هل رضيت؟    موقف موسى هلال يجب أن يسجل في دفاتر التاريخ    الخال والسيرة الهلالية!    الدعم السريع يغتال حمد النيل شقيق ابوعاقلة كيكل    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    وصول البرهان إلى شندي ووالي شمال كردفان يقدم تنويرا حول الانتصارات بالابيض    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    الإمارات العربية تتبرأ من دعم مليشيا الدعم السريع    نائب البرهان يصدر توجيها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    أمانة جدة تضبط موقعاً لإعادة تدوير البيض الفاسد بحي الفيصلية – صور    لافروف: العالم يشهد أزمة في مجال الحد من التسلح وعدم الانتشار النووي    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    بمشاركة أمريكا والسعودية وتركيا .. الإمارات تعلن انطلاق التمرين الجوي المشترك متعدد الجنسيات "علم الصحراء 9" لعام 2024    تراجع أم دورة زمن طبيعية؟    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    محمد وداعة يكتب: حميدتى .. فى مواجهة ( ماغنتيسكى )    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    شاهد.. الفنانة مروة الدولية تطرح أغنيتها الجديدة في يوم عقد قرانها تغني فيها لزوجها سعادة الضابط وتتغزل فيه: (زول رسمي جنتل عديل يغطيه الله يا ناس منه العيون يبعدها)    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ايها الشعب ..لاتنتظر احدا ليحررك...فاما ان تعيش كريما او ان يصبح وجودك عبئا علي العالم
نشر في السودان اليوم يوم 10 - 09 - 2012

خالص التحايا ..مجموعة اراء اذا رايتم انها تستحق النشر فانشروها
"احمد دهود" [email protected]
ايها الشعب ..لاتنتظر احدا ليحررك...فاما ان تعيش كريما او ان يصبح وجودك عبئا علي العالم.
ينتظر الشعب السوداني الذي عرف في اوقات سابقة بالملهم ،ينتظر بفارغ الصبر حدوث معجزة الهية تنجيه وتنقذه من حكومة الانقاذ التي جسمت علي صدره مايقارب الثلاثة وعشرون عاما ،وعلي الرغم من انه عرف وسط الراي العام الاقليمي والمحلي بمناهضته للظلم والاستبداد والقهر،ونجاحه في اسقاط ديكتاتورتي عبود ونميري في اكتوبر 1964 وابريل 1985 الا انه يرضخ الان تحت نير الجبهة الاسلامية ،وفيما تشير كافة الحيثيات الي اكتمال مقومات الثورة ،بيد ان كثير من قطاعات الشعب لم تجهد ذاتها اوتبادرباشعال نيرانها ،بل انهم كثيرا ما يقضون حيز كبير من حياتهم في
التوسل والدعاء للخالق ليقوم بعملية الانقاذ نيابة عنهم.
وبحجة عدم وجود الاليات الكافية ،يتنصل بعض ابناء الوطن من القيام باداوارهم التاريخية ،بينما يتحجج اخرون باسطوانة عدم اكتمال مقومات الثورة ..ولكن الواقع يثبت خطا مايزعمون ، فالاليات موجودة، حيث تعتبر الارادة والعزيمة والاصرار ابرزها، وهما تكفيان لوحدهما لاسقاط كافة مستبدي الكون،والتاريخ يحدثنا كيف نجح الثوريان (جيفارا وفيدل كاسترو) في اسقاط حكومة الديكتاتور باتيستا بما لايتعدي الثلاثون رجل يتسلحون بمعدات واسلحة غير متطورة مقارنة باسلحة نظيرهم الاخر،كما ان ذات التاريخ يخبرنا كيف تمكن نيسلون مانديلا ومؤيدوه الذين يفتقرون
لابسط المعدات في الغاء سياسة التمييز العنصري او ماتعرف بالابرتايد ،بل واقامة دولة الكرامة والمواطنة،ويستمر التاريخ في ايراد الكثير من نضالات الشعوب،فاسبارتكوس وبعض اخوته الرقيق اشعلوا (ثورة العبيد) واسقطوا حكومة الظلم والاستبداد،ومثلما نجح مانديلا ومؤيدوه في تحرير جنوب افريقيا من سياسة التمييز العنصري ،كذلك ثار الشعب الفرنسي في وجه لويس الخامس عشر واشعل ثورة مازال الانسان يستلهم منها الكثير،ولايقف الامر عند ذلك ،فالارادة هي من جعلت الشاب اسكندر الاكبر الذي لم يبلغ الخامسة وعشرون من عمره ،جعلت منه من بين اعظم الشخصيات
العالمية ،وهي من تركت جاليلو جاليلي الانسان البسيط ان يقف في وجه سلطة الكنيسة ويثبت ان الارض مركزية الكون خلاف ما كان تدعيه الكنيسة ،والارادة هي من جعلت الفيلسوف اليوناني سقراط يتجرع السم دفاعا عن الحق ، كما ان ذات الارادة هي من حررت شعوب المستعمرات العالمثالثية من الاستعمار الاروبي ،وهي من تركت الثائر التونسي (البوعزيزي) ان يتجاوز حدود الزمان والمكان ويسكب البنزين علي جسده الضعيف ويشعل النيران فيها،لتشتعل من ورائه تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن. وهي من ساعدت اليابات التي دمرتها القنبلة الزرية في الوقوف ضد الياس وتصبح من بين
اعظم دول العالم، وهي من جعلت الاعمي لوييس بريل يبتكر اسلوب بريل الذي قدم افضل خدمة للانسان الكفيف، وهي من دعت توماس اديسون يتحدي الفشل ويكتشف المصباح الكهربائي بعد 999 محاولة فاشلة، وهي من ساعدت دروايش السودان الذين لايمتلكون سوي السيوف والحراب يقتلوا غردون المدجج بالاسلحة الثقيلة.
