لم يكن يتوقع احد ان يكون وزير الخارجيه المصري نبيل فهمي في الخرطوم في أولي زياراته الخارجيه بل لم ينتظر منه احد ان تكون الخرطوم ضمن أولياته الخارجيه نظرا للعلاقه السابقة مع جماعه الاخوان ولمواقف السودانيه تجاه الوضع الداخلي لمصر واعتبار مايجري فيها شانا داخليا وحسنا فعلت الحكومة السودانيه ذلك ، لكن وبالنظر الي مواقف مصر من الدول الأخري التي لم تتخذ موقفا داعما ومساندا للاطاحه للإخوان فان التوقع لموقفه من السودان كان يسير في اتجاهات اخري، لاسيما مع التصعيد والاستهداف الاعلامي المصري للسودان ونشر خطابات( فطير) عن علاقه الخرطوم بالإخوان وهي علاقه غير مخفيه و ما( منكوره) لكنه ليس ذات اثر علي توجه الدوله السودانيه بعد ان استيقنت الخرطوم بان ماجري في مصر قد جري وان الاخوان خارج الحسابات بصورة واضحه وجليه، لكنها أيضاً ( الخرطوم) ولحسابات داخليه ترتبط بجماهيرتها وقواعدها الفاعلة فقد اكتفت بالناي عن الداخل المصري والانتظار لحين انقضاء الفترة الانتقالية او علي الأقل حدوث تحول جوهري وهو مأتم بإجازة الدستور ثم زيارة وزير الدفاع وبعده بأسابيع وزير الخارجيه الامر الذي فتح بابا جديدا للعلاقه. كل ماسبق كان مدخلا ضروريا لتفهم الطريقه المختلفة التي أطل علينا بها وزير الخارجيه المصري نبيل فهمي عبر شاشة الشروق ، واستكمال تبيض الصفحة الجديده في مستقبل هذه العلاقه المربكة التي ظلت ولسنوات رهينه لحسابات وتقديرات امنيه ولشكل العلاقه بين الحاكم في القاهره او الخرطوم، وفشلت جميع محاولات انعاشها والتحرك بها ولو خطوة واحده الي الامام، تمت المحاولة في العشريه الاخيرة لحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك وابرمت اتفاقات سميت بالحريات الأربعة وبشر بها علي نطلق واسع وشكلت سانحه لتحسين العلاقه بعد سنوات من الفتور لكن ذلك لم يحدث وذهب مبارك وجاء مرسي قامت وقتها الدنيا وتوقع الجميع ان تنهض هذه العلاقه وتستيقظ من سباتها العقيم لكن ذلك أيضاً لم يحدث واختار مرسي الخرطوم كآخر محطة له جال وصال ( ولف) الدنيا والخرطوم تنتظر بل كانت تتهي لان تكون المحطه الاولي فإذا بها في اخر اخر سلم الأولويات. بعد كل ذلك توقع الناس كل الناس ان التغيير في مصر او فلنقل الثورة الثانية ستعيد العلاقه الي الوراء، لكن وعلي ما يبدو بان من يدير مصر الان كان اكثر ذكاء وأدركا لاهميه العلاقه ولقد عبر عن ذلك وزير الخارجيه القادم من نيويورك والذي لم يعرف عنه اهتماما بالغا بإفريقيا لكن افضل عشرات المرات من مدعي المعرفة باهميه هذه المنطقه، المدرك بحكم إقامته لسنوات في بلاد العم سام بحتميه الانطلاق من الجذور كما قال، بالإظهار للخارج البعيد ان مصر لا تعبر عن نفسها وحسب بل تحمل الرؤيه الافريقيه للعالم. معاني كثيرة حملها فهمي وهو يزور السودان لم تكن معلنه لكنه كانت واضحه في هذا اللقاء وهي ان هذه البلاد منفتحه ومقبلة علينا وترغب في علاقه جاده وحقيقيه فهل نحن جاهزون، هل نحن قادرون علي تجاوز أزمات الماضي ، ام اننا هاهنا قاعدون. [email protected]