موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    نهب أكثر من 45 الف جوال سماد بمشروع الجزيرة    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    ابتسامات البرهان والمبعوث الروسي .. ما القصة؟    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين خوجلي ثعلب الإنقاذ الماكر
نشر في الراكوبة يوم 15 - 12 - 2013


الشاعر
حسين حرباء حوجلي
استمعت عدة مرات لبرنامج صاحب قناة أم درمان وصحيفة ألوان حيث كان اختياره لاسمها موفقا ليتسق مع طبيعة الرجل الحرباء الذي يلبس لكل حالة لبوسها كما يغير كل يوم لون جلبابه ورغم أنني فهمت أن الرجل يبشر بما يشبه " السودان الجديد " وهي فكرة سرقها كما سرق كل شيء ليدعو لحزب السودان إلا أنه لم يستطع أن يخفي معالم طبيعته الحربائية المتلونة فهو يهاجم ويسخر من دولة عاش ربع قرن يبشر بها وربع قرن آخر يدافع عنها بالباطل " قديمة يا حسحس نحنا ما عندنا قنابير " وهو رغم هذا النقد الحاد المتصنع لا يخفي محبته لعرّاب الإنقاذ وغريمها وضرتها د. حسن الترابي الذي لم يبق له إلا أن يجعله نبيا بل وأكثر حين قال إن الترابي جدير بأن يحكم العالم !! وقد جربنا " بلاويه " لعشر سنوات قبل الفصال والفطام فما كان فيها سوى حفلات التعذيب في بيوت الأشباح وحظر التجول لخمس سنوات حسوما وقتل الضباط ليلة عيد الفطر بما لا يتواءم مع دين ولا خلق ولا فطرة سليمة والفصل من الخدمة للصالح العام وتجييش صغار الطلاب غصبا حتى " وقعوا البحر " ودفع بهم في معركة دينية خاسرة وكلما جاءته دفعة من القتلى ذهب في زفة من بكاسي جوالات السكر ليهنئ أسرهم ويزفهم على الحور العين ثم ما لبث أن تنكر لكل ذلك ليعلن موتهم " فطايس " ثم بلغ به الأمر أن تآمر على من تآمروا معه يوما حتى تآمروا عليه وأطاحوا به والغريب أن حسين وبرنامجه لم يظهر إلا في بيعة "المؤامرة الثانية" التي أطاحت بمن تآمر على الترابي .. وكان حسين ألوان من المدافعين عن كل ذلك السوء والضالعين فيه والموغلين في دماء الناس وأعراضهم سخرية وسخفا وقذفا وهاهو يظهر علينا " حملا " وديعا .. كل يوم هو في جلباب وكل يوم هو برأي يخالف ما قاله أمس في سذاجة تصل حد البلاهة حين يختصر حلول مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة وعويصة في عبارات بائسة ليصدقه من لا عقل له ثم يزعم أن الأسر تتحلق حول التلفزيون للاستماع له ومن ثم يثيرون حوارا حول ما قال ، وهاهو عبقري زمانه ومسيح عهده يؤكد على الحلول البلهاء بأنه سوف " يعرس لكل الشباب ويزرع كل الأراضي البور ويقيل عثرة ستات الشاي ويعيد أخلاق المجتمع التي فقده بسبب نظام شارك في صنعه وغير ذلك من الضلالات والتهويمات الخيالية " ولا أجد لبرنامجه شبها إلا بلغز كنا نُسأل عنه صغارا " عمتي من هولا وجولا .. حتى الملوك عقلولا / جلسوا لها " ما هي ؟ والإجابة " المريسة " وهي للجيل الجديد مشروب محلي مسكر " وكذلك هو أشبه بتوفيق عكاشة صاحب قناة الفراعين حيث كل منهما يفعل في قناته ما شاء ويلقي بالنصائح والشتائم دون أن يعترضه أحد سوى سكرتيرة تمتدح صنيعه ( شكارتها .. دلاكتها ) ..
وحسين لا يوزع على مستمعيه سوى ما تبقى في قعر جردل مريسة الإنقاذ .. ليغيب عقول البسطاء ويلهب أحلام من لا حلوم لهم ..
