لقد اصبحت الدولة السودانية الحديثة تمثل اكبر مصدر للقهر والاستلاب وانعدام الامل والافق معاً لكل قطاعات الشعب، وهي تمثل السجن الكبير لاغلب سكان السودان ومصدر الالم والمعاناة والقهر الدائم لمجموعات السكان. وبعد ان كانت حلماً للشعب باعتبارها منبع الحرية والعدالة والسيادة والتنمية والتقدم ، كما عبرت عن ذلك حركات التحرر الوطني اصبحت كابوساً لعامة الشعب فالحكومات اصبحت مسخ وتستخدم سلاحها ضد مواطنيها في المقام الاول وهي التي خيبت آمالنا فيها ولم نعد ننتظر منها توفير اي حقوق او حريات او تحقيق مكتسبات شرعية مما يحتم قيام الثورة لاننا فقدنا كلياً فكرة الاختلاف والقبول بالآراء التي تتعارض وتوجهاتنا وخاصة ان الاختلاف مع من يسمون انفسهم رجال الدين ففي اعتقادهم كل من يحاول ان يفكر بطريقة آخرى مخالفة هو بالضرورة مخالف للجماعة فيبدأ الاستبداد والاقصاء للمختلفين معهم فكرياً ويصل الى درجة التصفيات والتهديد بكل الموبقات والاتهام بالخيانة والكفر ويمكن ان يصل لبعض منسوبيهم . فاصبحت ثقافة التفكير الاحادي هي السائدة حتي بيننا كشعب ،ان دعوتنا للتغيير نعني بها رفض الاستبداد وتطوير تفكيرنا لقبول الآخر بنهج ديمقراطي والسير في اتجاه تطوير فكرة الاختلاف والتعدد والتسامح فالنظام الذي لا يعنرف بالآخر يذهب ضحية الصراعات التي يثيرها فرض الراي الواحد ونحن شعب متعدد الثقافات والاثنيات فبالضرورة تكون هناك اراء عديدة تمثل الجماعات المختلفة وتطلعاتها ولان النظام آل على نفسه عدم تقبل الاراء المناهضة فحملوا السلاح على النظام ليسمع اصواتهم . ان عدالة المطالب والغبن والتهميش وعدم تقبل الاراء هي التي اصابتنا في مقتل مما جعل الوطن ينزف في كل الاتجاهات . اعتقد باننا كشباب ومجتمع تغيير بحاجة الى اعادة النظر في مناهج تفكيرنا واساليبه فنحن اليوم بحاجة لفكر جديد يؤسس لحرية الانسان واحترامه كمدخل لتاسيس معنى التعددية وشرعية الاختلاف باعادة الاعتبار الى الفرد وللفكر النقدي فنحن شعب نخاف النقد فالمطلوب منا للمرحلة القادمة هو الخروج من من ثقافة الخطوط الحمراء فيما يخص الوطن والمواطنين علينا العمل على تطوير ذواتنا كمجتمع يسعى للتغيير من خلال الثقافة الفردية لنصل مرحلياً الى التجمع وراء الفكرة ،فانا اؤمن تماما بان هناك شيئاً ايجابياً في كل انسان يمكن التعامل معه ويجب الا نقنط من التغيير فنحن في اعتقادي قادرون على تكوين راي عام جديد وبمفاهيم جديدة وفي زمن وجيز اذا استطعنا ان نعتمد كلياً ان نتعامل على الارض وتوحيد الجهود المتفرقة وفق اتفاقات ، فبقدر ما تزداد الازمة تزداد شكوك الناس في مدى مصداقية وخطل ارائهم ويتناقلون المعرفة الممنوعة فيبحثون عن راي عام جديد...يمثل رؤى واشواق الوطن بالحرية والاستقلال الحقيقي .والله الموفق. شريف محمد احمد [email protected]