توفي يوم امس 23/12/2013 اللواء الروسي ميخائيل كلاشنكوف عن عمر يناهز 92 عاما، وهو مخترع سلاح الكلاشنكوف الأسطورة، الذي اصبح من اهم الأسلحة الخفيفة في العالم. مات كلاشنكوف وترك العالم خلفة يستعر بنيران الحرب، وويلات الصراع الناتجة من عبقرية اختراعة. كلاشنكوف... قبل ان يتوفي اظهر حزنه علي وجود هذا السلاح في أيادي الكثيرين من المجرمين، وأكد انه عندمااخترع هذا السلاح كان غرضه الدفاع عن بلدة، وليس لإشاعة الرعب والفوضي. وقد نشأ كلاشنكوف وترعرع في أسرة فقيرة بائسة، وبعد التحاقه بالجيش برع في تصميم المعدات الحربية. ولكن سلاح الكلاشنكوف يظل أشهر اختراعاته، حيث صُنف احد اهم الاكتشافات في القرن العشرين، التي تمتد من صناعة الأسبرين حتي اكتشاف القنبلة الذرية. وحسب إحصاءات الخبراء فقد تم تصنيع اكثر من 100 مليون قطعة كلاشنكوف في العالم، تستخدم في اكثر من 55 دولة. ولكن السؤال المهم هو؛ كم عدد الأرواح والأنفس البريئة التي ازهقتها بندقية الكلاشنكوف في العالم؟ وكم هو نصيب السودان من موتي الكلاشنكوف. حيث كان ولايزال هذا البلد مسرحاً لكثير من العمليات الحربية، والنزاعات القبلية، التي أفقرت كاهل الدولة من مواردها الاقتصادية، وشردت كوادرها البشرية ، وأورثت شعبها موائد الاغاثات، ومعسكرات اللجوء. وفوق كل ذلك، ايتمت الحرب اللعينة الأطفال الأبرياء، ورملّت النساء الشريفات، واثكلت الأمهات الابيات. ابعاد بندقية الكلاشنكوف تتجاوز القتلي، والجرحي، والمعاقين. فهي تمتد بعيداً لتشمل كل الإفرازات السالبة التي تخلفها الحرب، من جفاف للضرع والزرع، وتوقف لدوران ماكينات المصانع، وتباطؤ خطوات التنمية البشرية والاقتصادية. ومن ثم العيش علي هامش الحياة، تحت خط الفقر، فوق بؤر الجهل، وداخل خنادق المرض. وحسب تخصصي في علم الوبائيات، اري ان اكثر الاوبئة فتكاً بالبشرية، هي تلك التي تحدث بعد النزاعات. حيث تتسبب الحروب في تدمير المرافق الصحية والبني التحتية،ونزوح الكوادر الطبية، وانهيار سلسلة الخدمات الاجتماعية من مسكن ومشرب واصحاح بيئ. كما انها توفر بيئة ملائمة لانتشار نواقل الامراض السارية، وصعوبة وصول الخدمات الوقائية من الامصال واللقاحات، اضافة للخدمات التغذوية والاحتياجات الانسانية. لذلك اتمني من كل ذي علم علي وجه الارض، وهبه الله القدرة علي التفكير والاختراع، ان يدخر فكرة في ابتكار وسائل تشيع السلام، وتحفظ الاستقرار، وتوطن المحبة ... حتي لا يندم اي مخترع، في يوم من الأيام، علي انحراف مقاصد اختراعه، الذي أراد ان يخدم به البشرية، ولكنه عجّل بابادتها. ولعلي أدعو يارب ... سخر لنا عالماً يخترع وسيلة تجعل الحكام يتنازلون طواعيةً عن سدة الحكم، بعد دورة رئاسية واحدة لا تزيد عن أربعة سنوات ...!!!! شخص اخر يخترع جهاز لاكتشاف حالات الفساد، عن بعد، وعن قرب ...!!! واختراع ثالث لرمي السلاح الي الأبد، وتوقيع اتفاقيات للسلام الشامل...!!!! واختراع لنزع الأنانية، والمحسوبية، والبخل، والجبن، والكسل .....!!!!! بل واختراع لإشاعة الحب المستدام، والازدهار الذي لا يعقبه فقر، ولا تعترية مسغبة...!!! وبالرغم من مثالية الافكار التي اطرحها، وهي لاتعدو عن كونها امنيات حالمة، خصوصاً اذا قسناها بالمنهجيات الواقعية والموضوعية للبحث العلمي. الا انني وفي قرارة نفسي، مؤمن بقدرة العقل البشري علي اكتشاف اختراعات مدهشة ومذهلة من هذا القبيل. [email protected]