السلطة القضائية في ظل الإنقاذ .. من المعروف في النظم السياسية الحديثة في العالم أنه وحتي تكون الدولة دولة عصرية وتستطيع أن تقوم بدورها المنوط بها لا بد لها من الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية .. الفصل بين السلطات يعني أن السلطة التنفيذية إختصاصها هو القيام بكل الشئون التنفيذية المتعلقة بحياة المواطنين من توفير الأمن والمحافظة علي السيادة الوطنية وتقديم الخدمات التعليمية والصحية وغيرها من الخدمات .. أما السلطة التشريعية فينحصر إختصاصها في وضع التشريعات اللازمة والكفيلة بالحفاظ علي وجود الدولة وتنظيم الحياة فيها والتي تضع الحدود والضوابط القانونية لتسيير جهاز الدولة وأيضاً الرقابة علي السلطة التنفيذية في آداء مهامها وواجباتها .. أما السلطة القضائية فمهمتها تطبيق القوانين وتحقيق العدالة بين المواطنين والفصل في النزاعات التي تنشأ بينهم ، وكذلك النزاعات التي تنشأ بين الأفراد وأي من أجهزة الدولة ، أو بين أجهزة الدولة فيما بينها ... ومن المفترض والواجب أن تؤدي السلطة القضائية هذه المهمة بإستقلالية كاملة وبحياد تام وبنزاهة واضحة ودون تدخل او تأثير من أي جهة كانت .. حتي يطمئن الجميع أن هنالك سلطة منوط بها تحقيق العدالة ويمكن اللجوء إليها في أي وقت وبكل إطمئنان من أجل تحقيق العدالة .. ولكن وضع السلطة القضائية الآن وما نسمعه عنها يعتبر بكل المقاييس وضع مختل وغير طبيعي ويفقد هذه السلطة أو أفقدها بالفعل كثيراً من سمعتها وهيبتها ونزاهتها وحياديتها ... الآن وسائل الإعلام تتحدث عن أكبر فضائح الإنقاذ وفسادها وللأسف نجد ان رئيس المحكمة الدستورية ضالع في هذه القضية وبعض الأجهزة العدلية الأخري ... وقبل فترة وجيزة تحدث أحد شباب مدينة الأبيض وبالمسجد الكبير وأمام والي الولاية تحدث عن الفساد في الجهاز القضائي بولاية شمال كردفان وأن هنالك قضايا خاصة بأبناء مسئولين في السلطة القضائية والتنفيذية تم التعامل معها بصورة تفقد السلطة القضائية نزاهتها وحياديتها وإستقلالها ولم نسمع نفي من الجهاز القضائي مما يجعل هذه المعلومات أنها أقرب للحقيقة ... وايضاً وسائل الإعلام تتحدث بريبة وشك عن الأسباب التي أدت إلي إستقالة رئيس القضاء السابق وأن وراء هذه الإسقالة شبهة ما ... أن سمعة القضاء السوداني ومنذ أن نال السودان إستقلاله كانت سمعة لا يوجد ما يعيبها أو ينتقص منها وظلت محل إحترام وتقدير كل المواطنين وأجهزة الدولة ... ولكن ما يدور داخل وعن هذه السلطة الآن وفي ظل هذا النظام لهو أمر مريب وغير مطمئن وهو نتيجة طبيعية لتدخل السلطة التنفيذية والسياسية في أمر القضاء وأصبحت حتي التعيينات في هذه السلطة خاضعة للسلطة السياسية مما يفقدها إستقلاليتها .. وأنه لا يمكن معالجة هذا الوضع المختل والغير طبيعي داخل هذه السلطة إلا بمعالجة قضايا الوطن حزمة واحدة ومنها الوضع في السلطة القضائية .. عثمان حسن صالح (المحامي) [email protected]