في بادرة كانت متوقعة بالفشل عند كثير من المحللين السياسيين بعد إن أعلن الرئيس البشير مبادرته ونيته لإجراء حوار شامل مع القوى السياسية بقيه التطرق لقضايا الوطن وحلها، جاءت هذه المبادرة في وقت يمر فيه السودان بأزمات اقتصادية وتوترات أمنية ونزوح عشرات الالاف من ابناء الوطن وتشريدهم، فضلاً عن ذلك ان الاوضاع الإنسانية اصبحت تحدد بكارثة إنسانية. فيما جاءت ذات المبادرة وسط رفض كبير في أوساط القوى السياسية المعارضة ذات القاعدة العريضة من جماهير الشعب السودان حيث قاطع اللقاء مايذيد عن ال(16) حزباً سياسياً ابرزهم حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال والحزب الشيوعي السوداني، بل وافقت احزاب الاكسسوارات المقربة للمؤتمر الوطني وربما البعض منها لم نسمع به قد في اوساط العمل السياسي في السودان لكن المؤتمر الوطني لانه لم يبدي نية حقيقية للغة الحوار زج بتلك الاحزاب لتمرير اجندته التي يحاول الوصول اليها، والمدهش في الحوار ان حزب المؤتمر الشعبي بقيادة زعيمة حسن الترابي دخل الى تلك المعمعة مما دفع كثير من المراقبين والمحللين بأن يضعوا النقاط على الحروف ويعتبرونها تكتيكاً للإسلاميين لتقاسم كيكة الحوار بينهم، بما أن جلسة الحوار هذه أفتتحت أمس الأول وسط مطالبات من الرئيس نفسة بتهيئة مناخ الحوار ودعوته لكل الحركات المسلحة بالانخراط لذات الحوار الا ان هنالك مؤشرات بدأت في اولى الجلسات بفشل الحوار، واستبعد مراقبون أن ينجح البشير هذه المرة في كسر التحالف الواسع ضده خاصة في ظل توسع دائرة الغاضبين ضد خيار استعمال السلاح ضد الخصوم بدل التفاوض. فيما التأمت جلسات الحوار موجهاً فيها البشير الجهات المختصة في الولايات والمحليات في مختلف أرجاء السودان بتمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها بلا قيد، مع توسيع المشاركة الإعلامية للجميع من أتى ومن أبى, وتعزيز حرية الإعلام بما يمكن أجهزة الإعلام والصحافة من أداء دورها في إنجاح الحوار الوطني بلا قيد سوى ما يجب أن تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها، على حد قولة وهو ما إعتبرته المعارضة بأنه حوار المهازل وإخداع الشعب السوداني بأوهام. أعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال تمسكها بالبيان الذي اصدرته في اجتماع المجلس القيادي، على ضرورة فضح ما سمَّاها جرائم النظام الحاكم في الخرطوم، وانتهاكه لحقوق الإنسان في كافة أنحاء السودان، سيمَّا مناطق الحرب، وتعرية مخططات النظام وشركائه للإصطفاف على أساس ديني وجغرافي وإثني، مما يضر بمستقبل السودان ودعا إلى إعادة طرح الأجندة السياسية الخاصة بعيش المواطن، وكشف الفساد وتحقيق دولة المواطنة والعدالة الإجتماعية والديمقراطية في وجه محاولات الإنحراف بالصراع الإجتماعي والسياسي بغرض تضليل المواطن وتغبيش وتغييب وعيه، وطالب البيان بالسعي الجاد لتوحيد قوى المعارضة والأقسام الراغبة في التغيير في كافة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، حول قضايا إسقاط النظام والحل الشامل على نحوٍ متسق وجاد، وتطوير العمل المشترك مع القوى الجديدة ومنظمات المجتمع المدني وكافة التنظيمات التي تعمل