يعتبر ميخائيل تيموفيفيتشي كلاشنكوف من أشهر مخترعي السلاح في العالم، فقد ذاع صيته عندما تمكن في العام 7491م من اختراع البندقية «كلاشنكوف»، التي سميت باسمه، ويحلو للكثيرين في العالم تسميتها «بالكلاش». وتعتبر البندقية الكلاشنكوف هي الاكثر استخداما في العالم، وقد اشتهرت بسبب متانتها وبساطة صناعتها وكفاءتها وسهولة استخدامها لفاعليتها وخفة وزنها وقلة اعطالها وذات مدى ابعد وثمن ارخص.. وتعتبر البندقية «الكلاش» هي السلاح الرئيسي الفردي لأكثر من (04) جيشا حول العالم وتعتبر البندقية المفضلة لدى الحركات الثورية والتحررية لسهولة استخدامها وفاعليتها وقلة أعطالها، كما هي السلاح المناسب لأفراد الوحدات الخاصة والمظليين. وبرغم انتاج حوالى «مائة» مليون (001) مليون بندقية «كلاش» خلال ستين عاما من الخدمة، فإن نصفها تقريبا مرخص ويلائم معايير الجودة الروسية، وبالنسبة للروس الذين يفتخرون بشدة بعلاماتهم التجارية وذات الشهرة العالمية مثل فرقة البولشوي للباليه وسفينة الفضاء «سويوز» فإن البندقية «الكلاش» تحتل موقعا وعلامة تجارية يفتخر بها الروس كثيراً باعتبارها اختراعا اسطوريا. ٭ مع اندلاع الحرب العالمية الثانية شارك كلاشنكوف في معركة «بريانسك» عام 1491م ضد الالمان وجرح ونقل بعدها الى احد المستشفيات الروسية لتلقي العلاج، اثناء وجوده بالمستشفى سيطرت على ذهنه فكرة وحيدة وهي اختراع سلاح فردي للمشاة يسمح بقهر «الفاشيين» وابتداءً من تلك الفكرة وتلك الفترة وبعد جهود استمرت خمس سنوات وبعد دراسة عدة تصاميم أسلحة، انتهى الى وضع تصميم لبندقية آلية مشتقة من بندقية استعملها الالمان في الحرب واسمها (MB44-47) وكانت البندقية الرشاشة (AK-47) والتي حملت اسمه. جربت بندقية كلاشنكوف لأول مرة من قبل الجيش الروسي كسلاح فردي رئيسي في العام 7491م، وفي العام 0591م تم انتاج كميات كبيرة في مصنع (IZH) ليدخل السلاح في العام 5591م للخدمة في الجيش الروسي كسلاح فردي رئيسي. وفي العام 9591م تم تطوير (AK-47) الى (AKM) لتكون الاخيرة ذات وزن أخف ومدى ابعد واكثر كفاءة وأبسط وأرخص من الاولى. وتوجد عدة نماذج من هذا السلاح بعيارات وأحجام مختلفة لكنها تعمل بنفس الميكانيكية مثل: AKS, AKM6PI, AKMS, AK-101, AK-102, AK-103, AK-104, AK-105, AL-107, AK-108. ٭ ولد ميخائيل تيموفيفتش كلاشنكوف في 01 نوفمبر 9191م لأسرة فقيرة تعمل في الفلاحة، كانت والدته قد انجبت (81) طفلا، وكان هو احد (الثمانية) الذين بقوا على قيد الحياة. بدأ حياته المهنية عندما عمل فنيا في محطة للقطارات في كازاخستان، حيث تعلم الكثير عن الميكانيكا. في العام 8391م انضم كلاشنكوف الى الجيش الروسي وعمل في وظيفة تقني لدبابة هجومية، وفي هذا الموقع اظهر مهاراته العالية في ميدان تصنيع الاسلحة اذ اخترع وهو ابن العشرين عاما بعض التجهيزات التي وجدت استحساناً كبيرا من قبل قادة الجيش. رغم ان كلاشنكوف لم يكمل تعليمه الا انه بات مخترعاً عظيما بعد ذلك وحصل في العام 9491م على جائزة «ستالين» التي وفرت له مبلغ مائة وخمسين الف روبل، وكان هذا المبلغ يمثل ثروة حقيقية في ذلك الزمان، وتفرغ بعد ذلك لتحسين تقنيات سلاحه والتفكير باختراع نماذج جديدة منه. في العام 0591م اصبح عضوا في مجلس السوفيت الأعلى، وبقي في هذا المجلس حتى تم حله في العام 8891م. ٭ ميخائيل كلاشنكوف وهو في التسعين من عمره واحتفل بعيد ميلاده في العاشر من نوفمبر الماضي، قال انه يشعر بأسف شديد لأن بندقيته والتي اخترعها في العام 7491م اصبحت السلاح المفضل للمسلحين من ليبريا الى افغانستان، وكذلك افراد العصابات وتجار المخدرات. وقال ميخائيل كلاشنكوف في كلمة مسجلة عبر الُڤيديو لمؤتمر تجار ومصممي الاسلحة الروس والذي عقد في منشأة سرية خارج موسكو، قال (انه أمر مؤلم بالنسبة لي ان ارى عناصر اجرامية من كل الانواع تطلق النار من