بعد طول انتظار من الشارع السوداني لماهية التغيرات في كابينة القيادة سواء داخل او البرلمان او الوزارات التي تنوي حكومة الرئيس البشر الدفع بها أخيرا أنيط اللثام عنها بعد اعتماد المؤتمر الوطني التشكيلة الجديدة للحكومة والتي جاءت الفريق بكري نائب أول بديلا لطه وحسبو عبد الرحمن نائب ثاني بديلا للحاج ادم وتعيين الفاتح عز الدين رئيس للبرلمان وبشري نائب له. كما تم تعيين وجوه جديدة للداخلية والمالية والزراعة بدلا من الوجوه القديمة ولم يتم البت بعد في بعض الوزارات كالدفاع حتى كتابة السطور. حسنا الآن شكل السيد الرئيس طاقم الحكومة الجديدة التي كانت جموع الشعب السوداني تأمل في إحداث تغيير اشمل يجمع كافة ألوان الطيف السياسي بالبلاد ولكن يبدو ان حزب المؤتمر الوطني لا تتوفر عنده الإرادة الحقيقية في القيام بهكذا مهمة ودوما ما يضيق صدره بالآخرين الذين ربما يزاحمونه في إدارة دفة البلاد. معلوم ان المهمة التي تنتظر الحكومة المشكلة حديثا ليست سهلة بل هي من الصعوبة بمكان لان هذه الحكومة سترث حملا ثقيلا من المشاكل والهموم الداخلية التي تحيط بالبلاد وقضايا دولية بالغة التعقيد في العلاقات مع دول الجوار والعالم. ففي الداخل ورثت الحكومة الجديدة اكبر قضايا تهدد البلاد في الوقت الراهن وهي قضية دارفور التي مازالت تراوح مكانها قيد أنملة. اذ ان الصراع في هذا الإقليم المضطرب يتفاقم يوما بعد يوما المتمثل في القتال الدائر بين الحومة وازرعها علي الأرض وبين الجماعات المسلحة التي تتكاثر كل يوم. والخطير في الأمر وعلي رأي المثل (النار من مستصغر الشرر) ففشل النظام في إنهاء حرب دارفور عجل بانتقال الصراع المسلح بصورة عنيفة إلي أراضي كردفان الغرة التي ما عرفت يوما سماع لدوي الرصاص إلي عبر زغاريد الفرح ومناسبات قدوم الأعياد ولكن اليوم وللأسف ما يسمون بالجنجويد وهم من ازرع الحكومة ومناصريها في حربها ضد جماعات دارفور المسلحة يستبيحون مدينة الأبيض ويروعون أهلها الآمنين ويدخلون مدينة ابوزبد في ولاية غرب كردفان ويثيرون الفزع والخوف بين أهلها.. إنها سياسة النظام الرعناء التي قادت الي انتشار النيران في كثير من مناطق السودان التي لم تعرف يوما نزاعا ولا سماع دوي للمدافع ولكن! وكذلك داخليا ورثت الحكومة المشكلة حديثا قضية منطقة جنوب كرفان والحرب الدائرة والمستعرة ليل نهار في مدنها وبواديها. فخلل اتفاقية نيفاشا والخطأ الذي ارتكبوه مهندسوها فتح شهية الانفصال لبعض مناطق السودان الشمالي وجنوب كرفان والنيل الأزرق (نموذجا وشاهدا علي ذلك). اما خارجيا ورث الفريق الحكومي الجديد تركة مثقلة بسوء التفاهم وتوتر علاقات السودان مع بعض دول الجوار ودولة مصر خير مثال لذلك. والمتتبع لصحف مصر هذه الأيام يقرأ فيها مناداة بعض مثقفي مصر للفريق السيسي وزير الدفاع المصري بالتعامل بحزم مع سودان البشير كما أطلقوا عليه مؤخرا في إشارة للتفاهم الأخير ما بين السودان ودولة أثيوبيا فيما يتعلق بالسدود. اذ شعرت مصر ان السودان مهدد لأمنها القومي من خلال وقوفه مع دولة أثيوبيا وتقليص حصة مصر في مياه النيل. ثانيا علاقة السودان بالسعودية شابها بعض الفتور مع العلم ان السعودية قدمت الكثير للسودان في شتي المجالات خاصة في أوقات الكوارث والمحن التي ألمت به من فيضانات غيرها. ومن نافلة القول ان توجه السودان لإقامة علاقات وطيدة مع دولة إيران ووجود بعض مصانع إيرانية في السودان اثأر حفيظة السعودية وذلك نسبة لحساسية علاقة السعودية مع دولي إيران خاصة في برنامجها النووي وشعور المملكة بان هذا البرنامج مهدد لأمنها القومي. وكذلك لتدخل ايران المباشر في الملف السوري المتشابك. كذلك علاقة السودان مع دولة الإمارات لم تكن هي الاخري بأحسن الأحوال بل فيها الكثير من الفتور وما رأيناه من نقل القنوات الإماراتية للمظاهرات الأخيرة التي جرت في الخرطوم أدبان إعلان الزيادة في الأسعار. وهذا ما اغضب حكومة الخرطوم مما دفع بغندور يغرد في حسابه علي موقع توتير بكلمات ضد دولة الإمارات مغازلا لها بدولة ايران. عموما مهمة الفريق الإنقاذي الجديد صعبة للغاية ومخطئ منهم من ظن أنها مهمة سهلة! أما نحن جموع الشعب السوداني فيبدو أننا سئمنا وهرمنا من هكذا حكومة وتغييرات ولا نرجو منها أن تخرج بنا إلي بر الأمان فالمخرج من عند الله جل وعلا. فإذا كانت سابقتها بقيادة مهندسين محترفين علي رأسهم علي عثمان طه قد فشلت فشلا مدويا في العبور بالبلاد إلي الأمن والأمان فكيف بحكومة في طور التجريب والاختبار!؟ شباب وشيوخ ربما لم يكن لهم الدراية الكافية في القيادة! السودان لاشك وشخصي لست متشائما بقدر ما هي قراءة تحليلية لمآلات الأحداث من حولي انه مقبل علي أوقات عصيبة (Hard Times) خاصة في ظل تنامي الولاء القبلي والجهوي والعنصري بدل الوطن. وكذلك استمرار القتال في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ورهان الحكومة في الحل العسكري الذي في نظري اثبت فشله تماما (تجربة جنوب السودان خير مثال لذلك) فبدلا من فعل ما في الوسع لإعلاء أدب الحوار والجلوس للتفاوض لإيجاد مخرج لهذه الورطة نجد كل من النظام والحركات المسلحة يحشدون الجيوش واليات القتل لحسم المعركة عسكريا وهذا غير ممكن البتة فكيف إذا بدولة مثل أمريكا!! تعلن فشلها في أفغانستان وتعجل بإعادة قواتها. فهل ننجح نحن في السودان البلد الذي يقبع في غارة حيث الجهل والمرض والحروب والفساد وعدم المحسوبية والدكتاتورة والانفراد بالحكم! هل ننجح نحن في السودان في إنهاء مثل هكذا تمرد..!!؟ قابلات الايام كفيلة بالاجابة! مواصل.. [email protected]