أقيل الوالي البروفيسور الزبير بشير طه بتعليمات علياء أم أجبر على الإستقالة ..أو أن في الولاية مجلس تشريعي يفترض أنه منتخب ولكنه غائب عن أداء مهامه ، فكل ذلك لا يهم ! لان الدستور بكل قدسيته المفترضة التي تبخرت في أجواء الإنقاذ المسمومة هو مجرد خرقة تحت مقص اليد الرئاسية التي تفصّل مايلبسه المسئؤلون وفق مقاسات الرضاء السامي للحاكم الأوحد المُسيس والمُسير والمُطوع لشرعية مؤسساته الكرتونية التي يستدعيها عند اللزوم وينفيها حينما يرى أنها من قبيل مالا يلزم ! بغض النظر عن كل ذلك فإن إنسان الجزيرة الذي تململ عن التهميش الطويل هو من أقصى حقيقة هذا الوالي الذي جاء ليحكم الولاية العنيدة بعقلية الدرويش وهو يرقص وسط ساحة النوبات ولا يهش بعصا سلطته من يلعبون حوله ويمررون كرات فسادهم من تحت رجليه وهو الهائم بعيداً خلف تلك العصا استعراضاً لمزاعم تاريخ جهاده التي لم تُقم دولة الإسلام النقية ولم تحافظ على الدولة المدنية التي كانت مُوحدة أرضاً وتماسكاً وتعايشاً تعددياً سكانياً ..! كم نسجوا حول الرجل حكايات الورع والتدين و الصيام كل يوم إثنين وخميس والقيام والتهجد ! وكل ذلك لا باس به ولا اعتراض عليه ولا خلاف على وجوب توفره في المسئؤل أياً كان موقعه . ولكنه في نهاية الأمر يظل شأناً خاصاً به يحسب له في آخرته عند المولى الكريم الذي يعلم ما بالسرائر ، ولن يتنزّل في ميزان حسنات الآخرين غيره مهما كانوا قريبين له أو منه ! ويصبح كل ذلك التمسح في الدين والتظاهر بالزهد و التفاخر بالجهاد أو حتى رفعة الدرجة العلمية أو لقبها أمراً لا يهم اولئك الآخرين وهم مواطنو ولايته الذين إنتخبوه ليوفر لهم الأمن واللقمة و التعليم والصحة والعدالة وكافة خدمات حياتهم التعيسة ولو في حدها الآدنى ! وطالما أنه إبتعد بصاحبه عن مراعاة الله والضمير وثقة منتخبيه في مسئؤلياته الأساسية تلك المكلف بها شرعاً وأخلاقاً وقانوناً ، فسُيكتب المسئؤل مهما علا شأنه التنظيمي أو الحزبي فاشلاً في سجل هذه الرقعة الهامة من أرض الوطن السليب ،كما كان مصير الوالي المنصرف ..! فمن أقال ذلك الوالي حقيقة هو إنسان الجزيرة العصي على التركيع و الرافض للفساد والواعي لطبيعة اللعبة الكيزانية التي يتبادل فيها اهل الحظوة أوراق المصالح تحقيقاً لأهداف تمكين الذات وتهميش بقية المستحقين للحياة الكريمة ممن يعتبرهم جماعة الحكم الإقصائي كغثاء السيل مقارنة بهم وهم الذين يظنون انفسهم فوق الحساب والمساءلة التي إن تأجلت فهي في طريقها اليهم لا محالة في يوم من الأيام ..وهوقريب ٌ قريب ! كثيراً ما ثقبوا مسامعنا بأنهم يسعون الى إعادة الجزيرة إنساناً ومشروعا و إقليماً الى سيرتها الأولى التي عمدوا هم ذاتهم الى تقويضها ! وهم في زعمهم كاذبون ومنافقون ، فلن يسرهم بأي حال من الأحوال وفي كل الظروف أن تعود الجزيرة قوية كما كانت من قبل ! لآن الجزيرة التي أذهبوها عمدا ولشيء في نفوسهم وأًهوائهم كانت تمتثل لقرارات مجلس إدارة مشروعها ومحافظيه ايام مكاوي أكرت و حسن متوكل وصالح محمد صالح و كمال عقباوي وصادق بدري وغيرهم من أفذاذ الشرفاء والخبراء ، وتتراقص كراسي المركز في الخرطوم ويهرع مجلس وزراء الحكومات التي كانت تراعى كرامة المواطن الى ود مدني وبركات لإسترضاء إتحاد المزراعين بزعامة رجال ذلك الزمان من امثال الإزيرق والأمين و الوالي و كشكوش و يوسف وبرقاوي والنور النعيم والى عهد ابوسنينة ومن كانوا معهم في ذلك العقد النضيد ، إذا مارفع إتحادهم القوي المفّوض شرعاً من أصحاب المصلحة الحقيقين عصا الإضراب عن زراعة القطن عند إقتراب الموسم ! ولم يكن بالطبع كياناً تابعاً لقافلة السلطة كما إنبطح على بساطها المخملي في عهد الراحل الطيب بدر الطويل عليه الرحمة وانتهى هزيلاً كإتحاد عباس الترابي الُمدجن بل و فمه مليء بالماء الآسن ! تلك الجزيرة التي كان يُّسوق منتوجها من القطن رجالٌ أمناء ويسندون باخلاص بكتف مردوده الحلال جسد السودان كله في ذلك العصر الذهبي الأبيض المتنزل على البلاد خيراً وبركة وليس كتسويق أكلي السحت الحرام من لصوص شركة الأقطان و شركات الكيزان التي تفوح منها رائحة العفن هذه الأيام ..! ولكن لابأس فرفض إنسان الجزيرة لهذا الوالي الفاشل والغافل عما كان يدور حوله ولا نقول الفاسد لأن بعض الظن إثم ، ماهو إلا أول الزفرة الحرى التي ستنطلق قوية من ذات صدرذلك الإنسان المغبون في جزيرة الخير الممحوق بيد الظلم لتغدو ريحاً عاتية تقتلع الحصن الكبير في مركز العصبة .. معقل العلة ومكمن الداء .. ! وستعود سيرة الجزيرة أقوى بعزمها وبيد إنسانها العنيد لابيد عمر وهي ليست خضراء الدمن كما يصفها المرجفون و إنما حسناء الوطن التي لطاما حملت على ظهرها نيلي البلاد دون منٍ أو اذى ! وليس بذلك ببعيد عليها ولا صعباً على إنسانها القوي على الذل والإنكسار كدأبهما منذ الأزل ! و سيتحقق عودها الحميد و الأحمد بعون المولى الكريم الرحمن المعين و المستعان . وهو من وراء القصد . [email protected]