ولكن لو عددنا الاشياء العظيمة التي فعلها الانسان بواسطة الارادة والاصرار والعزيمة ،حينها لم يتبق لنا شيئا لنكتبه ،وبالتالي فان التحجج بعدم وجود الاليات الكافية سيكون مجرد حجة يسعي البعض للتستر ورائها ،فالارادة تعد من افضل الاليات واكثرها تاثيرا ،ولاخير في قوي مادية دون ارادة ،واذا ما امتلك الانسان كافة الاليات وافتقر للارادة والعزيمة فانه سيعجز في تحقيق أي انجاز يذكر.
اما الذين يتحججون بعدم اكتمال مقومات الثورة فعليهم ان يدركوا جيدا ،بان السودان اصبح كالجحيم،فبينما تتناول الطغمة الحاكمة اشهي الماكولات ،وترتدي افخم الثياب ،وتسكن ارقي المساكن ،وتتلقي العلاج بافضل المشافي والمراكز الصحية ،وتقضي العطلات والاعياد باعظم المنتجعات العالمية ،فان هنالك بعض الناس لايجدون ما يسدون به رمقهم، كما ان هنالك من يفطر بمادة (السلسيون) المخدرة ويتخذ من المجاري والخيران ماوي له،واخرون ينتظرون الاعانات والاغاثات من الذين تصفهم حكومة المركز بالكفار واعداء الدين والوطن...ومثلما ان هنالك بعض السودانين
يتلقون تعليمهم بلندن وباريس وغيرها من العواصم الاروبية ، هنالك قري باكملها لا تمتلك سوي مدرسة واحدة ،بل ان ابنائها غالبا ما يقطعون مسافات شاسعة سيرا علي الاقدام من اجل التعليم او العلاج. ومنهم من مات لعدم امتلاكه ثمن العلاج....وكم من طفل هجر مدرسته ليلتحق بجيوش المتسولين والشحاذين..وكم من خريج يمتلك افضل الشهادات قارع الخمر والمخدرات وفقد عقله بسبب الفراغ والعطالة واصبح يصنف ضمن من يطلق عليهم فئة المجانين..وكم من فتاة امتهنت التعري والدعارة في ازمنة المشروع الحضاري.
اذا علي الشعب السوداني ان يدرك انه مالم يعمل علي تحرير ذاته ،فلا يتنظر احدا ليحرره ويقبل بحياة الزل والخنوع،كما عليه ان يبعد فكرة المعجزة او الغضب الالهي عن ذهنه،فلا كسفا يسقط علي رؤؤس الانقاذيين ،ولا ارضا تخسف بهم ،واذا كان خائفا فليضع في الاعتبار ان الذي يقتل هو خالق الكون وليس المؤتمر الوطني ،بل انه مهما هرب من المواجهة والاصطدام فليدرك انه (سيدركه الموت ولو كان في بروجا مشيدة) وانه (ميت وانهم ميتون).
وعلي الرغم من ان الظلم والقهر من الاشياء المتواجدة في كل المجتمعات الانسانية ،الا ان المنطق يوكد بانه( مالم ننحن فلم يتمكن احدا من ركب ظهرانينا) ونحن السودانين رغم تاريخنا الزاخر بالنضال والصمود انحنينا فركب العسكر ظهرانينا ،ونحن اليوم وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا سنضطر للاختيار ما بين اثنين، فاما الموت او العيش بكرامة. واما ان نعيش جمعينا بكرامة ومساواة وعدالة وسلام ومحبة او ان يكون وجودنا عبء علي العالم.وبما ان الاله خلقنا متساوين وفضلنا علي جميع مخلوقاته ،فعلينا ان نعمل بكل ما اوتينا من قوة في مناهضة الظلم
والاستبداد ،فلننكر ذواتنا ونرفع راية الوطن عاليا ونتحدي الموت من اجل اعلاء راية القيم الانسانية السامية ،ونبني وطنا يسعنا جميعا غضا عن اعراقنا وثقافتنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا السياسية ،وطن يتساوي فيه الجميع ويسوده السلام والخير والمحبة والعدالة والمساوة.
..........................................
الانسان قبل الدين
في سباقها المحموم للوصول الي سدة الحكم واعادة انتاج الراي العام حسب الايدلوجية الدينية ،تسعي كثير من الجماعات ذات التوجه الديني سواء اكانت اسلامية او مسيحية والتي تتدعي تمثيل الاله وتتحدث باسمه ،تسعي الي الاهتمام بالمظاهر الخارجية للدين في وقت تتجاهل فيه الحاجات الاساسية المرتبطة بحياة الانسان ،وبينما تهتم بتشيد المعابد ،تغفل كلما يرتبط بحياه الانسان ومصيره،وما ان تتطأ قدماك احدي الدول التي تحكمها جماعة او تنظيم ذو توجه ديني ،حتي تدرك مدي صحة ذلك،ففي الوقت الذي تكثر فيها المساجد والكنائس تقل المدارس والمشافي والمراكز
الصحية المتطورة. وليس غريبا ان تجد مدرسة واحدة مقابل كل عشرة مساجد.
ولكن مايثير الدهشة هو انه حينما وضع الدين ،فانه لم يوضع الا ليربط الانسان بواضعه ،او يساعده في تسيير شوؤن حياته ،أي بمعني اخر ليخرجه من الظلمات الي النور ،بيد انه وبسبب الفهم السالب والاستخدام السئ له من قبل تلك الجماعات انقبلت المعادلة ،فبدلا من تكون الاولوية للانسان اصبح للدين ،وعلي الرغم من الذي وضعه قادرا علي حمايته تعمل الجماعات الدينية علي حمايته ،ولكن حمايته من من؟ من الانسان الذي سخر لخدمته. وفي سباقها المحموم نحو الحماية المزعومة للدين تناست تلك الجماعات وتجاهلت حاجات الانسان بل انها تسببت في انتهاك كرامته والتقليل
من شانه وكرامته عندما استغلت موارده لخدمة الايدلوجية الدينية.
