دارفور والإنقاذ سنوات من الدماء والدمار: 24 عام من عمر الإنقاذ: تعني لسكان دارفور 10 أعوام من التهميش والإقصاء المتعمد .. و 14 عام من الدماء والقتل وعدم الأمن والتشرد والنزوح والدمار والحصار الاقتصادي المعلن لكافة مدن دارفور .. وسياسات ممنهجة لإفقار بنّيها اقتصادياً .. ووضع صحي يحصد العشرات من الذين لم تطالهم آلة الحرب العسكرية وأيادي مليشيات الجنجويد الملوثة بدماء الأبرياء .. وأمية تستشرى عاماً بعد عام نتيجة ذاك الدمار الذي طال البنية التحتية للمؤسسات التعليمية .. ومخططات لتفكيك البنية الاجتماعية لدارفور وإعادة بناءه بناءً على أحلام الحركة الإسلامية ومشروعها الحضاري .. دارفور والإنقاذ جرائم إبادة جماعية حركت كل العالم إنسانيا, وقد شابهت في بشاعتها مجازر النازية والهلوكوست .. وحرائق طالت المئات من القرى وقد خلفت وراءها هكتارات من الأراضي المحروقة تعكس حجم ما فعلته نيران الطائرات العسكرية وحرائق الجنجويد في تلك القرى والأرياف .. وحتى المدن في دارفور زُرعت شوارعها رعباً وفزعاً, حيث تفاصيل كل يوم هناك تصلح كسيناريو لفلم اكشن عالي الإثارة والرعب, فنيالا والجنينة والفاشر وزالنجى مدن شهرتها وصلت العالمية بحكاويها المرعبة التي تشابه ما يروى عن شيكاغو الأمريكية .. وصنفت مشكلة دارفور عالمياً كواحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية خلال القرن الحالي, فصورها المأساوية طافت كل فضاءات العالم ووثقت لها أجهزة الأعلام العالمية ورفضها الأعلام المحلي بدعاوي انه صراع قبلي همجي بين مجموعة من الجهلة لا يستحق الاهتمام, وهذا ما صوره الأعلام المحلي عن مشاكل دارفور مجرد صراعات قبلية بين الاثنيات الأفريقية والعربية, وصدق الشعب السوداني الطيب لحد السذاجة ما روج له أعلام حكومة الإنقاذ .. وبعد 24 عاماً ثقالاً وعجافاً مر على السودان وأهله في ظل هذا النظام .. وبعد تلك الأيام الدموية التي عاشها الشعب السوداني في عاصمته الخرطوم في أحداث سبتمبر الأخيرة من هذا العام .. فقد رأى الكل في الخرطوم الآمنة وبأعينهم كيف تتصرف حكومة الإنقاذ مع كل من يقف في وجه سياساتها الخرقاء وكل من يقول لا في وجهها الكالح وكل من لا ترضى عنه .. وكل من يصنف عندها تحت بند المغضوب عليهم .. فالآن فقط يمكن ان يصدق الشعب السوداني تلك الإحصاءات التي خلفتها 14 عام من الحروبات في دارفور والتي أنكرتها حكومة الإنقاذ وصدقها الشعب السوداني الطيب في دعاويها تلك .. والآن يمكن ان يعيد هذا الشعب قراءة هذه الإحصاءات ليرى مدى فظاعة تلك الجرائم وبشاعة الصورة والمنظر الذي رسمته حكومة الإنقاذ في تراب تلك الولاية المغضوبة عليها من الإنقاذيين وليرى حجم الألم الذي عاشه ويعيشه إنسان هذا الجزء من السودان من جراء فعل سياسات هذه الحكومة (الدراكولا) .. 300 الف ويزيد من القتلى .. 2 مليون لاجئ في دول الجوار .. مليون ونصف نازح ومشرد في معسكرات النزوح الداخلية .. 300 ألف قرية مدمرة بالكامل .. آلاف المزارع والبساتين المحروقة .. الهكتارات من الأراضي الزراعية الخصبة التي لا يمكن زراعتها بسبب نيران مليشيات الجنجويد .. مما يعني خروج معظم ولايات دارفور من دائرة الإنتاج .. تعرض اكثر من 50% من الثروة الحيوانية بدارفور للنهب والسرقة .. دمار تام لكل المقومات والبنيات التعليمية, لتتصدر دارفور إحصائيات نسبة الأمية في السودان .. تهتك تام للنسيج الاجتماعي لكل المكونات الاثنية بدارفور .. المئات من جرائم النهب والاغتصاب الموثقة في دفاتر الشرطة وآلاف أخرى مسكوت عنها.. أعلى نسبة وفيات أطفال في كل السودان .. وضع صحي يحصد يومياً العشرات من الأرواح في معسكرات النزوح وكل مدن دارفور ... وخلاصة القول إن حجم الدمار بلغ أكثر من 70% من مجمل مكونات ولايات دارفور .. وما تبقى معقوداً بقائه على تصاريف الزمن .. 24 عام من عمر الإنقاذ رواية كتبت فصولها بمداد الألم والمعاناة وضمت بين طياتها صوراً من التراجيديا والحزن الذي لا يرحل .. دارفور والإنقاذ 24 سنة من الدماء والدمار وفصولاً من المعاناة الممتدة. عماد يعقوب [email protected]