من وحي خطاب الرئيس بقاعة الصداقة محاولة تفكيك "المفاجاة " تحت القبة تقرير/ هاشم عبد الفتاح منذ ان مالت شمس امس من خطها العمودي وبدات الظهيرة تتلاشي شيئا فشيئا لتبدا الساعات والدقائق الاولي لامسية ذات اليوم عكفت قاعة الصداقة بالخرطوم في حالة من الانشغال بذاتها والتهيؤ بكل كماليات الزينة والاستعداد والترتيب لحدث ما ربما يشفل اهل السودان ومحيطهم الاقليمي والدولي . لم تكن فكرة هذا التهئؤ اعتباطية او مزاجية وانما هي محاولة لحسين كل جزئيات المشهد ..حالة من الاحتياطات والاحترازات المراسيمية والبروتوكولية والاحتياطات الامنية كانت هي المشهد الابرز في باحات قاعة الصداقة قبالة شارع النيل . كل الذين جاؤا الي هذا الاحتفاء والاحتشاد وحتي الذين تحلقوا خلف شاشات القنوات الفضائية المحلية والخارجية كانت تسمو عندهم قيمة المفاجأة التي شغلت السودانيين كثيرا الايام الفائتة .حيث كانت سقوفات الاماني والرجاءات تعانق عنان السماء لا تقبل باقل مما رسمته في اذهانها من تخيلات ورغبات وطموحات ومطلوبات عسل ولعل يتبدل بها احوال مائلة وتنفرج بها كثير من العقد والتعقيدات في امهات القضايا السودانية . هكذا تنشغل افئدة واهتمام كل اهل السودان ينتظرون وهج المفاجأ وشروقها فجاءت كل القوي السياسية والحزبية الا قليل والمؤتمر الوطني بكل نجومه وابطاله وحتي الاربعة الكبار الذي ترجلوا طوعا وقهرا ( نافع وعلي والطاهر والحاج ادم) اخذوا مواقعهم في الصف الاول بعد ان استسلموا لكاميرات التصوير والتوثيق التي تسابقت وتزاحمت امام جلساء الصف الاول . ولان المفاجأة المنتظرة اعطت قيمة واهمية كبري لخطاب الرئيس البشير هي التي اغرت كل هذه المملكة الاعلامية بكل انماطها وتشكيلاتها للحضور مبكرا رغم ما وجدته من عنت وقسوة من الذين قاموا بالترتيب والتنظيم حتي ان احد القيادات استاء من شكل وعملية الدخول الي القاعة واحتج بلطف .."انشاء الله البشير الليلة يحلها ويريحنا " ولكن هذه المملكة الاعلامية تمسلت بحقها حتي لا يفوتها نصيبها في توثيق هذا الحدث الموصوف بانه سيكون حدثا له تاثيرا وتحولا كبيرا في تاريخ السودان الحديث . جاء المؤتمر الوطني بحلفائه القدامي وحتي الجددد ربما لاعطاء الحدث مزيدا من المشاركة الحزبية وجاء الدكتور منصور خالد بارثه وتراثه السياسي القديم يتابط عصاه بعد ان اخذت منه عجاف السنين كل ازاهير العمر وغاب من الحفل هذا اهل الماركسية واهل الصوفية والقباب وكان الوزيران محمد صادق الكاروري وزير المعادن والسميح الصديق وزير الصناعة هما من اول الحاضرين وجلسا في الصف الثاني . الان ان الحدث الاكبر الذي شغل كل الكاميرات والميديا هو عند مقدم الشيخ الدكتور حسن عبد الله الترابي فاستاثر الحدث بك اشلاء وبقايا "المفاجأ ة" التي تبددت بين ثنايا خطاب الرئيس . جلس الدكتور الترابي في مقعده المخصص بين جعفر الميرغي المساعد الرئاسي وقائد مجموعة الاصلاح الدكتور غازي العتباني وذلك باشراف ومتابعة من الدكتور مصطفي عثمان اسماعيل وبجوارهم السيد الصادق المهدي ونجله عبد الرحمن وكلهم ظلوا يحدقون في المنصة يتدبرون خطاب الرئيس بين كل كلمة وعبارة علهم يجدون ضالتهم ومبتغاهم ولكنهم بين كل فقرة واختها يرتدون خائبين فلا يجدون شيئا . والخطاب في كلياته لم يخرج من فكرة كونه برنامج سياسي وفكري للاصلاح الشامل وحتي الذين تحدثوا عنه من اهل المؤتمر الوطني في تعليقات مغتضبة حاولوا كثيرا صياغة تبريرات وحيثيات اقرب للمرافعات بلا اسانيد يعيدون بها مضامين الخطاب وقيمته الي اصول القضايا السودانية الراهنة والشائكة ويبدو ان اغلب الذي تابعوا جدل وتداعيات مفاجأة الرئيس المثيرة للجدل قبل ازاحة الستار عن مكنوناتها كانوا يظنون بان البشير ذاهب او انه مترجل عن كرسيه او ان الحكومة الحالية سيتم استبدالها باخري قومية وانتقالية او ان البشير سيكمل شوط التغيير الي نهاياته بانقلاب اخر . البعض علق في سره ان الخطاب رغم انه اشتمل علي رؤية المؤتمر الوطني في قضايا الهوية والسلام والاقتصاد والوطنية الا انه اقفل عن بعض الجوانب المتعلقة بعلاقة الاخرين مع الدولة والحزب اما الدكتور الفاتح عز الدين رئيس المجلس الوطني وصف خطاب الرئيس بانه عالج بعض القضايا خاصة قضية الهوية والاقتصاد والعلاقة مع دول الجوار ووصفها بانها قضايا ملحة .وثمن الفاتح مشاركة المؤتمر الشعبي بثقله والاتحادي الديمقراطي بثقله والامة القومي بثقله .فيما شدد الدكتور نافع علي نافع القيادي بالمؤتمر الوطني في تصريحات صحفية علي اهمية وقيمة الحوار مع القوي السياسية والحزبية . [email protected]