مع الوزير الشيخ سعيد ال نهيان راعي الجالية السودانية الفخري على مدى سنوات إغترابي في بلدي الثاني دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة شهدت ذلك التعاطي الحميم بين سلطات هذا البلد المضياف وجاليتنا السودانية التي تحُظى بمكانة خاصة جداً ربما يحسدنا عليها الآخرون لما يتوفر لنا من مساحة الحركة الإجتماعية في أتراحنا وأفراحنا ومناسباتنا الدينية والوطنية ، فنقيم إحتفالاتنا في الفنادق ودور الجالية بمختلف مدن الدولة الرحيبة ، بل وتوفر لنا الجهات المعنية كافة التسهيلات من حيث التصديقات واحيانا إتاحة مسارح الدولة وقاعاتها وكل المعينات اللوجستية في حالة وجود ضيوف على قدر من الأهمية سواء كانوا رسمين أو غيرهم إذا ما إستدعى الأمر ذلك بالإضافة الى الحماية الأمنية اللازمة وحتى التسامح مع المتجاوزين من الشباب الذين يدفعهم النزق ورعونة الصبا لإثارة بعض الفوضى لاسيما في الحفلات العامة للمطربين ! وفوق ذلك فان مضيفينا الكرام يغضون الطرف حتى عن الذي يدور من صراعات سياسية مستترة طالما أن ما نتقاذفه من طوب ونتبادلة من نشر الغسيل لا يتطاير خارج أسورة دورنا ! وحتى حينما قلبت حكومة الإنقاذ الحالية ظهر المجن لهؤلاء القوم الطيبون إبان حرب تحرير الكويت ، لم تتخذ سلطاتهم المعنية مواقف سلبية ضد مقار الجاليات أو أنديتها وإنما كانت ترقب الموقف العام بحذر وتتخذ ضد المجاهرين بمعاداة الموقف الخليجي بقدر ما تمليه ضرورات أمنها الوطني ومقتضيات حمايته وهذا حق مشروع لها لا ينازعها فيه أحد من منطلق مبدأ السيادة، فابعدت بصورة فردية من تراه يشّكل خطراً في ذلك الصدد و إتخذت من المحاذير في إجراءات إستقدام أو تجديد تصاريح العمل والإقامة لبعض الجنسيات وليس السودانيين وحدهم وفق ما يوازن بين مصلحتها العامة وعلاقاتها بتلك الجاليات من منطلق لا ضرر ولا ضرار ! بيد أن محاولات سلطات الإنقاذ عبر ملحقياتها الأمنية لتسخير الأندية تبعاً لمصلحة النظام ووضع يد السفارات عليها قد أجج من الصراعات داخل تلك المرافق التي يفترض ان تكون ملاذاً للأنشطة الإجتماعية والأسرية والوطنية وهذا بالمقابل يفرض ايضاً مسئؤلية تجاه من يقفون في الضفة الآخرى ضد حكم الإنقاذ وذلك دور تحتمه على الفريقين ضرورة المحافظة على هذه المساحات الفسيحة التي نجدها كجالية تحظى بتقدير خاص ، حتى في فهم إدماننا للتعاطي السياسي ..مما يوجب علينا أن لا نتجاوز خطوط التماس التي قد تلفت النظر علينا من طرف سلطات البلاد التي نقيم فيها بكرامة لو وجدناها في بلادنا لما حزمنا حقائب الرحيل عنها ، ومن ثم حتى نستقطب كافة أفراد الجاليات وعائلاتهم باطمئنان في ديارهم التي اسست لضمان لحمتهم الإجتماعية التي نفاخر بها أمام الآخرين دونما نزاع في تلك الحقيقة ، وقد تلاحظ أن الكثيرين من أفراد الجاليات ينفرون عن أنديتها وجمعياتها وهذا ليس في بلد محدد بل في الكثير من البلدان خوفاً من رزاز تلك الصراعات و الإستقطابات بين السفارت المتمثلة في أذرع النظام التي تسعى لأدلجلة العمل الإجتماعي والوطني في الخارج من جهة وبين من يصارعون ذلك المنحى بصورة سافرة من طرف آخر ..! لا أحد من أهل الديار هنا يمنعنا من ممارسة الديمقراطية داخل دورنا وربما في دول آخرى ذلك مسموح ايضا ًفي إطار الإنضباط اللازم بقوانين الضيافة وإحترام الذات ، وطالما أننا من حقنا أن نختار ممثلينا وتبعاً لقوانين سلطات جمعيات النفع العام التي تراقب الجمعيات العمومية وتشهد على نتائجها ، فان من ننتخبهم من الآن فصاعداً وفي كل مكان لابد أن يعيدوا لحمة الجاليات بحكمة وكياسة والتي باعدت بينها السياسة مثلما فعلت في داخل الوطن ، ولا أحد بالطبع يستطيع فطم السودانيين عنها ، بيد أن الحذر واجب وتقدير من يقدرنا ويعرف قدرنا يجعلنا نرد له التحية باحسن منها تقديراً وعرفاناً ..فليس كل مرة تسلم الجرة..وكلام المجرب ربما يداوي مع إحترامنا لكل طبيب والعاقل هو طبيب نفسه ..! فتعالوا في كل مرافيء الغربة التي نتمنى الا تطول لنجعل أنديتنا ومقارنا إستراحات لنا وبيوتاً بعيداً عن الصراع بين محاولات هيمنة عناصر الحكومة والإنصياع لها وبين صد هجماتها بتمرد الناقمين عليها إذا كان ذلك يلقي بظلال الضرر على مهمة تلك المرافق الأساسية وهي التجميع وليس التفريق ! والله من وراء القصد. محمد عبد الله برقاوي.. [email protected]