الكتابة عن الأشخاص لا يتلقفها يراعي بل يقاوم مداده كي لا يتدفق سهواً.. ولكن في الحياة بشر لا يشبهون الناس في تفاصيل كثيرة كالقواميس.. قل إنهم صوت الحياة وصداها.. وهؤلاء يجعلون الأحرف تقاوم عناد الكلمات لأن النفس تهفو إلى التطلع والتأمل في فن الرسم للمعاني التي تترجمها حياتهم الزاخرة بالعطاء المتلألئ بالمعاني السامية النبيلة.. نعم الكتابة عن هؤلاء ليست سهلة التفاصيل، فالكلمة كثيراً ما ينتابها الحرج فهي أقل من أن تعكس قيمتهم في العقول والوجدان. اليوم دعيني أستاذتي القديرة والمعلمة والجليلة والسيدة العظيمة، والسياسية المحنكة والمدافعة الحقوقية التي ارتقت بقضية المرأة إلى مقامات سامقة فكانت عميدة الكلية، ورئيسة المكتب السياسي لأكبر حزب سياسي في السودان وفقاً لآخر انتخابات في نظام ديمقراطي، دون أن تفقد أركان السودانوية، ودون تشوه الشخصية المكتنزة بالتدين المستتر.. سارة عبدالله عبدالرحمن نقد الله.. وأسمحي لي أيتها (الإنسانة) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.. نعم أنتي جديرة وجميلة بهذه الصفة وهي بك أجمل لأنك تحملين فؤاداً تولته المحبة للناس وتخبئين في دواخلك الهموم بجلال كيما تعطي الأمل في وطن كفر البعض بأهليته في الأبوة التي تحمي والأمومة التي تدفئ حينما يقسو الشتاء. ما هذه الروعة التي تبدو غريبة بعض الشيء في عالم النساء وأنتي تعلنين بكل فخر بأنك بلغتي الخميسن عاما وازدتي عشراً.. ما أعظمك يا (ستينية سارة) أخرجتي المرأة من جدلية قيمة السنوات في حياتها، وفتحتي باباً للشجاعة لكي تفصح عن العمر بلا حرج ولا تبالي بأن تكون حقيقة عمر الأنثى أمراً منطقياً لفك الارتباط بين قيمة الأثنى كإنسانة تثري الحياة، باستعداها للفداء من أجل المبادئ والقيم النبيلة، ومؤمنة بمصير مشرق رغم الظلام وقسوة الدهر، ماضية في سبيل ضرب أفكار الجبابرة، وما بين قيمتها كأنثى يُنظر إليها كمستودعٍ للأجنة فحسب؛ وهنا لا أقصد التجني على الأمومة بقدر ما نرى في سارة الإنسانة التي هي الأم والأخت بالروح.. سارة لك أن تفاخري بسنوات مضت من عمرك وهي ممتلئة بالعطاء للعلم، ومكتنزة بالنضال من أجل حياة ديمقراطية وحرة، لامستي الستين عاماً وأنتي تؤدي رسالتك دون خضوع لأي سلطان لأنك تؤمنين بأن الحق ينبغي ألا يخدم أغراضاً لا تفي (برسالة الدنيا).. تثورين على الواقع المفروض بطريقتك الخاصة، لا كالذين يصفونه بالظلام لما يصيب الإنسانية من شقاء بل تؤدين رسالة الحياة وتعلمين الأجيال معاني النبل والاحترام ولأجل ذلك كان الاحتفال بالستينية محل تلاقي لكل الوان الطيف السوداني بجامعة الأحفاد الأسبوع الماضي .. ما أجملها ستينية امرأة ليس فيها ما يشيب أو يشين عمرها الجميل.. سارة سعيدة أنتي بالانفراد حينما اخترتي أن تكوني للوطن وشعبه لأمك وأبيك وإخوتك وأسرتك العريقة وذريتهم.. وتالله نلت بكل إعزازٍ احترام الجميع وتشهد على ذلك الجامعة الأهلية وطلابها حينما تتحدثين يصنتون، وحينما تصمتين يسبحون في فضاءات التأمل كيما يقرأوا ما وراء الصمت.. تنحت المنابر السياسية لهيبتك، كما تُقدر فيك منظمات المجتمع المدني فهمك المدرك لقيمتها. (عذبة أنتي) أيتها (السارة) اسماً ومعنىً دائماً تناجين روح الطبيعة في الكون وتعانقين في الفجر أحلاماً وآمالاً أكبر من الذات.. فها هي حياتك دوح مزهراً نضراً بحب من أحبوك.. وعشقوا فيك هذا القلب الرقيق المختبئ خلف وجهٍ صارم يكشف عن جمال روحك بابتسامة تتبعها عبارة سودانية مُشبَّعة بالمحنة (يا حليلك يا فلان أو فلانة).. كل عام وأنتي بخير، كل عام وأنت امرأة عظيمة وإنسانة نبيلة دمتي لوطنك وكيانك وللإنسانية جمعا.. لكي مني كل الحب والاحترام والتقدير. الجريدة [email protected]