ثم استمعت إليه وهو يتحدث باستعلاء واستعداء واستهانة لمصر في واقعة قتل سودانيين دخلوا حدودها وهو أمر لا يقبله سوداني أيا كانت مسبباته بالطبع إلا أن الغضبة المضرية التي أبداها حسين وجعل بسببها يجتر التاريخ ليحدثنا أن عبد الله خليل جيش الجيوش و( جاب نخرة عبد الناصر في الواطة ) .. تدل على سذاجة من يزعم أنه يريد أن يكون زعيما لحزب .. فالحادثة لا معلومات حولها حتى الآن ويتحملها نظامك الذي " طفّش " أبناءه في أصقاع الدنيا فصاروا يفضلون المخاطرة بحياتهم وبيع معتقدهم والذهاب لإسرائيل أو تورا بورا على أن يبقوا في بلد لا يعرف فيها النعمة إلا حسين وأصحابه ! ثم أن السودانيين ليسوا كلهم ملائكة وخاصة من لهم من فكركم المريض نصيب فمنهم من ينتمي للقاعدة ومنهم من تآمر على أريتريا حتى سلمت سفارتكم للمعارضة ومنهم بلسان تفاخر دولتكم من قاتل في صفوف ثوار ليبيا ومنهم من هو متهم بإثارة القلاقل في أفريقيا الوسطى مؤخرا ومنهم من كاد يدخل قصر الرئاسة في تشاد حتى ردت لكم تشاد الصاع صاعين بدخول أم درمان جهارا نهارا ومنهم من يهرب السلاح لحماس ومنهم من لهم علاقات صلة بحركات متطرفة في سيناء والنظام الحالي في مصر ( رغم معارضتي له ) فهو يعيش حالة من الرعب ، يحسبون كل صيحة عليهم العدو ولذلك لا يأمن أن تصدروا له الإرهاب مساندة لإخوان مصر .. والصحيح أن يصمت حسين حتى يتبين الخيط الأبيض من الأسود .. وما لنا نذهب بعيدا فإن الرعب الذي سيطر على قوات نظامك جعلهم يقصفون جنودا تابعين لهم في جنوب كردفان قبل أسابيع .. نقول كل ذلك وقد استعرض حسين بعنتريات ما قتلت ذبابة .. وبدلا من تهديد مصر بالحرب كان عليه أن يسأل نظامه ماذا فعل وإسرائيل تستهدف سودانيين داخل الأراضي السودانية ثلاث مرات ؟ بل وتدك اليرموك حتى " وقع الناس البحر " ولو كان حسين قريبا من الموقع لهرب بلا سروال كما فعل من هم أشجع منه وأثبت.. ووزير دفاع نظامه يغط في نوم عميق ووالي ولايته يحدث الناس عن " تماس كهربائي" !!
يحدث حسين الناس بشجاعة مفرطة عن حلايب ولكن لا يحدثهم عمن فرّط فيها وهو نظامه فقد كانت حلايب سودانية صرفة ومن المسكوت عنه منذ الخمسينيات حتى أقدم نظامكم على التآمر الأحمق لقتل الرئيس السابق مبارك ( أحيلك هنا إلى ما كتبه المرحوم محمد طه محمد أحمد واتهامه صراحة للدكتور نافع على نافع وإلى تصريحات الترابي واتهامه لرأس النظام بالضلوع فيها ) مع أنني أميل إلى أن الأجهزة التي نفذت المؤامرة نفذتها دون علم الرئاسة ويومها تحركت مصر انتقاما وقتلت عددا من " جنود الشرطة السودانيين" ووضعت يدها عنوة على الأرض وأحدثت تعديلات إدارية كبيرة ومنعت نظامك من أن " يتبول " فيها وأتحداك أن تثبت أن نظامك استطاع أن يقيم فيها الانتخابات؟؟ ومع ذلك تفاخر بموقف عبد الله خليل ويرتد بصرك خاسئا وهو حسير من أن يرى ما فعل نظام البشير الذي أنت جزء منه !! بل نذكّر حسين وهو يرفع عقيرته بالتهديد والوعيد لمن دخل بلادا غير بلاده وبصورة لا نعلمها في ظروف لا نعلمها ويسأل المصريين " تكتلوهم ليه ؟ هم كويس مشوا مصر ! تعتقلوهم .. تحاصروهم .. لكن تكتلوهم ؟ ؟ " يا سلام .. لله درك .. لكن حسين هو وقناته صمت صمْت القبور ورصاص حكومته يبيد أطفال المدارس في انتفاضة سبتمبر على بعد أمتار منه دون أن يسأل حسين جنود الإنقاذ وجلاوذة النظام " كتلتوهم ليه ؟ " قاتلك الله يا حسين وأصحابك أنى تؤفكون ! بل عرض حسين دجل حكومته وصورها المفبركة وادعاءاتها الباطلة على صبية من " غرب السودان " كانت جريرتهم بسبب سحنتهم وألوانهم لا غير !!
