تكاثرت الأحاديث و الأقاويل حول الحوار في السودان وذهبت الصحف الحكومية و الأجهزة الإعلامية المرئية و المسموعة لا حديث لها سوا الحوار و آلياته و ... ، بل و أفردت له الدولة كافة وسائل الإعلام و بداء سماسرة الحزب الحاكم يتحدثون عن ضرورة الحوار و أهميته كانهم أنبياء السلم و دعاة المصلحة العامة ، وتزايد الحديث الفضفاض عن أهمية وضرورة التحول المرحلي و تقديم الهم الوطني علي الأجندة الحزبية كانما المؤتمر الوطني ليس هو الدولة وجهاز الامن!! ، وتداولت الأوساط رغبة الحكومة في أهمية الخروج من الأزمة السياسية و الاقتصادية التي حلت بالبلاد ( إيماناُ من الحزب الحاكم بضرورة المشاركة و الحواركما ظل يردد وكذلك أبواقه المهترئة في الوسائط الإعلامية !!!!؟؟) وهذا ما يؤكد علي عدم جدية الفكرة وعلي ضلال مصداقيتها ، ولنا أن نحاكم نوايا المؤتمر الوطني فما ظل يمارسه طيلة الربع قرن الماضية يؤكد علي سوء النوايا في كل ما يمضي إليه وهذا ما تثبته الحقائق الماثلة و الوضع السياسي العام في السودان . كما تعالت أصوات بعض التُبع و المطبلاتيه من قوي السودان القديم ومعتادي موائد السلطان داعيين بقية القوي السياسية للجلوس علي طاولة الحوار التي يؤمها البشير و الترابي و ذات المفسدين الذين أوصلوا السودان لهذه المرحلة الحرجة التي إستدعت الحوار و أزفت المجتمع الدولي و المنظمات الدولية تحذر عن كارثة تمضي البلاد نحوها وأزمات إنسانية تتخلق يوماً بعد يوم إثر سياسات الحزب الحاكم و إخفاقاته المتواصلة . وما يجعل من الحوار عملية مستحيلة و ذات نتائج متوقعة أن هذا الحوار ليس الأول بل سبقته عشرات الحوارات في كل مدن العالم و فنادقه ذات الخمس نجوم ويئس المجتمع الدولي بمبعوثيه الذين توافدوا هنا وهناك حريصين علي مبدأ التعايش السلمي و ضرورة إحلال السلام و الاستقرار ، عارضين آفق الحل و المبادرات ولكن هيهات ! فالهيمنة و الآحادية التي ظل يمارسها النظام وعدم الإنصات لصوت الحق و المسؤلية دفعه لرفض المبادرات و التمادي في الجبروت و الإستبداد وسد الباب أمام الجميع. و في ذات الوقت الذي يجلس فيه المجرم الهارب من العدالة الدولية عمر البشير داعياً القوي السياسية لطاولة الحوار يقبع المئات من الشرفاء داخل زنازين الأجهزة الأمنية و تُصادر الصحف اليومية وتمنع الأحزاب السياسية من إقامة الندوات الجماهيرية و مخاطبة جماهيرها وفق ما ينص الدستور . وتنذر تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية بكارثة إنسانية جديدة في دارفور خاصة في ظل إستمرار النظام في إبادة المدنيين و تزايد العنف ضد المواطنين العُزل في أقاليم دارفور، فقد إزداد بشكل ملحوظ القصف المنظم علي القري وهجمات قوات الجنجويد علي المدنيين منذ بداية العام 2014م مما أدي لنزوح جماعي لعدد يصل إلي 200 ألف مواطن وفي ذات الوقت تزداد عملية الإستهداف المنظم علي أبناء دارفور في الجامعات مما أسفر عن إستشهاد الطالب علي أبكر بجامعة الخرطوم . وهذه الحملة المدروسة التي يمارسها النظام علي أبناء دارفور تنبئ بنتائج سلبية في مستقبل عملية التعايش السلمي بين السودانيين إذ لم تتم عملية المحاسبة في كافة القضايا و الجرائم التي إرتكبها النظام في دارفور و جبال النوبة وكل أقاليم السودان فالمحاسبة هي شرط أساسي لتخطي الأزمات و المرارات التي مر بها السودانين طيلة حكم البشير وزبانيته فأي حوار أو مساومة يمكن أن تمنح النظام شرعية زائفة أو يأتي به شريك في عملية الحكم هو مرفوض لضمان إسقرار السودان . فالواقع يؤكد أن لا جدوي من أي حوار مع نظام إتصف بالدموية من يومه الأول ومارس أبشع الجرائم و المجازر و التصفيات العرقية ولازم فترة حكمة الفساد و الإستبداد وتكميم الأفواه و تعذيب الشرفاء وتشريد الالف و إزدادت حدة الفقر وتذيل السودان كل قوائم التنمية و الشفافية . فالدور المناط بالقوي السياسية المعارضة والرافضة للحوار الضغط و المواصلة في موقفها و البدء في عملية إنتزاع الحقوق والتعبئة المسؤلة للشارع ، ولنعمل جميعاً بمسؤلية أكبر عبر كافة الوسائل السلمية و غيرها لإسقاط هذا النظام دون أي حوار أو نقاش فالواقع يؤكد علي هشاشة النظام وإنهيار حمولته العسكرية بعد أن ضاقت السبل وجفت المنابع وسُدت العطايا و ضاق الخناق علي الإسلاميين في العالم . و من أراد ن يصفح فليصفح ومن أراد أن يحاور فليمضي لأحضان النظام ولكن عليه أن يستعد لمحاكم الشعب السوداني و مذابل التاريخ فيوم النصر آت لا محالة وذاكرة الشعب ليست بخربة بل يقظه وحصيفة فلا مساومة في دم الشهداء و لا مصالحة و لا حوار مع النظام ، ضرورة إسقاطه ومحاسبة رموزه و كل من تصالح و تحاور معه هي الجند الأساسي الذي علي القوي السياسية التشاور فيما بينها للشروع في تنفيذه و بحث آلياته . [email protected]