريخ حكومة الإنقاذ سلسلة طويلة من اللاءات التي ذهبت أدراج الرياح والسؤال الذي يثورهنا ماهو الجديد الذي يحمله المبعوث الأمريكي وماهو موقف الحكومة النهائي بعيداً عن التصريحات اللحظية ليس فقط من مهمة المبعوث الجديد بل من عموم الدور الأمريكي في الشأن السوداني والذي تطاول أمده دون أن يلوح في الأفق أي بوادر لتسوية شاملة للأزمة السودانية. وتقف كثير من الأسئلة الحائرة في مواجهة الدور الأمريكي في الشأن السوداني وفي مآلالات اتفاقات السلام التي تمت برعاية أمريكية ولم تحقق السلام وقسمت الوطن وأشعلت حروب جديدة في أماكن جديدة والسؤال بالطبع يمتد حول العلاقة ( المريبة) بين حكومة الإنقاذ والولاياتالمتحدةالأمريكية وخاصة أن الأخيرة وحتي هذه اللحظة تقف مع الحلول الجزئية ( بالقطاعي) للأزمة السودانية وهي لاتفعل أكثر من كتابة عمر جديد لنظام الحكم في السودان في حين تظل كل المشاكل كماهي بل تتعقد أكثر، وهناك من يري أن الإدارة الأمريكية بعد الإنتقادات الكثيرة التي واجهتها في الملف السوداني بدأت في إجراء مراجعات كبيرة حول كيفية التعاطي مع الوضع السوداني المعقد ..والوضع في السودان كمايري كثير من الخبراء خطير جداً وأن هناك ثلاثة سيناريوهات للتغيير.. السيناريو الأول الإبقاء على الوضع الراهن، السيناريو الثاني التسوية الشاملة، والسيناريو الثالث والمحتمل حدوثه هو تفكك الدولة السودانية نتيجة تردِّي الأوضاع والاضطراب داخل الدولة السودانية والسيناريو الاخير أصبح قريباً في ظل غياب الحلول الجذرية والإفرازات السالبة لتواصل الحرب في أكثر من أقليم بالسودان ومع فشل كل اتفاقيات السلام الحزئية في إحداث تغيير حقيقي وملموس علي الأرض والحرب لاتزال مشتعلة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. ويري عدد من الخبراء أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ورغم توفر كثير من المؤشرات علي فشل رؤيتها الحالية في التعاطي مع الشأن السوداني فهي سوف تمضي في ذات السياسة القديمة ويقول البروفيسور صلاح الدومة أستاذ العلاقات الدولية " الولاياتالمتحدةالأمريكية تعلم علم اليقين أن حكومة الإنقاذ فاسدة ومعزولة شعبياً ولكنها أي الولاياتالمتحدة سوف تواصل إبتزاز النظام حتي أخر لحظة " .. ويبدو أن المبعوث الجديد لن يخرج كثيراً عن السياسة الأمريكية المرسومة تجاه السودان وتؤكد تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي بالسودان حوزيف أستنافورد ذلك وقال القائم بالأعمال الأمريكي في تصريحات صحفية نهاية الأسبوع المنصرم " الولاياتالمتحدةالأمريكية هي أكبر دولة تقدم مساعدات إنسانية للسودان بدعم سنوى يصل إلى نحو 250 مليون دولار، عبر منظمات الأممالمتحدة والمنظمات الطوعية، على الرغم من وجود العقوبات على السودان ".. تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي تؤكد أن الولاياتالمتحدة تنوي المضي قدماً في ذات الرؤية القديمة والتي تحصر الدور الأمريكي في رعاية مفاوضات السلام بين حكومة الإنقاذ والحركات المسلحة وتقديم الإغاثات ومن ثم الحديث عن الدولارات الأمريكية في مساعدة السودانيين وهذا يعني بكل بساطة أن تجلس حكومة الإنقاذ وتعقد الصفقات والاتفاقيات وتظل الحرب مشتعلة وأمريكا تطعم سكان المعسكرات دون أن تسأل نفسها إلي متي سيظل هؤلاء البسطاء في معسكرات النزوح ولماذا ترفض أمريكا النظر إلي الأزمة السودانية من زاوية أكثرشمولاً وتعيد ترتيب أوراقها التي تطيل من عمر الأزمة وتكتب عمر إضافي لحكومة الإنقاذ. ويأتي مبعوث أمريكي جديد ولاجديد في السودان غير تزايد الكوارث وتطاول أمد الحروب الأهلية والأوضاع في دارفور تتدهور وموجة جديدة من الصراعات القبلية وتقف قوة حفظ السلام الإفريقية مكتوفة الأيدي وتصرف الحكومة مايزيد عن نسبة70 % من الميزانية علي الأمن والدفاع واكثر من 46% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر حسب الأرقام الرسمية غير أن الكثير من المنظمات الدولية تري أن الرقم لايعكس واقع الحال وأن الصحيح أن أكثر من 90 % من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر وفقد السودان ربع إجمالي عدد سكانه وخسر ثلث مساحته تحت (دعاوي السلام)- وبرعاية أمريكية - ولم يجد السلام و خصمت الحرب الأهلية 38 عامًا من سنوات استقلال السودان البالغة هذا العام 57 عامًا، والشعب السوداني يترقب زيادة أسعار السلع والمحروقات تحت مسمي ( رفع الدعم) والآسر تشد أحزمتها علي البطون والأجساد الناحلة والأرقام الأمريكية عن دعم الشعب السودان أصبحت نظرية بلا سيقان وتري بلاعيون وفي واقع هكذا متردي ماذا يحمل المبعوث الأمريكي لعموم أهل السودان؟ وإلي أين تمضي العلاقات الأمريكية السودانية؟ وماهي المحصلة النهائية للتعاون الإنقاذي الأمريكي في مكافحة الإرهاب هذه الأسئلة وغيرها تظل حاضرة في هذا الملف الشائك والذي لم تتنزل منه حتي الآن أي فوائد حقيقية لعموم أهل السودان و(الشعب السوداني)..!! [email protected]