ويثبت العقل انه مالم يتمكن الانسان من اشباع حاجاته الاساسية ،فانه سيعجز في اقامة شعائره الدينية،فالجوع او الخوف مثلا يمنعان الانسان ويحرمانه من العبادة ، وقيل قديما ان الفقراء لا يمارسون الفضيلة ،وحتي يقيم الانسان شعائره الدينية يحتاج في المقام الاول الي الامن والسلام والحرية والغذاء والرعاية الصحية،واذا افتقر لتلك الاشياء فغالبا ما يبتعد عن الدين او يتجاهله بصورة غير مباشرة لان جل تفكيره يكون منصوبا حول كيفية توفير لقمة العيش او مناهضة الموت والفناء.
وعلي الرغم من ان المنطق يوكد بان الاولوية للانسان ،ويلزم في ذات الوقت الجماعات الدينية وخاصة تلك التي تجلس علي سدة الحكم ،بان تعمل علي توفير الحاجات الاساسية للانسان،الا انها تهتم بمايعرف في نظر المنطق بصغائر الامور،وتسخر كافة موارد الشعب لبناء الاديرة والمساجد والكنائس ،رغما ان الشعائر الدينية يمكن ان تقام في امكنة اخري ،بينما الامن والغذاء والتعليم والصحة لا يمكن ايجادهما الا في الامكنة التي خصصت من اجل ذلك ،فالعلم والرعاية الصحية علي سبيل المثال لا يتوفران الا في امكنة بعينها ،الا ان الصلاة يمكن ان تقام في أي مكان اخر غير
المسجد او الكنيسة .
ولكن يبرز السؤال طالما ان تلك الجماعات تؤمن بفكرة اولوية الانسان علي الدين فلماذا تنتهج اسلوبا مغايرا لذلك وتسخر جل وقتها وكافة موارد الشعب في الاهتمام بالمظاهر الدينية في ذات الوقت الذي تتجاهل فيه حاجات الانسان الاساسية ؟ لسبب بسيط ،هو انها تسعي الي خلق شعب تابع ومطيع يلتزم بتنفيذ توجهاتها،فالمعابد بكافة اشكالها اضحت منبرا تُعرض من خلالها التوجهات السياسية وليست مكانا لاقامة الشعائر الدينية ،كما ان اشباع رغبات الانسان قد تساعده في تحرير ذاته من سلطة المؤسسة الدينية التي تسعي الي اعادة انتاجه، ولكيما يتمكن الانسان من تحرير
ذاته تعمل تلك الجماعات علي تجويعه وافقاره وسلب حريته .
.......................................................................................
من نحن؟
اختلف الراي العام السوداني حول السؤال (من نحن) _ ففي الوقت الذي يذهب البعض الي اعلاء شان الثقافتين العربية والاسلامية ،وتاكيد باننا عرب ومسلمون،يذهب اخرون خلاف ذلك ،ويعلنون باننا افارقة ،ومابين العروبة والافريقانية ،برز طرف ثالث يدعو الي الاعتراف بالثقافتين العربية والافريقية كمكونات للشخصية السودانية. وبغض النظر عن تنامي الاصوات التي تدعو الي السودانوية الا انها خافتة مقارنة بالاصوات السابقة.
وعلي الرغم من ان اختلاف الاراء لايفسد للود قضية الا ان تعدد اراء السودانين واختلاف وجهات نظرهم حول السؤال السابق ادي الي تفتيت وحدة الوطن ،وساعد في تصعيد لغة العنف والحرب،فما ان انفصل جنوب السودان والذي يعتبر من اشد المتمسكين بالافريقانية حتي اعلنت السلطات الحاكمة في الشمال (ان السودان دولة عربية واسلامية ) في نبرة توكد عدم اعترافها بالثقافات الاخري.
وقابل ذلك ،تمسك اهالي تلك الثقافات ،بثقافاتهم ،بل انهم سعوا بكل ما اتوا من قوة لتاكيد هويتهم والتعبير عن ذاواتهم ماادي بدوره الي اشتداد الحرب في اقليم دارفور غربي السودان والذي يضج بالكثير من المكونات ذات التوجه الافريقي،كما اندلعت الحرب بولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان واللتان تقطنانها مجموعات تنتمي هي الاخري الي الثقافات الافريقية.
وتشير كافة الاحتمالات الي امكانية انفصال اجزاء اخري من الوطن ،كما انها تبشر بمصير غامض ،ولكن اسواء مافي الامر ان يدخل السودان فيما يعرف بحرب الهويات او ان تستاصل الحرب كينونتنا ووجودنا.
ما العمل ؟
اثبتت كافة تلك الاراء والاصوات فشلها في تقديم تعريف شامل وواف للشخصية السودانية ،فالداعين الي اسلمة وتعريب السودان سيتسببون في اختزال السوادن داخل الثقافتين العربية والاسلامية وتهميش الثقافات الاخري،كما ان الداعين الي الافريقانية اوالافروعروبية لا يختفلون كثيرا عنهم ، اضف الي ذلك فان فكرة وجود مكونات اصلية واخري خلاف ذلك هي الاخري ستكون مسمارا في نعش الوحدة الوطنية.
وعلي الرغم من ان اغلبية السودانين ينتمون للثقافتين العربية والافريقية ،الا ان ذلك لاينفي وجود مكونات اخري لاتنمي اليهما ،وهي مثلها مثل اهالي تلك الثقافات مواطنين سودانيون،والقانون يلزمنا بان نمنحهم كافة مقومات المواطنة من حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية،ومثلما ان السلطات الحاكمة تشير الي ان 90% من السودانين يعتنقون الدين الاسلامي ،هنالك اخرون يومنون باديان ومعتقدات اخري ،ولكن ذلك لاينزع عنهم حق المواطنة ،وبما ان اكثرالاراء السابقة عجزت في تقديم تعريف شامل للشخصية السودانية سوي القائلين (بالسودانوية)،فان المنطق
يلزمنا بان ناخذ به ونقول بان السودان =(أ+ب+ج+د) حسب تعبير رائد فكرة السودان الجديد د/جون قرن دي مبيور،حيث ان (أ) تعني مكونات افريقية و(ب) تعني مكونات عربية،و(ج) مكونات اخري ،أي بمعني اخر السودان للسودانين غضا عن اعراقهم وثقافتهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم السياسية.