سلاحي) وقال انه عندما صمم بندقيته هذه (صممها لحماية وطنه روسيا) ولكنه يشعر بالسعادة عندما يطلق بعض الناس اسم «كلاش» على ابنائهم، وكذلك انه يشعر بالفخر عندما استخدم الجنود الامريكان بندقيته خلال حرب فيتنام والعراق بدلا من البندقية الآلية الامريكية (M-16) والتي يعثرون عليها مع جثث الجنود في فيتنام والعراق وذلك لمتانتها وسهولة استخدامها وخفة وزنها). وفي الوقت الذي تبنت فيه حركات التحرر والحركات الثورية الاخرى في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية، اختراعه واستخدمت البندقية الكلاشنكوف في نضالها، الا انه بالنسبة لخصومه في الغرب يعتبر مصمم سلاح للقتل والمذابح. وأوضح كلاشنكوف عبر الڤديو، انه لم يكن يتوقع ان يحقق اختراعه وسلاحه هذا رواجاً عالمياً كما هو حادث. ولكن لم تجلب ملايين الرشاشات التي تحمل اسمه في العالم مبالغ كبيرة له، اذ ان الاختراعات في روسيا لا تمنح براءات ولا يحصل المصممون على أتعاب تعادل حجم الانتاج. ٭ وميخائيل كلاشنكوف وهو ابن التسعين عاما يقول ان سن التسعين ليست حرجا، وانه مازال قادرا على العطاء، وانه مازال يعتبر كبير مصممي السلاح في شركة (أزماش) القابضة) والتي تصنع البنادق الكلاشنكوف ذات الماركة والعلامة التجارية الاصيلة، وظل ميخائيل كلاشنكوف يوجه انتقادات مستمرة الى الذين يهربون ويقومون بتزوير الاسلحة وهم بذلك يشوهون العلامة التجارية. وفي هذا الصدد قال (أناتولي ايسابكين) رئيس شركة (روسوبورون اكسيورت) والتي تحتكر الاتجار في الاسلحة في روسيا، ان بنادق الكلاشنكوف المقلدة تشوه العلامة التجارية لأن هذه الاسلحة تباع في مناطق الصراع، وانه بطبيعة الحال جودتها لا تقارن مع تلك التي تنتج في روسيا، وذكر انه هنالك محاولات تفاوضية وذلك لابرام اتفاقات مع منتجين اجانب للسلاح لحماية «الكلاشنكوف» والاسلحة الروسية الاخرى، مشيرا الى ان (03) منتجاً أجنبياً حالياً ينتجون بنادق الكلاشنكوف. ٭ تقول صحيفة التايمز البريطانية، انه من النادر ان يمر يوم دون ان يرى فيه كلاشنكوف بندقيته على شاشة التلفاز، وبينما يفخر لرؤيتها في ايدي جنود الجيوش النظامية وحركات التحرر، ويشعر بالاسى لرؤيتها بين ايدي قطاع الطرق والمجرمين في ايدي الاطفال المجندين. وعن ذلك يقول (آسف لرؤية تلك الاعداد من الابرياء يقتلون ببندقيتي، لكنني اهدئ نفسي وأقول انني اخترعت هذه البندقية قبل (06) عاما لحماية مصالح بلادي والتي كانت تتعرض للخطر. ٭ مما لا شك فيه ان البندقية «الكلاشنكوف» قدمت خدمات جليلة لحركات التحرر والنضال الوطني في افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية، وهي تنتزع حريتها واستقلالها من المستعمر الغربي والذي يستخدم السلاح الغربي ويحتكره، وان ظهور هذا السلاح في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي هو الذي ساعد في حسم الصراع بين المستعمر الغربي وحركات النضال الوطنية، والذي كان يقدم من جانب روسيا مجاناً او بأسعار رخيصة وكان في متناول ايدي حركات التحرر الوطني. ولكن بعد خروج المستعمر من افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية ونجاح حركات التحرر الوطني في طرد الاستعمار سياسيا وعسكريا، سرعان ما انقلبت موازين الصراع، فأصبحت صراعات داخلية قارية وداخلية قطرية وبتحريض وتمويل خارجي غربي، فانفجرت الصراعات القبلية والاثنية والدينية وحلت الفوضى، وكانت البندقية «الكلاش» في أيدي الجميع، حكومات ومليشيات معارضة وقبائل وعشائر وحركات متطرفة وقطاع طرق وأطفال محاربين. ولكن بالرغم من ذلك يظل اختراع البندقية الكلاش (AK-47) في العام 7491م من القرن الماضي هو الأهم، فقد ساهم في تعادل القوى أوروبيا، وساعد حركات التحرر في العالم للوصول الى أهدافها القومية، فالتحية للسيد ميخائيل كلاشنكوف في عيد ميلاده التسعيني. باحث وخبير في الشؤون العسكرية والسياسية.