1- ***- لم يعد مستغربآ ان مايحدث في السودان منذ زمان طويل من وجود الغرائب التي تفوق الوصف... وكثرة العجائب التي يندر ان نجد لها مثيلآ في اي مكان اخر بالكرة الأرضية، قد اخذت تتعاظم وتتكاثر بشكل مريع ومخيف ، ولست هنا بصدد رصدها او الكتابة عنها، بقدر ما اود ان اتوقف عند ظاهرة غريبة معينة، لايمكن ان نجدها في اي دولة اخري تحترم نفسها الا في هذا البلد المنكوب بقادته!! 2- ***- وتقول اصل القصة قبل الدخول في الكلام عن الظاهرة السودانية النادرة، انه في اليوم الأول من شهر مارس 2012، صدرت مذكرة اعتقال بحق وزير الدفاع السوداني عبدالرحيم محمد حسين من قبل محكمة الجنايات الدولية، قالت المحكمة في بيانها ان عبد الرحيم محمد حسين يعتبر سادس شخص تلاحقه المحكمة بتهمة ارتكاب جرائم في إقليم دارفور غربي السودان. وكان المدعي العام للمحكمة لويس مورينو أوكامبو قد قال في ديسمبر 2011 الماضي إن حسين مطلوب القبض عليه في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبت في دارفور من أغسطس 2003 إلى مارس 2004، وطلب من المحكمة إصدار مذكرة اعتقال بحقه. ***- وشغل حسين (62عاما) منصب وزير الداخلية بين عامي 2001 و2005 والمبعوث الخاص للرئيس عمر البشير إلى دارفور عامي 2003 و2004، وهو متهم بتنفيذ هجمات مزعومة على المدنيين في دارفور. ***- وتولى لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق منذ عام 2005 بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن دارفور التي اندلع الصراع فيها عام 2003، وأدى بحسب الأممالمتحدة إلى مقتل نحو 300 ألف شخص. 3- ***- لكن لان النظام الحاكم في الخرطوم لا يعي - او لايرغب في ان يعي - بما يدور حوله من امور، وانه مرصود ومراقب من قبل الدول والمنظمات العالمية فقد اصر البشيرعلي استمرار عبدالرحيم في عمله كوزير للدفاع لا لشئ الا نكاية في المحكمة الجنائية ولاكامبو شخصيآ!! 4- ***- بعض العقلاء الاجانب من اصدقاء البشير نصحوه بان يقوم بتغيير وزير دفاعه بوزيرآ اخر لان سمعة عبدالرحيم قد تعرضت داخليآ للاشانة وحطت الجماهير من قدره كثيرآ وبانه غير مؤهل ولا يفهم في العسكرية او السياسة ، وكيف ان بعض الفضائيات العربية قد سخرت منه واظهرته بمظهر (الأهبل)!!.. 5- ***- اصدقاء البشير الاجانب راحوا يذكرونه ان اعضاء المجلس الوطني قد سبق هم وان طالبوا من قبل وبشدة طرد عبدالرحيم من الحكومة بعد احداث امدرمان 2008... وطالبوا هؤلاء الاعضاء ايضآ للمرة الثانية بعزله فورآ من وزارة الدفاع بعد الاعتداءات الاسرائيلية علي شرق البلاد وقصفها لمصنع (اليرموك) داخل الخرطوم وعلي بعد خطوات من قصر الشعب!! ... 6- ***- اصدقاء البشير راحوا ويذكرونه ، ان اسم عبدالرحيم قد اصبح مقترنآ بالدموية وسفك الدماء في دارفور وبمناطق الحروب!!..وان وردود اسمه من قبل محكمة الجنايات الدولية لم ياتي عبثآ وانما بعد تمحيص وتدقيق. 7- ***- عندما وقعت محاولة التخطيط للانقلاب ضد نظام البشير في يوم 22 نوفمبر 2012 وتم اعتقال ال13 متهمآ ومن بينهم الفريق صلاح عبالله قوش وشكلت لهم محكمة عسكرية عليا، فجر المتهم العميد محمد إبراهيم عبدالجليل، الشهير ب«ود إبراهيم» قنبلة من الحجم الثقيل اثناء محاكمته واكد ان سبب التخطيط للانقلاب يعود للفساد النتن الذي ضرب وزارة الدفاع، وان وزير الدفاع عبدالرحيم حسين قد عقد صفقات مريبة مع روسيا واوكراينا تم بموجبها استيراد اسلحة قديمة ومعدات حربية انتهي عمرها الافتراضي وبسببها ماتوا عددآ من الضباط والجنود السودانيين!!، وطالب ود إبراهيم» باستدعاء وزير الدفاع للمثول امام المحكمة العسكرية، فما كان من القاضي العسكري وازاء طلب المتهم الا ان يرفع الجلسة وهرول للقيادة العامة للاستشارة!! ***- وخرجت فضيحة الاسلحة الفاسدة للعلن، وكتبت عنها الصحف المحلية والعربية، وسخرت الجماهير من البشير الذي يحمي اكبر فاسد في نظامه!!...ولا اسباب لانعرفها اصر البشير علي بقاء وزيره الفاسد في مكانه رغم كل ماقيل عنه، ولكن ولما تعاظمت وكثرت خطايا ومحن وبلاوي عبدالرحيم في وزارة الدفاع اضطر البشير الي تعيين اللواء ركن يحى محمد خير وزير دولة بوزارة الدفاع، والذي هو في حقيقة الأمر الوزير الفعلي للوزارة!! 8- ***- كان صدور القرار الأممي باعتقال وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين في مارس عام 2012، وطوال هذين العامين ماهدأ عبدالرحيم في سفك المزيد من الدماء بصورة اقلقت الرأي العام العالمي ووصلت اخبار مجازره ضد الاقليات والسكان العزل للامم المتحدة والجامعة العربية والمنظمة الافريقية ومنظمات حقوق الانسان، ونشرت الصحف والمواقع السودانية اخبار القصف بالقنابل العنقودية..والاغتصابات التي طالت 50 ألف دارفورية..وتعاون وزارته مع مليشيا (الجنجويد).والقتل العشوائي.. وتطبيق ساسة الارض المحروقة..وتجويع سكان ولاية النيل الأزرق.. وتحويل القوات المسلحة برمتها لتخدم النظام علي حساب الوطن والشعب!! 9- ***- مرت بالامس ذكري مرور عامين علي صدور قرار محكمة الجنايات الدولية باعتقال وزير الدفاع في نظام البشير، وحتي الأن ومنذ مارس 2012 ماتبدلت الامور ولا تغيرت، ومازال عبدالرحيم هو نفسه عبدالرحيم الذي مافهم رسالة المحكمة الدولية.. ويواصل بعناد سياسات الأبادة والاغتصابات ....ولسان حاله يقول:(انا وبعدي الطوفان)!! ***- وارجوكم لا تستغربوا مما يجري عندنا من عجائب وغرائب الأمور ...فانت في السودان، البلد الذي فيه الأنسان ارخص من سعر رصاصة!! بكري الصائغ [email protected]