وكذلك استحى المنبطح حسين أن يحدثنا عمّن فرط في ثلث مساحة السودان حيث لم ينتصر لا حربا ولا سلما فذهب لنيفاشا صاغرا وحسين أحد حضورها وشهودها وهي الاتفاقية الوحيدة عبر التاريخ حسب علمي ، التي يكسب فيها طرف واحد كل شيء ويخسر فيها الطرف الآخر كل شي ء الأرض والثروة والأمن والسلام ومع ذلك تحدثنا عن ذكاء الترابي وتلاميذه ؟!!
لقد كان من حسن الطالع أن السيد عبد الله خليل وجد زعيما مثل عبد الناصر لم يتردد في التوقيع على حق تقرير المصير للسودان كله بالمليون ميل مربع ليأتي مثلك ليزعم أنه تراجع خوفا عن أمتار كان يمكن أن تؤدي لصراع مع وطن عظيم يعتبر عمقا لمصر وفيه " حزب اتحادي " كبير أسس على المطالبة بالوحدة بين شعبي وادي النيل ثم وهو الرجل الذي ينادي بالوحدة العربية لا يمكن أن يرتكب حماقة حرب حول قطعة أرض هي جزء من وطن يحلم به غير مأهولة ولا عرفت الثروات آنذاك ثم كان ببعد نظره وثاقب بصيرته يطلب ما هو أبعد من ذلك وهو إنشاء السد العالي الذي لولاه لما وجدت مصر مكانا تتمدد فيه طوعا أو كرها أو هجرة سوى السودان ومن ثم كان السد أمانا للسودان من تدافع الملايين إليه بعد أن صنع أمانا لشعب مصر من الجدب والمسغبة .
وقضية حلايب قضية مثلها مثل كل مشكلات الحدود بين معظم دول العالم ستحل يوما ولكل طرف ما يدعم به مزاعمه وحتى لا يهرف حسين بما لا يعرف ويخوض مع الخائضين أحيله إلى كتاب بعنوان " الحدود السودانية المصرية عبر التاريخ " وهو ما جاء في ندوة قدم فيها علماء متخصصون شرحا وافيا للمشكلة عبر التاريخ وشارك فيها السيد الصادق المهدي وقد تجد الكتاب عنده وبهذا فنحن سنظل نطالب بها أو نتحاور حولها حتى يأتي الوقت الذي تحل فيه لا أن نشعل حولها حربا وإلا فعليكم أن " تشدوا خيلكم للمغارة " على الفشقة وأبيي وأفريقيا الوسطى والعوينات وغيرها ..
ثم يا حسين أراك تعلن الحرب وقد خبرتها مع نظامك .. لكن قل لي كيف تحارب جيش مصر الذي يملك خمسمائة طائرة " وهو جيش نحن ندخره لنحارب به ومعه لا لنحاربه " وجيشك يا حسين تطير طائراته وهي بعدد الأصابع ثم لا تهبط إلا ركاما من تلقاء نفسها دون أن يتعرض لها عدو ، ورادارات نظامك يا حسين لا تعرف حتى اليوم إن كان مصنع الشفاء قد قصفته طائرات أم صواريخ توماهوك .. وتنفجر اليرموك ويحدثون الناس صبيحة اليوم التالي عن هجوم بعد أن يغيروا أقوالهم عن حريق الكهرباء! العالم تغير يا حسين وبغداد دخلها تتار العصر ولم يسقط لهم حتى دخلوها سوى مائتين جندي فقط .. فلا تحدثنا عن الحرب إذ لا قدرة لكم عليها ولا قبل لكم بها.