ويدحض ذلك الراي الفكرة التي تشير الي وجود نقاء عرقي ،وحسب ما قال الشاعر العظيم صلاح احمد ابراهيم:
"كذاب الذي يقول في السودان
انني الصريح
انني النقي العرق
اجل كذاب"
..................................................
لماذا تاخر اندلاع الثورة السودانية ؟
في الوقت الذي تنتفض فيه الشعوب في وجه انظمة القهر والاستبداد ،يرضخ الشعب السوداني تحت نير الظلم والاستبداد،وبينما تقف قطاعات قليلة من الشعب السوداني في وجه حكومة المؤتمر الوطني ،وتسعي الي اسقاطها بكافة الاشكال ،تستسلم قطاعات اخري للامر الواقع ،وتنظر بعين الريبة والشك والخوف لتلك القطاعات ،بل وتعتبرها _جماعات متفلتة ومارقة .
وعلي الرغم من ذهاب المراقبين للقول الي امكانية اندلاع الثورة السودانية الا ان الاوضاع علي ارض الواقع توكد خلاف ذلك ،الامر الذي يقودنا للسؤال لماذا تاخر اندلاع الثورة السودانية .
اولا: الفشل في توظيف حالة الغضب والاحتقان الجماعي: حيث تشير كافة الدلائل الي وجود حالة غضب واحتقان اجتماعي ،بجانب اكتمال مقومات الثورة _فالحرب مازالت مستمرة في بعض اجزاء الوطن الشرقية والغربية ،وهنالك انحدار ملحوظ في الحريات ، وانخفاض ملحوظ في مستوي المعيشة وانهيار كبير للاقتصاد، وانتشار للفساد والظلم الاجتماعي .بيد ان الازمة الكبري ان الصفوة السودانية المناهضة لسياسات النظام الحكام فشلت في توظيف تلك الاشياء وترجتمها علي ارض الواقع ،ويرجع ذلك الي عوامل خارجية تتمثل في الاستخدام المفرط للعنف في مواجهة المتظاهرين العزل
،وعوامل اخري ذاتية تتمثل في غياب القيادة الراشدة وسوء التخطيط والتنظيم.
ثانيا:انعدام ثقافة المطالبة بالحقوق:
يعتقد الكثير من السودانين بان الدولة غير ملزمة بتوفير احتياجاتهم الاساسية ،واذا ما وفرتها فانهم يعتبرونها "منحة" وليست حق من حقوقهم التي كفلها القانون والدستور ،ولذلك حينما تقطع عنهم المياه او تصادر منهم الحريات ،فانهم لايجهدون ذواتهم في المطالبة بها ،بل يزعنون للامر الواقع ،ويبحثون عن مصادر اخري لتوفير تلك الاشياء حتي لو كان بالاعتداء علي الاضعف منهم.
ثالثا:الاحباط واللامبالاة:
اصابت قطاعات كبيرة من الشعب السوداني موجة من الاحباط واللامبالاة ،فبينما كانوا يتصفون حتي لوقت قريب من تاريخهم بالامل والتفاعل ،اصبحوا الان وبسبب فشل قادتهم في استغلال الاوضاع الراهنة، اصبحوا محبطين ولامبالين ،بل انهم يعتقدون بان تلك القادة لا تريد الا مصلحتها وليست مصلحة الوطن.وما ان تندلع تظاهرة احتجاجية حتي تجد (المتفرجين) اكثر من المتظاهرين ،فان تظاهر علي سبيل المثال مائة شخص ،تعادل نسبة المشاهدين ضعفهم مرتان.
رابعا:الايمان بفكرة عدم وجود بديل للنظام الحكم:
تمكنت اجهزة النظام الاعلامية والامنية في غرس فكرة عدم وجود بديل لهم في مخيلة الكثير من قطاعات الشعب السوداني ،حيث تتمسك تلك القطاعات بصحة تلك الفكرة .دون ان يحاكموها عقليا ويثبتوا عدم صحتها.
خامسا: الاعتقاد بعدم جدوي النضال السلمي :
ادي رضوخ الحكومة المركزية لمطالب الحركات المسلحة وتجاهل مطالب المدنيين ومواجهتم بالعنف الي تنامي فكرة عدم جدوي النضال السلمي ،حيث يذهب الكثير من السودانين بانه لايمكن مواجهة هذا النظام الا بامتلاك الكافية ،وغالبا مايعنون بذلك القوة المادية.
سادسا:غياب الارادة وضعف الانتماء الوطني بجانب انتشار القبية والجهوية.
................................................
ماوراء رفض العلمانية ؟
اثبتت فكرة فصل الدين عن الدولة نجاحها،ودحضت في ذات الوقت فكرة الدولة الدينية ،وعلي الرغم من النجاح الكبير الذي حققته العلمانية في كثير من الدول الا ان البعض يسعي الي استئصالها والتقليل من شانها .