لبناء مجتمع جديد لاسيما الشباب والطلاب والنساء. وأكد البيان أن الأزمة الإنسانية في تصاعدٍ مستمر غير مسبوق طوال السنوات العشر الماضية، وبلغ عدد النازحيين واللاجئيين بإحصائيات الأممالمتحدة أكثر من (6) ملايين مواطن في ظل تصاعد إعتداءات المليشيات الحكومية التي أُلحقت رسمياً بالقوات المسلحة وأطلق عليها إسم قوات التدخل السريع، وأُسندت إلى أحد أقرباء رأس النظام وبدأت غزواتها بجبال النوبة، وصعدت حملاتها في دارفور. وتمسك البيان بفكرة المؤتمر الدستورى كإطار قانوني وسياسي للوصول لدستور جديد قائم على المواطنة بلا تمييز والديمقراطية والإجابة على كيف يحكم السودان. فيما إستبق تحالف قوى الإجماع المعارض اللقاء الذى دعا اليه الرئيس عمر البشير وقبل ان يبدأ برفضه المشاركة فيه جددت موقفها بعدم الحوار مع النظام الحاكم، وتمسكت بشروطها السابقة لقبول دعوة الرئيس البشير، وعلى رأسها، إلغاء القوانين المقيدة للحريات العامة، إيقاف الحرب ومعالجة تداعياتها الإنسانية، إطلاق سراح المُعتقلين والأسرى والمحكومين لأسباب سياسية، قبول النظام بأن يُفضي الحوار إلى قيام وضع انتقالي كامل. وأعلن "17" حزبا يمثلون قوى التحالف على رأسهم الحزب الشيوعي مقاطعتهم لجلسة الحوار المباشر الاولى التي دعا لها الرئيس البشير. وقال المتحدث الرسمي بإسم تحالف قوى المعارضة صديق يوسف ل"سودان تربيون " أن جميع أحزاب التحالف تلقت دعوة للمشاركة في إجتماع الاحد. وأشار لرفضها المشاركة بإعتبار أن الاسباب التي رفضت بها الدعوة الاولى لازالت قائمة والمتعقلة بمصادرة الحريات وإستمرار الحرب في اقليم دارفور والمنطقتين. واضاف " موقفنا ثابت لاحوار مع النظام مالم يستوفي مطلوبات تهيئة المناخ الخاصة بالعفو العام وإطلاق الحريات ووقف إطلاق النار وفك المعتقلين السياسيين والمعتقلين على ذمة أحداث سبتمبر "وإنتقد التحالف في بيان إستمرار الحكومة في سياساته القمعية وتفاقم الازمة الإنسانية بالمناطق المأزومة بالحرب بجانب الاستمرار في سياسات الاعتقال ومصادرة الحريات الصحفية. وقال البيان، إن النظام الحاكم، ومنذ خطاب البشير في السابع والعشرين من يناير الماضي، لم يتقدم خطوة باتجاه إجراءات تؤدي إلى تهيئة المناخ لحوار جاد ومنتج، بل أصرَّ على الاستمرار في نفس نهج سياساته القمعية، خاصة أن الفترة ما بين إلقاء الخطاب والآن حدثت تطورات سالبة بتصعيد خيار الحل العسكري، ما أدَّى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي أصبحت تهدد الإستقرار والآمن في المناطق المأزومة بالحرب. ونوه البيان الى إستمرار منع الأحزاب من قيام نشاطاتها السياسية والجماهيرية والإعتداء على فعالياتها، والإستمرار في مصادرة الحريات الصحفية بإيقاف الصحف وآخرها (الميدان)، مع منع الصحفيين من الكتابة، وإستمرار الإعتقالات الواسعة وسط الشباب والناشطين، والإعتداء وقتل الطلاب، تفاقم الأزمة الإقتصادية وإنعكاساتها السالبة على الواقع المعيشي للمواطنيين. وقبل ان تكتمل رؤية جلسات الحوار سقط حزب البشير في اول إمتحان له بما كان يصبوا اليه، حيث قالت حركة (الاصلاح الان) التى يتزعمها القيادى المنشق عن حزب المؤتمر الوطنى غازى صلاح الدين ان جهاز الأمن