والغريب أن الحسين المنبطح كان قبلها بيوم واحد يوصي النظام بالتنازل عن شعار " أمريكا .. روسيا دنا عذابها " وأن يفعل ما تأمر به السعودية وما تراه الإمارات والابتعاد عن إيران والاكتفاء بالمديح لسيدنا علي بن أبي طالب !!هذا ما نصح به على الملأ ثم نراه يستأسد على مصر محذرا .. بل ويجتر كدواب الساقية نكتة معروفة وينسبها للمرحوم عتيق لأنه موهوم ب " فلان قال لي " .. حيث زعم وهو يتبسم ضاحكا من روايته أن عتيق قال لأحمد رامي الذي ظل يبحث عن شاعر " أنا وانت والنيل والقمر " إعجابا به أنه قال له حين سأله من أين لك النيل فرد عليه عتيق " النيل نحنا نشرب منو ونستحم فيه ونتبول فيه وبعدين نديكم ليهو " .. هكذا .. وهذا خطاب ودود يحدث بين الأصدقاء لا بين الغرماء ولا أحسب أن المرحوم قالها وإن فعل فهي من باب الطرفة إذ لا يعقل أن يستهين رجل في قامة عتيق وهو شاعر مرهف بشاعر في قامة أحمد رامي .. ثم أن الرواية كلها ملفقة إذ لا يعقل أن يسأل مصري عادي سوداني هذا السؤال والعامة ينادوننا بالقول " يا ابن النيل " ولم يقل مصري يوما أن النيل ينبع من أسوان! ثم نفترض أن رامي لم يدخل مدرسة وقرأ فقط ما يحفظ حسين أن النيل " سليل الفراديس" نهر من الجنة فلا يمكن ألا يكون قد حفظ أبيات شوقي :
حبشي اللون كجيرته .. من منبعه وبحيرته
صبغ الشطين بسمرته .. لونا كالمسك وكالعنبر
ثم ما لحسين يفاخر الآخرين بأبوالنا التي تذهب لجيراننا حماقة منه وهو لو تمعّن في هذا المنطق القبيح الذي يشير لانهزامية شديدة تدل على حقد دفين حيث لم يجد في كل هذا الخير العميم غير أن يلوثه ويبعثه للشقيق .. فهو أيضا ضحيته وما دام الأمر كذلك وحسين من أهل أم درمان التي يلتقي النيلان عندها وبالتالي تتجمع أمام حسين أبوال و"غوائط" التنزانيين والكينيين واليوغنديين وأهل الجنوب ومن هم جنوب الخرطوم ودوابهم وتختلط من ثمّ بأبوال و..... الحبش و" الحبشيات " لتصل إلى حسين ليعبّ منها وينهل ما شاء له وتصفو من كدرها قليلا ثم يلوثها هو بأوساخه ويبعث بها لمصر؟؟ فالنيل يا حسين لم ينبع من بيتكم . فهلا عقلت!
ثم جنح حسين للتهديد متخيلا أن العالم يتحلق حول قناته وأن الناس يسمعونه .. وأنا أقول لحسين قد تشتم بما يعجب كارهي العروبة عموما ومصر خصوصا من أصحاب النظر القصير ولكن لا أحد في الخارج يسمعك وإن سمعوك ما فهموك فلا يغرنك أنك تتلقى عشر إيميلات تحدثك بما ليس فيك وهو مدح من لا يدري لمن لا يدري أنه لا يدري ..
إن القضايا الكبرى لا تعالج بمثل سطحية حسين وسذاجته وحسين نفسه صنيعة عبد الناصر فهو خريج جامعة القاهرة فرع الخرطوم ولولاه لما كانت هناك جامعة يأوي إليها أمثال حسين وقد استعصت عليه " الجميلة ومستحيلة / جامعة الخرطوم " وقد يكون تعليم أمثالك من حسنات أو سقطات عبد الناصر الذي كان يعلّم الناس دون من ولا أذى ولا يشتري ولاءهم كما كانت تفعل " بغداد " وقبل أن تفتح الإنقاذ كل "كشك" جامعة كانت جامعة القاهرة تستوعب عشرات الآلاف وتحتضن مصر أمثالهم في جامعاتها " وقديما كان في الناس الحسد .. وحديثا النكران ".