وتكمن فوائد النظام العلماني في انه تمكن من تحييد الدولة ،وفصل في ذات الوقت بين الدين والسياسة ،كما انه عمل علي تخفيف حدة الاستقطاب مابين اصحاب المعتقدات والافكار المختلفة، واعتبر ان المواطنة اساس الحقوق والواجبات،واقام دولة العدالة والمساواة،وبغض النظر عن الهجوم الذي ظلت تتعرض له الدولة العلمانية من قبل دعاة الدولة الدينية القابضة وتاكيدهم بان العلمانية "كفر مبين وطعن في الدين"،الا ان العلمانية كمذهب وفكرة عملت علي حفظ الاديان ومساعدتها في التعبير عن ذاتها والتبشير بتعالميها وحمايتها من الاستغلال السياسي السئ،والتاريخ
يخبرنا كيف نجحت اروبا ذات التعدد الديني والثقافي والمذهبي في حقن الدماء بالاعتماد علي النظام العلماني ،واضحت رمزا للتقدم والكرامة وانهت استبداد وطغيان رجال الموسسة الدينية.
في المقابل فان الناظر لاوضاع الدولة الدينية يدرك بانها لم تضف للانسانية شئ يذكر سوي الحروب والتخلف والجهل ،كما انها تسببت في تقسيم الناس حسب الاعراق والثقافات والمعتقدات وفضلت بعضهم علي بعض،ودعت في ذات الوقت الي اراقة دماء كل من يخالف توجهاتها ،ومنعت حرية التعبير والتفكير والاعتقاد،واعتبرت بانه لادين الا ما تعتنقه ،وعملت علي اعادة انتاج الاخرين داخل بوتقتها،ورفعت شعار ان العرق والدين هما المعيار الامثل لنيل الحقوق والامتيازات او التمتع بموارد الوطن،كما انها حطت من كرامة المراة واعتبرتها ادني من الرجل ،بل ان بعض تلك الدول
ما زالت حتي الان تمنع النساء من تولي المناصب السياسية العليا ،او قيادة السيارات ،وتنظر اليها في ذات الوقت باعتبارها عورة ، وتختزل شخصية المراة في الجوانب الجنسية ،وتشير الي انها مجرد اداة للانجاب.
وعلي الرغم من ان دعاة الدولة الدينية يجدون ذواتهم داخل الدولة العلمانية مثلما الامر في كثير من الدول المتقدمة التي تمنحهم حرية التعبير والتفكير والاعتقاد وكافة الحقوق الاخري ،الا انهم يعملون علي تقويضها وهدمها،ولكن يبرز السؤال طالما انهم يدركون قيمة العلمانية جيدا،فلماذا يرفضونها ويسعون الي استئصالها ؟
لانها تنزع عنهم لباس القداسة والشرعية ،فهم لايهدفون الي اقامة شرع الله حسب ما يزعمون ولكنهم يسعون الي استغلال الدين لتنفيذ وتحقيق الاجندة السياسة ،فالدين بالنسبة لهم عبارة عن (راسمال) او اداة لكسب الشرعية ،وحينما يحرمون من تلك الاداة او يصبح الدين امر خاص بين الانسان وذاته او بينه وبين خالقه حينها لايحق لاحد ان يدعي التحدث باسمه او الدفاع عنه مما سيودي الي انهيارهم ،وحتي يضمن هولاء البقاء علي سدة الحكم طويلا فلابد لهم من مناهضة كل ما يودي الي فصل الدين عن السياسة.
..................................................
حقك ياشعب
يجهل بعض السودانين الكثير من حقوقهم التي كفلها لهم القانون والدستور ،ولذلك تجدهم يعتقدون بان الدولة غير ملزمة بتوفيرها لهم .واذا ما انعدمت تلك الحقوق او سلبت منهم ،فانهم لايلجأون للمطالبة بها ،بل انهم في اوقات كثيرة يعتبرون ذواتهم مثل الاجانب،وبسبب ذلك الاعتقاد السلبي يرفض هؤلاء المشاركة في القضايا المصيرية او الاسهام في عمليتي التغيير والبناء.
وتعمل الكثير من الحكومات الديكتاتورية التي عرفت بعدائها للديمقراطية وكافة المعاني الانسانية السامية ،تعمل علي ترسيخ مثل تلك المفاهيم في ذاكرة شعوبها ،كما انها غالبا ما ترجع انعدام تلك الحقوق الي عوامل الهية ،ويزعمون بان الله قدر ذلك ،ولايكون ترسيخ مثل تلك الافكار والمفاهيم الا بواسطة التجهيل والتجويع ،وبما ان حكومتنا احدي تلك الحكومات فقد برعت بصورة كبيرة في ترسيخها ،الامر الذي جعل كثير من المواطنين يتمسك بصحتها ويبعد ذاته من الاشتراك في تقرير المصير الوطني .
وتشير كافة الدلائل الي انه لاتحرير وتغير وبناء دون تبصير الشعب بحقوقه ،وترجع فشل الثورة السودانية غالبا ما الي عدم معرفة الشعب بتلك الحقوق لذلك فهو لايجهد ذاته في المطالبة بها ،واذا ما ارادت الاطراف الحادبة علي مصلحة الوطن تغيير الاوضاع الراهنه فعليها في المقام الاول ان تبصر الراي العام السوداني بحقوقه.
وتتمثل ابرز تلك الحقوق في :
حق الحياة والامن: حيث ان لكل انسان غضا عن عرقه وثقافته او معتقده او توجهه السياسي الحق في الحياة الكريمة والامن حسب ما اقرته اعلانات حقوق الانسان ،ولايحق لاي شخص مهما كان ان يستأصل حياة الاخر او يعمل علي الغاء وجوده باي شكل من الاشكال ،وبما ان الانسان فوق كل شي فالدولة ملزمة بتوفيرالامن و الحياة الكريمة ،ولا يعني الامن الحماية من العنف والحرب فقط،بل انها تعني الحماية من الجوع والعطش والبطالة وتوفير كافة المقومات الاساسية المرتبطة بحياته من تعليم ورعاية صحية وتامين اجتماعي .
