بسم الله الرحمن الرحيم مؤتمر البجا الذكرى الخامسة والخمسون أن حتمية التاريخ وإستيعاب دروسه تدفع بحركة الإنسان الى مواقع متقدمة في صراعة نحو موقعه الطبيعي في السيادة على أرضه وفي حقه في ممارسة السلطة وفي إحتلال مكانتها بحرية وكرامة فوق أرضه وتحت سمائه. للحقيقة والتاريخ أنني على قناعة تامة بعد مضي خمسة وخمسون عاماً منذ إنعقاد مؤتمر البجا التأريخي في النصف الأول من أكتوبر 1958م بقيادة الشهيد الدكتور طه عثمان محمد بليه ، أن إنعقاده شكل تفاعلاً داخلياً لملأ الفراغ في صدام مع الذين ما فتئوا يخترقون جذور وحدته في دعوة الى إختصار الزمن وتعبئة الأمة حتى تأخذ بذمام الأمور على أرضها وتحت سمائها وممارسة حقها ونقاش كل القضايا الحياتيه المعاشة لأن السياسات المعاشة والمطروحة عبارة عن نماذج لا روح فيها وما على الأمة أن تعبر عن أمانيها وأن تحكم نفسها دون قيود ووصاية أو هيمنة من أحد ... أن الأمر يومئذ تمكين الأمة للتعبير عن تطلعاتها وأمانيها مباشرة وأن تصدر قراراتها وتضع برامجها وفق ما تراه لنفسها وتدين العلاقات الظالمة وإيجاد العلاقات العادلة البديلة عنها ، لأن البقاء أسفل القاعدة مطحونة مسحوقة يزيد من الإستخفاف بها لأن النظم الحاكمة في وادي تنفذ ما بدى لها وقضايا الناس في وادٍ آخر.. وللحقيقة والتاريخ لقد ظلت فعاليات الأمة المعنوية في حركة دؤوب عبر سلسلة من الإنتفاضات وتصاعد المقاومة عبر رحم نضالي هائل بإفشال فاعلية المربع الإنجليزي الشهير رغم قوته الجبارة التي إستعمرت الكثير من بلدان العالم وطرد المستعمر الغازي من البلاد بقيادة القائد الفذ الشهيد عثمان أبوبكر دقنه لتبقى تضحيات الفزي وزي الجانب الأكثر عمقاً في ضمير هذه الأمة مروراً بإنعقاد مؤتمرها التأريخي في أكتوبر من العام 1958م ليرتبط الوعي بالعقل يفعل النضال السري تحت راوية الحركة الثورية لمؤتمر البجا في نهاية العام 1989 وبداية العام 1990م من نقاط الإرتكاز صانعة لأفاق قادرة على المقاومة .. فكان التحول في طبيعة العمل السري بوضع الحلول الغير تقليدية بحمل السلاح في العام 1994م .. طاقة داخلية ذاتية تعاظم وجودها في صراعها مع خصمها الذي ساد وهمش لعقود طويلة .. وأمام الثقل الذي يتحمله كاهل البجا الناتج من السياسات الخاطئة من إستبداد وظلم تخرج البجا في سلسلة مظاهرات بهدف تحريك الإعتراف السياسي لقيادة الكفاح المسلح وإنعاش قنوات الحوار وإتخاذ إجراءات سياسية وإقتصادية وإجتماعية جذرية مما أربك الزمن السياسي للدولة وإثر المماطلة والخداع للإستجابة لمطالبها المشروعة لم تجد بداً من الخروج الى الشارع في إنتفاضة حضارية في يناير 2005م ويومئذ لم يتواني النظام التدخل بمليشياته العسكرية وإستعمال الآليات العسكرية الثقيلة والرصاص الحي الأمر الذي خلف العديد من الضحايا .. شهداء ومعوقين وجرحى وأرامل وأيتام وإعتقالات ... جريمة حرب ترفضها شريعة السماء وتتنافى مع قوانين وحقوق الإنسان الوضعية .. في شئ من الموضوعية ... فلنحاول نحن البجا أن نصل الى من هو المستفيذ من هدم جدرانها المترابطة بعلاقات طبيعية بيئة وتراثاً وثقافياً ؟ .. وما هي الأهداف الحثيثة من وراء إحداث شروخ داخل الوحدة الإجتماعية وما الغاية وراء كل ذلك بالرغم أن هذه الأمة من أكثر المجتعات تماسكاً بنيوي ومن المفترض أن لا سبيل لأصحاب النوايا الهدامة أن لا تجد له أي نافذة تحقق له ما يريد وتقربه من أهدافه وتشكل له الاندفاع من خلالها نحو غاياته حتى يظل مفرغاً من أي فاعالية مادية أو معنوية ليتسنى لها أن تعربد كما تشاء دون خوفة لائم ... إن التاريخ قد سجل أيضاً كيف تسرق الإنتصارات وكيف تسلب مكاسبها دون حماية وكيف تراق أرادتها رغم تضحياتها الجمة ونضالاتها وملاحمها وكفى مهزلة إتفاقية الإستسلام التي حاكت خيوطها الخرطوم وأسمرا مؤامرة أريد بها حجب ضياء الحرية والكرامة ليمضي ليل الظلم سرمداً الى ما لانهاية .. إنني على يقين تام أن أمة البجا قد قطعت شوطاً بعيداً وأن الوعي بلغ شأواً بعيداً لديها ويقيني أنها ستكسر به حاجز الدائرة المغلقة تفاعلاً نحو الأفضل بالشكل الحضاري الذي سينحي أمامه مدعو الحضارة الغائبة الذي حكموا البلاد بالتضليل والخداع وإرهاب الدبابة والبندقية عقوداً طويلة وعملوا على أن تكون هذه الأمة مطيتهم الدائمة لتحقيق بغيتهم في السلطة والثروة .. ولأنها تستلهم التاريخ من ثوراتها المتلاحقة حتى تنطلق الى مجال الإبداع والعطاء لتسرم بنفسها ولنفسها الوجه المشرق تمحو سرمدة الظلم وتضيء ضياء الحق .. عاشت أمة البجا عزيزة مكرمة وأحي صمود وكفاح المناضلين في الداخل وفي الخارج بقيادة الدكتور محمد أبو آمنة والقائد محمد طاهر أبوبكر الذي أسس وقاد الكفاح المسلح في العام 1994م والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .. والعار العار للجبناء والخونة ... إبراهيم طه إبراهيم (بليه) 10/10/2013م