ومع ذلك يتحامق هذا العيي ويتطاول على تاريخ مجيد ورجل عظيم مثل عبد الناصر لا يضره إن " هو- هو جرو في قعر قناة مجهولة " هو ناصر ..الرجل الذي وفر لكل السودانيين خصوصا والعرب عموما الكتاب قبل الخبز وكل عبارة ترددها الآن أو بيت شعر تستشهد به أو معلومة تتشدق بها مصدرها مصر شعرا أم نثرا أم مقالة أم فتوى .. مصر هي العقاد والمازني وطه حسين والمنفلوطي وهيكل وشوقي وحافظ و" سيد قطب " وهي الأهرام وأخبار اليوم وكتاب المطالعة .. هي المصور وروز اليوسف وآخر ساعة وأكتوبر ، كان يطالعها جميعا أهل السودان حين كانت المجلات " الإذاعة والتلفزيون " و" الصبيان /عمك تنقو !!" وحتى عظماؤنا ما عرفهم الناس لولا مصر حيث كتب الدكتور طه حسين مقدمة كتاب الدكتور عبد الله الطيب المرشد لفهم أشعار العرب وصناعتها فكان ذلك بابا واسعا للشهرة دخل منه الدكتور النابه ولم يعرف الناس الأستاذ الكاتب الفذ الطيب صالح إلا بعد أن لفت له الأنظار الناقد المصري رجاء النقاش ومن ثم أدباء لبنان " أما الإنقاذ وأنت جزء منها فقد اعتبرته كاتبا بذيئا وساقطا في حملة تشويه كنت أنت أحد شهودها والمشاركين فيها صمتا أو لؤما ومنعت السلطات تدريس موسم الهجرة إلى الشمال بجامعة الخرطوم فقط لأنه تساءل في مقال له من أين جاء هؤلاء ؟ ) أي من أين جئتم لأنكم لا تشبهون السودان أخلاقا وخلقا وما كان لأحد أن يعرف معاوية محمد نور إلا بعد أن توثقت علاقته بالأديب عباس محمود العقاد الذي رثاه بفريدة عصماء وكان صاحب ديوان إشراقة الشاعر التجاني يوسف بشير من عاشقي مصر حيث رثى عددا من أدبائها وكان حصيفا سابقا لعصره وسأقتطف لك مقاطع من قصيدته الطويلة " ثقافة مصر " حتى يعلم أمثالك ضحالة آرائهم.
عادني اليوم من حديثك يا مصرُ رؤى وطوّفت بي ذكرى
وهفا باسمك الفؤاد ولجّت بسمات على الخواطر سكرى
كلما طوّق الكنانة علما خوّلتنا منه روافد تترى
إنما مصر والشقيق السودان كانا لخافق النيل صدرا
حفظا مجده القديم وشادا منه صيتا ورفعا منه ذكرا
إلى أن يقول :
كيف يا قومنا نباعد بين فكرين شدّا وساند البعض أزرا
كلما أنكروا ثقافة مصر كنتُ من صنعها يراعا وفكرا
نضّر الله وجهها فهي ما تزداد إلا بُعدا عليّ وعسرا
ونضّر الله ذكرى شاعرنا الفحل الذي سبق عصره شعرا وفهما وحفظا للجميل ( كنت من صنعها يراعا وفكرا ) .. ولولا مصر لكنا أنا وأنت يا حسين من الأعاجم ولا أحسب أن أباك سماك حسينا إلا تيمنا ب " سيدي الحسين " في القاهرة إذ لا يعرف له المسلمون السنة غير ذلك مقاما ، مصر هي الأزهر والمنبر والمزهر ، والأهرامات ثم مالك تذهب بعيدا وفي كل ضروب الفن تبدو مصر.. في كرومة وزنقار والكاشف وأحمد المصطفى والكابلي " مصر يا أخت بلادي يا شقيقة " السر قدور .. وحتى " الساقية " التي لا تزال مدورة فما عرفناها إلا عبر مصر ..ويصدح مغنينا أبو داود لحنا طروبا " مصرية في السودان .. بي حبي ليكي أبوح / يا عنب جناين النيل .. أتمنى منو صبوح ).. تلك مآثر أعدُّ منها ولا أعدّدها وحتى الحزب الاتحادي فهو من صنائع مصر والحزب الشيوعي من مصر وكذلك الاتحاد الاشتراكي مأخوذ من مصر وحتى لغة حسين "مستلفة " من مصر فهو لم يفلح في الانفكاك منها فنراه يردد في برنامجه كلمات " الفلاح / الفلاحين) وليس فينا فلاّح بلغة أهل السودان يا حسين إنما نحن " مزارعون " وحتى الصحافيين على أيامك هذه ممن يوزعون الألقاب المجانية حيث لم يبق أحد خرج على تليفزيون من المغنين والمداحين والطبالين إلا وهو " قامة " طويلة أم قصيرة ؟ " أو " عملاق" وإن كان في طول " قلة " أو " هرم " ولا أحسب أنهم يعنون " أهرام البجراوية " كما دخلت كلمة " حضرتك " بل ولا تجد بعض مذيعاتكم سوى الترحم بكلمات مصر " ألف رحمة ونور تنزل عليك " وقناتك لم تجد سوى أن تسمي إحدى برامجها غير " أهل المغنى " والعبارة مأخوذة من " المغنى .. حياة الروح .. " وأهل السودان أهل طرب وعرضة " وغناء أو غُنا " " أعرفت كيف أنت مأخوذ بمصر من حيث لا تدري!!؟
وإن كان فضل مصر لا حدود له إلا أن واحدة من أعظم سيئاتها أنها بعثت لنا بالإخوان المسلمين وأنت واحد منهم .. ولكن لمصر نقول :
وإن يكن الفعل الذي ساء واحدُ ... فأفعالك اللاتي سررن ألوفُ
وأراك تبتهج لتوجه السودان شرقا بحثا عن حلف لا تجمعنا مع شعوبه سوى أوهام اللون ، حيث لا لغة مشتركة ولا دم ولا دين ولا نسب ولا ثقافة " سوى الزار وبسحروك يا لولي الحبشية " وقديما صابون لايف بوي وحديثا " مساندة نظامكم في إخراجه من اتهام بقتل شعبه في دارفور " وهي دول لم تصدر لنا سوى بائعات الرذيلة حين كان ذلك متاحا بالقانون ومسوّقات الهوى حين أصبح ذلك تحت ستار شفافية " بيع الشاي " في نظام " إسلامي " يحارب كشف العورة لكنه يغطيها بورق شفاف وقديما كان ظرفاء المجالس يتناقلون عن الأزهري رحمه الله على سبيل التنكيت أنه زار تلك الدولة وخاطب مسئوليها وشعبها في حفل بهيج " أطمئنكم .. فإن بناتكم في أحضان أبنائنا " .. كان ذلك في زمن جلبن فيه أمراض لا تستعصي على التداوي أما الآن فإن علل السياسة ستودي بشعبنا كله لمشافي الإيدز فاحذروا .. فإما أن تتعاطاه يا حسين كفاحا أو يأتيك عبر بوابات " أبوالهم "... وذاك لعمري تفكير أخرق وتصرف أحمق اقتضته ضرورات الهروب من المأزق ..
وشكرا حسين فقد حركت فينا كوامن شوق قديم للكتابة ظننا أنها خمدت .. ولك أقول:
وذو العقل الرزين وإن تسامى .. .. جريء حين يلقى الكاذبينا
ونبرأ منك كذّابا تمادي .. .. ودجّالا يمثِّل ماكرينا
فلسنا نحن منك ولست منّا .. .. وإن فارقت قوما مجرمينا
وإياك وكلاب مصر لا مثقفيها وقومييها فهم " سحرة فرعون " إن شاءوا حسنوا القبيح وقبحوا الحسن " لأنك تريد أن تعلن عن معركة لا ندعو لها ولن نشارك فيها مع أن حلايب سودانية من دون حرب حسينية لأنكم أدمنتم الحروب ويكفينا أن أطراف الوطن كلها تشتعل بسبب حماقاتكم بل وتكاد النيران ... تصل " قناة أم درمان ". !!
وافتراءات حسين ، المدفوعة الأجر ، لن تنتهي فها هو يخرج علينا بفرية أخرى وهي أن ثوار 1924 قد خانهم رفاقهم الثوار من المصريين ..
من أراد أن يري حسينا فليشاهد " مسلسل الداعية " أو فليردد مع أطفالنا :
برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا
ومشى في الناس يهدي ويسب الماكرينا
ولنا عودة ..
أبو الحسن الشاعر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.