الحق في التعبير:حق التعبير وابداء وجهات النظر حق اساسي لكل انسان ،ويحق لكل انسان ان يبدي وجهة نظره او يعلق حول كافة القضايا العامة طالما انه لم يتسبب في القاء الضرر بالاخرين او التقليل من شانهم ،ويسمح له ايضا بانتقاد اعلي سلطة سياسية في البلاد او يطالب بعزلها اذا راي بان تلك السلطة عاجزة في ادارة الشان العام .
حق المشاركة السياسية والتظاهر:السياسة ليست حكرا علي احد،ولذات السبب فانه يحق لكل انسان ان يشارك في الحياة السياسة كأن ينتخب او يُنتخب طالما انه اهلا لذلك ،كما ان يمنح حق التظاهر ومناهضة كافة القرارات التي قد توثر علي حياته ومصيره .
حق الاعتقاد والتفكير :الاعتقاد او التدين امر خاص بين الانسان وذاته ،والسودان باعتباره مجتمع تعددي يزخر بالعديد من المعتقدات والاديان والافكار ،وحتي يعيش اصحاب تلك الافكار والمعتقدات في امن وسلام فلا يحق لاحداها ان تقسر الاخرين للايمان بما تعتقده او تؤمن به وكما قالت الدكتورة وفاء سلطان (اعبد حجرا ولكن لاتضربني به).
تحقيق الذات: مالم يتمكن الانسان من تحقيق ذاته فانه لايستطيع مساعدة الاخرين اومد يد العون لهم ،وبما ان حرية التصرف في الذات حق من الحقوق الاساسية فلا يمكن ان يحرم الانسان من تحقيق ذاته ،فله الحق في ان يكون مايشاء (متدين،ملحد،لاديني ،اشتراكي ،اسلامي ،ليبرالي ،راسمالي ) ،ولايحق لاي جهة مهما كانت ان تتحكم في مصيره او تقسره ليفعل ما يكون ضد ارادته .
ورغم ان وثيقة الحقوق تورد حقوقا اخري ،الا ان ما اوردناه يمكن ان يكون ابرزها ،واذا عرف الشعب تلك الحقوق وامن بها ،فلا تسطيع أي جهة ومهما بلغت من قوة ان تسلبها منه .
............................
معا من اجل تحرير المراة
بالرغم من التطور الذي يشهده العالم في مجال حقوق الانسان،وانتشار الحركات الداعية الي تحرير المراة،الا ان قضايا المراة في الدول العالمثالثية ظلت علي حالها دون وجود أي تغيير يذكر،ولأن نجحت المراة الغربية في فك القيود المفروضة عليها ،وتمكنت بفضل التطور الذي يشهده عالمها من تحقيق ذاتها المستقلة واثبات وجودها ،بل واسهامها في عملية التغير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ،فان نظيراتها العالمثالثية مازلت تقبع في ادني سلم التراتبية الاجتماعية ، بجانب تعرضها المستمر للتمييز والاستغلال والقهر.ويتخذ هذا القهر نوعان مادي ومعنوي.
اولا:القهر المعنوي : ويتخذ هو الاخر عدة اوجه:
التبخيس:يعد من اوجه القهر المفروضة علي المراة وهو يكون بعدة اشكال:
×وعاء جنسي :تعتبرالمراة في المجتعات المختلفة مجرد وعاء جنسي ،وتتمثل مهمتها في الانجاب ورعاية الاطفال ،وتكثر مثل هذه النظرة في المجتمعات العشائرية ،ويشير الدكتور مصطفي حجازي في كتابه "التخلف الاجتماعي مدخل لسيكلوجية الانسان المقهور" الي ذلك،ويؤكد"بان كيان المراة يختزل كله في في جسدها الذي حول الي مجرد اداء انجاب للاولاد ،الي مجرد رحم قيمته في درجة خصوبته ،وتحديدا في قدرته علي انجاب الصبيان ،وحينما يستنزف تهمل المراة ويقوم الرجل باستبدالها باخري اكثر خصوبة منها"ولكن مثل تلك النظرة ليست مقصورة علي المجتمعات العشائرية
فقط،ففكرة ان المراة مجرد"وعاءجنسي" مترسخة في اذهان الكثير من الرجال حتي وسط الذين تلقوا تعليما حديثا،ومثل هذا الرجل حسب مايذهب حجازي"لايراعي حاجتها في العلاقات الجنسية ،فالجماع يتحول في معظمه الي فعل سيادة للرجل علي جسد المراة من خلال اثبات القوة القضيبة " الامر الذي يمنع المراة من المتعة والاثارة ،كما ان جسد المراة في هذه الحالة ملك للرجل _يتصرف فيه كيفما شاء حتي لو كان ذلك ضد ارادتها.
×التمييزالجنسي :تميز النساء حسب الجنس ،ويعتبرن اقل درجة من الرجال ،حيث يحل الرجل دوما في المرتبة الاولي بينما تكتفي المراة باحتلال المرتبة الاخيرة، بل ان المجتمع يمنح هذا الاخير السلطة التي تخوله بان يكون وصيا عليها ويتدخل في املاء قراراته عليها ،ويتحكم في تقرير مصيرها. كما انها تحرم من كثير من حقوقها ،وان منحت فهي غالبا ما تكون حقوق هامشية وليست ذات تاثير .
×الحرمان من تحقيق الذات:لاتؤمن الكثير من المجتمعات المتخلفة بفكرة ان تحقق المراة ذاتها ،لذلك يسعون بكل ما اوتوا من قوة في حصر نشاطها في بعض المجالات فقط،حيث تحرم من النبوغ والابداع،وبينما تسعي المراة الي التحرر وتكوين شخصيتها المستقلة تصطدم بالرجل الذي يرفض التنازل عن "حقوقه التاريخية"حسب تعبير حجازي،وتشير الكاتبة نوال السعداوي في كتاب لها بعنوان"المراة والجنس" تشير الي ان التفوق والنبوغ في نظر المجتمع صفة الرجل وحسب ،وتؤكد بانه اذا ما اثبتت امراة ما نبوغها بما لايدع مجالا للشك اعترف المجتمع بنبوغها وسحب منها شخصيتها كامراة
وضمها الي جنس الرجال،وكثيرا مانسمع الفاظ علي شاكلة "محمد ولد_اخت رجال)في مواجهة النساء المتحررات او النابغات.