السوداني منع اقامة ندوة فى جامعة ام درمان الاهلية برغم الحصول على تصديق لإقامتها وذلك غداة خطاب للرئيس البشير اعلن فيه اطلاق الحريات السياسية. وتعد الخطوة اول اختبار لقرارات الرئيس عمر البشير التى اصدرها الاحد باتاحة حرية العمل السياسي. وكان غازي دعا فى كلمته امام لقاء الاحد التشاوري إلى ضرورة إشراك الأحزاب الرافضة للحوار، وطالب بخروج الأجهزة الأمنية من الحياة السياسية. وشدَّد صلاح الدين على ضرورة إجراء تعديلات دستورية، وانتخابات عادلة، موضحاً أن الوقت يمضي بسرعة، داعياً إلى اعتماد اللقاء كجمعية عمومية، وأن تكون أولوياتها مراجعة الأحزاب الرافضة للحوار، وأن تنظر الجمعية في كل المُقترحات من القوى السياسية المُختلفة. وقال بيان للحركة ان الاجهزة الامنية اعترضت كل من حسن عثمان رزق و فضل الله احمد عبدالله ومرافقيهم ومنعتهم من دخول الجامعة لمخاطبة الندوة واعتدت على مسئول طلاب حركة الاصلاح الان (ا. عماد الدين هاشم) بالضرب واقتياده فى احدى سيارات الجهاز مع مواصلة ضربه بصورة وحشية نقله الي جهة غير معلومة . واعتبر البيان ان وقوع تلك الحادثة في اللحظة التأريخية الفارقة يحبط الامة السودانية التي علقت آمالاً عظيمة بان السودان في مرحلة جديدة ووصف الأمين العام لتحالف قوى الإجماع الوطني فاروق أبو عيسى ل«الشرق الأوسط»، إن اللقاء وما صدر عنه من قرارات «مجرد كلام، ليس فيه ما يدعو للتفاؤل». وتساءل أبو عيسى: «إذا كان الرئيس مستعدا لاتخاذ هذه القرارات، لماذا لم يتخذها قبل اللقاء، لنشارك في الحوار لو كانوا جادين في فتح الأبواب لحوار حقيقي». وأضاف أن أحزاب التحالف أرسلت مناديب للسجون لتتسلم معتقلي ومسجوني التحالف، لكن سلطات السجون طردتهم، وذكرت أنها لن تطلق سراح أي سجين ل«مجرد كلام» في أجهزة الإعلام. في المقابل قلل عبدالواحد محمد احمد النور رئيس حركة تحرير السودان ونائب رئيس الجبهة الثورية لراديو دبنقا، قلل من القرارات التي اصدرها البشير بشان تهيئة المناخ، ووصف اللقاء التشاوري بأنه حوار بين مجموعات الاسلاميين والاحزاب القريبة منهم وليس حوار الشعب السوداني. وقال عبدالواحد لراديو دبنقا ان على البشير ان يطلق سراح السجناء كافة الذين امتلأت بهم السجون من دارفور ومناطق الهامش الاخرى في جبال النوبة والنيل الازرق، مشيرا الى ان البشير وضع كل اهل دارفور والهامش تحت الابادة والتجويع والمليشيات والانتنوف. واكد ان المطلوب الان هو اسقاط النظام بل تغييره من الجذور. من جانبه شدد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، حسن الترابي، على ضرورة توفير ضمانات وحصانات دبلوماسية لقادة الحركات المسلحة ودخولهم البلاد والمشاركة وخروجهم اذا فشل الحوار. وأقترح الترابي مشاركة دولية من الاممالمتحدة وبعض الجهات الاقليمية في مراقبة عملية الحوار، وليس إدارته. الأمر الذي لم يجد ردود من قبل القائمين على امر اللقاء. واستبعد مراقبون أن ينجح البشير هذه المرة في كسر التحالف الواسع ضده خاصة في ظل توسع دائرة الغاضبين ضد خيار استعمال السلاح ضد الخصوم بدل التفاوض، واعتبروا ما يدورالان في الخرطوم ماهو الا مهازل وضياع لحقوق الشعب السوداني. [email protected]