سيلُ ً من المكالمات الهاتفية والرسائل في بريدي الإلكتروني وصلتني تعقيباً على مقال إنهم يتحرشون من نساء ورجال على السواء ، مداخلات النساء كانت تؤكد وقائع التحرش وبأرقام مرتفعة وقد أثلج المقال صدورهن ولامس جراحهن وأفرغ بعضاً من الهواء الساخن وتعهدن "بحملة" دبوس في كل حقيبة لدرء التحرش. ولكن مداخلات الرجال كانت اعتراضية على تصنيفهم كمتحرشين لأنهم يؤكدون أنهم أيضاً يتعرضون للتحرش من قبل النساء كما أكدوا أن تحرش النساء أسوأ. ودار الحديث حول أن الكثير من النساء في الشارع وفي أماكن العمل (يخضعن بالقول) كناية عن الرقة و الأنوثة فيطمع الذي في قلبه مرض . هذا غير مكالمات ما بعد منتصف الليل (وأنا عاوزة أحمد معليش غلطت في الرقم لكن فرصة سعيدة معاي منو)، وأخريات يتزيأن بأزياء فاضحة ومبتذلة . ونساء يتعطرن بعطور سودانية خالصة ويمارسن بعض طقوس المرأة السودانية المتزوجة والتي ينبغي أن تمارسها داخل منزلها ولاتخرج بعدها يمارسن هذه الطقوس وهن في الطريق إلى أماكن العمل أو الدراسة أو غيرها. وأخبرني أحدهم أنهم يعلمون بحضور زميلتهم وهي في السلم من قبل صعودها لأن روائح العروس تسبقها إلى المكتب. كما أن أحد الشخصيات العامة اشتكى من مطاردة الفتيات له على الهاتف والكلام المعسول الذي يسمعه عقب كل ظهور له على جهاز التلفاز ... الرجل معروف بأدبه الجم وسمعته الناصعة ولكنه أعرب عن ضيقه من فكرة إحراج البنات فتارة يتجاوب بمكالمة أو مقابلة أو تبادل الغزل وفي كل الحالات هو يتغول على الخطوط الحمراء لعلاقته الزوجية برضوخه للمؤثرات الخارجية والتي يجب ألا تحرفه عن جادة الطريق فإما أن يخلص لزوجته ويبتعد عن المزالق المهلكة مهما بلغت الإغراءات وإما أن ينهي عقد زواجه ويتفرغ لتبادل الغزل ويظلوا جميعاً في غيهم يعمهون . ويذهب غير مأسوف عليه ضحية للتحرش. وفي الحقيقة هناك بعض الفتيات اللاتي يغرهن المركز الاجتماعي وموديل السيارة وبريستيج الرجل خاصة إذا كانت صوره في أجهزة الإعلام فيبذلن قصارى جهدهن لتوريطه في علاقة حتى لو دعا الأمر أن يبادرن بالتحرش. ولكني على يقين أيضاً أن هذه النسبة قليلة وضئيلة جداً وهي غالباً ما تحدث من فتاة طائشة أساءت أسرتها إخراجها للمجتمع في ظروف سلبية فتكون هائمة على وجهها فاقدة للثقة لا فكر ولا ثقافة ولا وازع أخلاقي أو ديني فيكون اصطياد الرجال بالنسبة لها مهنة تقتات منها. بعض القراء دعوا إلى إحياء القاعدة القديمة الكراسي الأمامية في المواصلات للبنات والخلفية للرجال . وبعضهم دعا معتمدي بحري وأم درمان لزيارة الأسواق الشعبية بتلك المدن لرؤية الغرائب . وتساءلوا هل هذا نهاية المشروع الحضاري؟؟؟؟!. [email protected]