ويعتقد بعض الرجال بان تحرر المراة وتكوين شخصيتها المستقلة سوف يقلل او ينتقص من شانهم،لذلك كثيرا مايستنكرون مثل تلك الافكار ويعملون علي مناهضتها .
ولكن ظاهرة التبخيس لا تقف عند ذلك الحد،فهي تتعدد بتعدد المجتمعات،وبينما يعتقد اهالي تلك المجتمعات بان المراة اقل درجة من الرجل ،وانها مجرد وعاء جنسي ،فانهم كذلك يعتبرونها كثيرة الشكوي والتذمر ،وانها ناقصة عقل ،وهنالك الكثير من الاقوال والامثال والموروثات الشعبية التي تؤيد ذلك،فما ان تعاشر افراد تلك المجتمعات حتي تسمع عبارات علي شاكلة "المراة لو بقت فاس مابتشق الراس" او"ان المراة عاطفية والرجل عقلي " أي انها لاتحاكم الامور عقليا،ولاتعتمد علي العقل لقياس مدي صحة القضايا التي تواجهها ،بل انها تعتمد في ذلك علي العاطفة ،كما ان
بعض تلك الامثال والاقوال تصور المراة كرمز للشر والفسق والانحلال الاقتصادي ،وتشير الي ان الشيطان يحتاج الي جهد ووقت اكثر لخداع رجل واحد،بينما تكفي المراة مدة قليلة لتخدع اكبر عدد من الرجال ،بيد ان اخطر اشكال اتبخيس الذي تتعرض لها المراة هو النظر اليها باحتقار واعتبارها عار،كما انها تعتبر اداة للاستعراض والتباهي أي عبارة عن "وكيل دعاية" حسب تعبير حجازي .وتعتقد ذات المجتمعات بان المراة انسان ماكر ويوضح حجازي ذلك قائلا" انها المراة التي لايؤمن بها ،والتي يجب الاحتراس لكيدها ودسها ..كل خلافات الرجل الاسرية تلصق بالمراة المحتالة
،الماكرة التي تبث بذور الشقاق بين الاشقاء"،كما انه ينظر اليها بانها عاجزة وقاصرة ولا تصلح الا للشئون المنزلية.
×الكبت العاطفي :تتعرض المراة في المجتمعات المتخلفة الي ابشع انواع الحرمان والكبت العاطفي ،وعلي الرغم من ان الحب قيمة انسانية سامية وحاجة ضرورة لاي انسان غضا عن تكوينه البيلوجي الا ان المراة في ظل مثل تلك المجتمعات تفتقر الي تلك الحاجة والقيمة، فالحب مباح للذكور بيد انه محرم علي النساء وخاصة الفتيات الغير متزوجات ،فالمجتمع يشجع الذكر علي الحب ويقوم بتوفيركافة المقومات له ،بينما يمنع المراة من ذلك، ويقوم بكبت كافة عواطفها باعتبار انه عار وضد الاخلاق العامة والعادات والتقاليد،وما ان تعلم اسرة ما بوجود علاقة عاطفية بين احد
ابنائهاا وفتاة اخري لاتنتمي اليها ،حتي تقوم بتشجيع ذلك،وتعتبر الذكر الذي يراود اكبر عدد من النساء تعتبره"فحلا" وتصبغ عليه كافة صفات الرجولة،غير ان الامر عند الفتاة داخل ذات الاسرة فهو خلاف ذلك ،فدخولها في علاقة حب مع شخص ما سيعرضها للمسالة والتوبيخ ،بل ان الامر يصل حد الضرب ،والحب عند تلك المجتمعات لاينشأ الا بعض الزواج،وهي تعتبر كل علاقة عاطفية خارج اطار الزواج بمثابة الانحلال والفسق الاخلاقي ،ولاينقذ الفتاة من مثل هذا المصير السئ والغامض سوي تقدم احد الاشخاص لخطبتها.
ثانيا: القهر المادي :وهو اكثر ضررا من النوع الاول لانه يستهدف وجودها ويعمل علي استئصالها ،ويتجسد في :
×الزواج القسري:من الاشياء الشائعة وسط مجتمعات دول العالم الثالث ،فالفتاة تزف الي بيت الزوجية دون استشارتها او مراعاة مشاعرها وعواطفها،فالذي يزوجها هو وليها،ولايحق لها باي حال ان تختار زوجها ،لانه محرما عليها ،فالعرف يلزمها بان تقبل أي زوج يجلب لها حتي لو كانت لا تحبه ،فهي عبارة عن سلعة تباع لمن يدفع اكثر ،وبدلا من ان يقوم الزواج علي الوفاق والحب والاعتراف بالطرف الاخر يتم دوما بالقسر والاكراه ،فالتي ترفض الزوج الذي تختاره اسرتها ستتعرض لاقصي العقوبات ،بل والموت احيانا.
×زواج القصر:القاصر هي الفتاة التي لم تبلغ سن الرشد بعد ،ورغم ان الاخلاق تمنع الانسان من الدخول عليها باعتبارها "طفلة" الا ان اهالي تلك المجتمعات ينظرون الي الامر بشكل مختلف ،فما ان تبلغ الفتاة الثانية عشرة من سنها حتي تزف الي منزل الزوجية والقائها في حضن رجل بمثابة والدٌ لها ،وليس غريبا ان تجد ذات الثالثة عشر زوجة لذو الستين عاما.
مقابل انتشار تلك الظاهرة تنشر ظاهرة اخري اشد خطورة منها وهي ظاهرة الاغتصاب سواء اكان ذلك اغتصاب النساء الراشدات او الصغيرات اللاتي لم يبلغن السن القانونية.
