مدخل ...... الكون كله قائم على نظرية الصراع فالبذرة تصارع الأرض حتى تجد منفذا من خلال الأرض تنطلق به إلى مرحلة الإنتاج والعطاء . والجنين يصارع كي يخرج إلى الوجود ومن ثم يكدح في الحياة ويبذل في العطاء حتى يلقى ربه حتى عالم الأفكار فالفكرة تصارع من أجل أن تكون حقيقة منذ لحظة ميلادها. والصراع دائما يكون من اجل الحصول على الحرية لتكون قاعدة انطلاق نحو الأفضل ونتائج الصراعات دائما ما تكون بداية لروح بناء تخدم الوجود في ظل الحرية التي ينشدها الكل قال تعالى (انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) وقال أيضا ( ولولا دفع الله الناس بعضهم بعضا لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله ( وهذا شئ متفق عليه ولكن تبقى المفارقة في اختيار الأسلوب الأنسب هل سيكون صراعا مسلحا البتة أم فكريا أم غير ذلك . دور الحرية في سلوك الكائن الأخلاقي (الإنسان: لم يكن الإنسان موجودا أخلاقيا إلا لأنه كائن عاقل يملك من (الفكر ) و (الإرادة ) ما يستطيع معه تجاوز ((مستوى الغريزة)) والتسامي إلى مستوى (( السلوك الأخلاقي الحر) . والحق يقال أن ما نسميه الخير إنما هو عملية جهد( حر) يقوم به الإنسان بالبحث عن (القيم) بوصفها غايات ولا يمكن أن يكون هناك قهر أو إكراه على فعل الخير فلابد من وجود فكر وإرادة .وفي ظل انعدام الحرية تنعدم الإرادة وينعدم الفكر إلى مستوى خطير فتنحط حياة الإنسان إلى حياة أشبه ما تكون بالحياة البهيمية لا فكر فيها ولا إرادة ولذلك كل المجتمعات تنشد الحرية وهي حق إنساني مكفول في كل الأديان والشرائع ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى ...الخ) فالنية هنا إنما فكر وإرادة لتحقيق غاية ولسيدنا عمر رضي الله عنه مقولة عظيمة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) والحديث الذي يدور عن حرية الاقتصاد أو ما يعرف بالتحرير الاقتصادي يكون حديثا فارغا من المحتوى إذا لم تكن هناك حرية أخلاقية حقيقة تسموا بالإنسان إلى تحقيق الخير لمجتمعه وبلاده 0فالحرية خير للحاكم وخير للمحكوم ولكن من يعي هذا من الساسة الذين لا همّ لهم إلا إخراج الإنسان الكائن الأخلاقي من جلباب الإنسانية إلى فضاء الحيوانية التي يبقى فيها الضعيف مأكولا والقوى اكلا . الإنسان كمخلوق يختلف عن بقية الكائنات بأن له سمة الإدراك فلذلك تجده يخطط لمستقبله على المستوى الفردي أو لجماعته أو لامته تمهيدا لمقبل الأيام بخطوات مدروسة تبين بجلاء الخسائر والأرباح المتوقعة ومدى جدوى تلك الخطوات. قد نجد هذا على مستوى اقتصاد الأسرة أو الفرد ولكن على مستوى الدولة صحيح أنه تعقد الندوات والمؤتمرات الاقتصادية وتوضع الموازنة السنوية للدولة ولكن عند أول ثلاثة أشهر يتبين مدى الفرق بين التقديرات والواقع وتختل الموازنة فتدخل الدولة في أزمة سياسية واقتصادية قد يكون الفشل بسبب اللصوص والنهابين الذين ينهبون من خزينة الدولة أو قد يكون بسبب سوء التخطيط ولذلك تحميل الفشل لوزير أو مسئول بعينه شئ يجانبه الصواب ولكن الأزمة في البداية هي أزمة أخلاق تعتري النظام بأكمله . أما على مستوى السياسة فلا أظن هناك بناء استراتيجي واضح للدولة في سياستها الداخلية والخارجية لأن مفهوم السياسة عندنا نحن السودانيون مفهوم عقيم جدا فالسياسي عندنا حسب ما ترسخ عندنا هو ذلك المحتال والكذاب الذي يوعد ولايفي وهو ذلك الثعلب الماكر الذي يدير الأزمات السياسية لصالح جماعته أو حزبه بينما الأصل ليس كذلك والسياسي عندنا كذلك الذي يدبر المؤامرات ضد خصومه السياسيين وكل ذلك لمصلح حزبه السياسي . فلذلك تجد الفشل السياسي ملازم لكل الجماعات والأحزاب في السودان لأن هناك حلقة مفقودة في فهمهم للسياسة لأنهم نسوا أهم ركن في السياسة وهو المواطن صحيح عندما تقرأ منفستو أي حزب تجد مساحة مقدرة للمواطن والحرية والديمقراطية ولكن الواقع والممارسة شئ آخر فأصبح المواطن مطيه للحكومة ومطيه للمعارضة لتحقيق أهدافهم الخاصة والغير معلنة فمن الطبيعي أن تدخل الجبهة الثورية وتجتاح المدن فتقتل الأبرياء والعزل ويغادروا أو يطردوا وتدخل الجيوش الحكومية وتمارس أيضا قتل الآمنين تحت ذريعة تطهير البلدة من الخونة والمارقين فهذا شئ يحير العقل تأخذ من المعارضة عكاز ومن الحكومة عكازين فالمواطن هو الذي يدفع فاتورة الحرب اللعينة بدون أي فائدة تجنى والتاريخ يحدث عن نفسه والمسيرة الإنسانية حافلة بكثير من الشواهد والقرائن ولكن من يدرس التاريخ بمفهوم أن التاريخ ملهم وان التاريخ مادة لمراجعة مسيرة التخطيط الإنسانية ومادة مراجعة للواقع السياسي الحاضر والمستقبل وبمنتهى الصراحة درسنا التاريخ في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية بفهم انه قصص والسلام لم يكن هناك في المناهج الدراسية أي رابط بين أحداث التاريخ القديمة والواقع ((((((سنواصل إن شاء الله في الإجابة على التساؤل ). [email protected]