وداعاً محجوب شريف شاعر الشعب معلم الإنسانية أي الكلمات توفيك حقك؟.. قمة الرهق أن تودع عزيزاً بعبارات تتضاءل أمامه مهما كبرت معانيها ولكن الوفاء للأوفياء دين مستحق.. وشاعرنا العظيم محجوب شريف سيد الوفاء لشعبه ووطنه ومبادئه.. حقاً استنشاق رائحة الياسمين مستحيلاً وراء أبخرة الموت الذي قطف نوار الحياة السودانية وأزهارها، وحرمنا جمال الكلمة وصدق المشاعر، وحال بيننا ومدرسة من مدارس المبادئ والقيم في زمن التيه وسط زحام الصراع من أجل البقاء.. برحيل شاعرنا الإنسان يصبح استشعار الفرح منسياً.. حقاً تحيط بنا أحزان ونتلفح بحداد أبدي من وجع الرحيل.. رحيل رجل عظيم عظمة الوطن وإنسان بقيمة الإنسانية التي عرفته وعرفها معنىً وكيفاً وكماً لا حدود له.. الشاعر الإنسان محجوب شريف الذي رحل رحيل الشرفاء بنقاء الأوفياء حاملاً حبه الكبير للشعب السوداني الذي بادله عشقاً بعشقٍ؛ فكان الوداع قصيدة قبل ساعات من صعود روحه الطاهرة والشريفة إلى الرحمن الرحيم.. شاعر الشعب ما أجمله لقب وأصدقه تعبيراً في الوطن الفسيح الهائج ألماً والمنهار أنقاضا بأوجاع دثرته بكآبة يدرك تفاصيلها إلا المعذبون في الأرض الممزق شعبها.. محجوب شريف قاوم وفاق الزيف بأشعاره التي تهزم كل طاغية وتلهب نيرانها كل خائن لوطنه وقاهر لشعبه.. لم يتوارى من مراصد الأعداء ولم يوجس خيفة فلعن كل المغضوب عليهم من قبل الشعب والضالين في ظلمات الطغاة، وكل نمور الورق وظل يحلم بالسلام في وطن الحروب، ويحلم بالحياة الكريمة لأهله، ناضل حد النضال، عرفته السجون وعرفها، صارعته الحياة فهزمها بمبادئه، مات واقفاً صامداً كما الأشجار.. رحل مجحوب الشريف ولكنه باقٍ فينا ومسكونين بحبه بمقدار حبه للحرية والسلام لشعبه، كيف وهو معلوم فن الشعر الإنساني في مدرسة الشعب. عشة.. كلّمينا ميرى.. ذكّرينا كل سونكي أحسن يبقى.. مسطرينا نحن شعب أسطى يلا.. جيبو مونا نبني.. نبني نبني مسرحاً.. ونادي مصنعاً.. وبوسته حرب لا لا لا لا كبرى.. استبالية رحل محجوب الشريف.. وشرفاء كثر قبل أن تكتحل عيونهم برؤية الوطن الذي رسموا له لوحة رائعة في الوجدان.. رحل شريف والوطن ينزف دماً، والمرضى يحلمون مثله باستبالية.. رحل الشريف والناس يترقبون ليالي السمر بأندية لا تترصدها عين الرقيب، ومسرحاً لا تُمزق سيناريوهات مسرحياته.. رحل شريف وحجرة الدراسة محاطة برصاصة.. والثقافة مشوهة بكثافة والغزالة فرت من ديارها.. رحلت يا شريف وفي القلب حسرة على وجع الفقراء وصبر المساكين، وألم المرضى.. رحلت ودار فور لم تبرأ جراحهها.. وجبال النوبة لا يسمع نواحهها إلا صدى العويل وأكواخ الجبال، والنيل الأزرق تنتحب منتظرة الكمنجة بدل الطبنجة عشان تضحك ألف ضحكة.. رحلت والحلم هو الحلم وطن ديمقراطي.. وداعاً محجوب الشريف . الجريدة [email protected]