×الختان:يوصم البعض الفتاة الغير مختونة بالعار ويعتقدون بان الختان يقلل من الشهوة الجنسية ويعمل علي الحد منها ،ويطلقون عليها "الطهور" أي انها تطهر المراة ،ورغم ان العلوم الحديثة اثبتت عدم صحة تلك الافكار ،الا ان اهالي المجتمعات المتخلفة يتمسكون بها ،ويرفضون التخلي عنها.
×الاستغلال واللامساواة: ويتخذ عدة اشكال:
_اقتصاديا: منحهها الاعمال الهامشية وحرمانها من الاشتغال بعدة مهن بحجة انها خصصت للرجال ،بجانب استغلال جهدها وتبخيسه ،وعدم تمليكها الوسائل الانتاجية.
_اجتماعيا:تفضيل الرجل عليها ووضعها في اسفل قائمة التراتيبة الاجتماعية.
_سياسيا:بحجة انها عار تحرم المراة من تولي الكثير من المناصب السياسية العليا او الاشتراك في القضايا العامة.
وتتمثل ابرز الاسباب التي ساعدت في استغلال و قهر المراة في:
×عوامل خارجية:
اولا :الدين : تسببت كافة الاديان السماوية في شرعنة القهر الممارس ضد المراة،وعلي الرغم من وجود بعض النصوص التي تساوي بين جميع الناس غضا عن اعراقهم واجناسهم، الا انه توجد نصوص اخري تعتبر النساء ادني من الرجال ،الامر الذي دعا بعض المجددين الي المطالبة بتطوير التشريع لاختلاف نسبة الوعي والحاجات مابين المجتمعات التي حضرت عملية الوحي والمجتمعات الراهنة.
*الاسلام :باعتباره احد الاديان السماوية تسبب في:
_ تفضيل الرجل علي المراة "الرجال قوامون علي النساء"
_ عدم مساواتها بالرجل في بعض المجالات كالميرراث"للرجال مثل حظ الانثين" والشهادة ،حيث تعادل شهادة امراتين شهادة الرجل الواحد.
_اعتبارها مجرد وعاء للجنس "نساؤكم حرث لكم فاتوا نساؤكم اني ماشئتم" أي انها الزرع الذي يثمر فاتوا هذا الزرع اني ما شئتم.
_ حرمانها من تولي المناصب السياسية العليا حيث نسب للرسول مايوكد ذلك "لايفلح قوما ولوا امرهم امراة"
_ اباحة زواج صغيرات السن بصورة غير مباشرة وخاصة ان النبي تزوج ام المؤمنين عائشة وهي تبلغ من العمر تسعة اعوام حسب ما اورده البخاري ومسلم.
*المسيحية: لاتختلف هي الاخري عن الاسلام فقد تسببت في الاتي:
_ تسخير المراة لخدمة الرجل باعتبار انها خلقت لاجله ،حيث ورد في رسالة بولس الاولي الي اهالي كورنتوس مايوكد ذلك "الرجل لم يخلق لاجل المراة ،بل المراة لاجل الرجل".
_ تفضيل الرجل عليها والاعلاء من شانه بحجة ان "الرجل لم يصنع من المراة،بل المراة من الرجل"
*اليهودية: ولانها اول الاديان السماوية والمرجع للكثير من تعاليمها تسبب في ذات الاشياء التي تسببت فيها الاديان الاخري.
كما ان كل تلك الاديان تتفق في فكرة ان المراة هي السبب في الخطيئة الاولي.
×ثانيا: السياسة :وتبرز العوامل السياسية بصورة جلية في :
_ غياب الديمقراطية وانتشار القهر والاستبداد، فحينما تنتفي العدالة ويكثر القهر ضد الرجل يقوم باسقاط ضعفه عليها ويقوم بقهرها واستغلالها حسب مايشير اليه حجازي.
_وجود تشريعات تنتهك كرامة المراة وتقلل من شأنها،فهنالك بعض الدستاتير التي لاتساوي بين الناس ،كما انها لاتاخذ بفكرة ان المواطنة اساس الحقوق والواجبات وخاصة في الدول ذات الايدلوجية الدينية ،وتري مثل هذه الدساتير بان الرجل افضل من المراة لذلك يحرمها من الكثير من حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
*ثالثا:المجتمع:يلعب المجتمع دورا بارزا في تاجيج ازمة المراة ،حيث تكتسب هذه الاخيرة الكثير من قيمها منه ،وحينما يكون هذا المجتمع متخلفا سيعمل علي اضطهادها وزرع عقدة الدونية داخل لاوعيها.
×عوامل داخلية :وتتمثل ابرزها في رضوخ المراة للقهر والاستغلال والقبول بالدور السالب الذي حدد لها ،بل ان مثل هذه المراة ترفض التحرر ومناهضة كافة مايمارس ضدها.
ماالعمل
وطالما اننا حددنا بعض اوجه ازمة المراة علينا ان نضع بعض المعالجات التي يمكن ان تساعد في تجاوز تلك الازمة.
اجتماعيا:محاربة كافة اشكال التمييز والقهر والاستغلال الذي تتعرض له المراة ،ومساواتها بالرجل ،بجانب مساعدتها في تحقيق شخصيتها المستقلة .
دينيا:تجاوز النصوص التي قد يودي العمل بها الي التقليل من شأن المراة او الحط من كرامتها مثل النصوص الداعية الي التعدد او التي تفضل الرجل عليها .
اقتصاديا:تمكينهاوتمليكها ادوات الانتاج وعدم استغلال جهدها.
قانونيا وسياسيا: تطبيق مبدأ ان المواطنه اساس الحقوق والواجبات علي ارض الواقع، والغاء كافة القوانين المقيدة لحرية المراة كقانون النظام العام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.