ذكر ادوارد جبون في كتابه القيم اضمحلال وسقوط الامراطوريه الرومانيه وانا اقتبس نصه من الذاكره ان من اولى عوامل الاضمحلال انتشار الفسا د المالي في الطبقه الحاكمه واتساع دائرة الفضائح الجنسيه وانتشار الشذوذ وظهور مشاركة سيدات الطبقه الارستقراطيه في سوق الفساد المالي واستغلال النفوذ وغياب هيبة الدوله وتفكك جيشها والاستعاضه عنه بمليشيات يجمعها الساده لحماية املاكهم ونظامهم كان من الاسباب المعجله بسقوط الامبراطوريه وقد عدد المؤرخ الكبير وول ديورانت في سفره الضخم الشهير (قصة الحضاره) نفس الاسباب عن سقوط الحضاره الرومانيه واضاف اليها زيادة انتشار الجماعات المتطرفه وماتمثل من صراعات بين الوثنيين والمسيحيين وقتل الفيلسوفه الشابه هيباشيا وحرق مكتبتها ومعبدها بالاسكندريه على يد غلاة المسيحيين ثم ماتبع ذلك من صراعات بين طوائف المسيحيين انفسهم واستعانة كل طرف بعصابات مسلحه لحسم الصراعات بينها وفي كل دراسة تناولت عوامل سقوط الانظمه السياسيه في القديم والحديث كانت تلك الاسباب التى اوردها المؤرخان هي الرئيسه مع بعض التفاصيل والبهارات هنا او هناك ولم يكن تاريخ الاسلام السياسي بعيدا عن هذه العوامل فقد انتشرت نفس هذه العوامل الاجتماعيه السياسيه في اواخر دولة بني اميه وفي دولة بني العباس بدات منذ صراع الامين والمامون عندما انتشرت عصابات الطرق ببغداد والمعروفه بالعيارين وكانت عصابات منظمه ولها اساليبها الداله عليهم ورموزها الخاصه كلغة (الراندوك) الان عند عصابات النيقرز بالخرطوم ولعبت دورا في دعم الخليفه الامين ضد اخاه المأمون ثم انقلبت مؤيدة للمامون بفضل عطايا الاخير وبعد وفاة الخليفه هارون الرشيد وتولي ابنه المعتصم استعان الاخير باخواله الاتراك كحراس وجنود ومنذاك ظلت هذه ظاهره واستفحل امرها و زادت اعداد تلك العصابات حتى حولت الخلفاء الى العوبة في ايديهم ينصبون من يشاؤون ويخلعون من يرفضون وقد حقلت تلك الايام بقصص الفاسدين والمخنثين واشعارهم الشهيره وشعراؤهم الحسين الخليع وابن هانئ ووغيرهم ولم تكن دولة الفاطميين بمصر ببعيده عن مسار التاريخ فقد فشت فيها تلك الظواهر حتى اعلن الحاكم بأمر الله الوهيته ورغب في الزواج من شقيقته ست الملك حتى قتل غيلة وتمت الاستعانه بعصابات المماليك من الاكراد والذين استعان بهم اخر خلفاء الفاطميين بمصر الخليفه العاضد فخلعو الحكم من الفاطميين بعده ودعو للخليفه العباسي وكان من اشهرهم نور الدين ذنكي وابن اخته صلاح الدين الايوبي وبعد سقوط دوزلة الايوبيين انتشر شراء المماليك وتكوين المليشيات الحارسه منهم بديلا عن الجيوش الرسميه للدوله حتى استولو على الملك بمصر وكونو حقبة حكم المماليك والتى استمرت حتى الاحتلال الفرنسي لمصر على يد نابليون بونابرت والان تأمل تلك السياحه التاريخيه وطبق ماقرات على ايامنا هذه تجد كل تلك الاسباب تزحم الافاق امام ناظريك فما أشبه ليلتنا هذه بليالي التاريخ تلك. عبدالله موسى عبدالله [email protected]