الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المنحنى

ها قد تجاوزت عتبة الاربعين ببضع سنين , تساقطت كحبات مسبحة قطع خيطها للتو ...لحظة فاصلة فى مسار العمر ..قريبا من نهاية المنحنى ,,, الأربعينات نقطة الانقلاب ...كيف مرت ؟؟ ..تسرب العمر سريعا بين الشقوق ...كيف انقضت ؟؟ , جهل الفراشات تحاومت حول نار فتهاوت استحالت الى هشيم .. استيقظت هذا الصباح وأنا (أهابش ) الشعيرات البيضاء بينما أطالع جسدى على المرآة مددت يدى الى صورتى فى المرآة ..تكسرت الى أربعين جزءا ..مرايا..رأيت أشخاصا متعددين ..أنا طفل ..صبى ..ثم رجل ..رأيتنى وأنا فى المدرسة الابتدائية أحمل شنطة من الدبلان خاطتها أمى من قماش تبقى من أكياس اللحاف ..رأيتنى وأنا أركب الحمار عائدا من الحواشة وتحتى (الخرج) ممتلئا بالقش .. أرى خضرة على مد البصر ..محصول الذرة تتطاول قناديله بيضاء كعمامة لفت على رأس صبى ,الفول حبيباته داخل الارض تتحرك كجنين فى أحشاء أم ,والهواء يراقص شجيرات العدس ,والشطة تخضر وتحمر زاهية الالوان وعلى الجداول تمر مياه عقد من فضة ..والصور تأتى ثم تغيب فتأتى ..الأزيار وحاج ابراهيم فى سوق العزازى, والأكشاك تتراص فى تناسق جميل,تنافس سنوسى ومندى على صناعة الفول وجريدة عالم النجوم فى الثمانينات ,ايجار العجلات الساعة ب (شلن) من فضل السيد وجاد الرب واياك اياك أن تتأخر.,..تتعالى أصوات الباعة ..وتختلط مشكلة .. جوقة أعظم الموسيقيين يعجزون توزيعها ..سوق المحاصيل وملجة الخضار وموقف المواصلات ...ثم أصوات فى الظل ذات رنين .. دى ماشغلتنا لكن الظروف جبرتنا جابوهو بالطيارة باعوهو بالخسارة أشرب البارد البفك العارض ليمون غذا مضمون.
على الرأس ..الشارب ..اللحية ..بياض ..بياض فى كل مكان. عربة ودالحبوب ,الوحيدة التى أراها تسير فى الشوارع ..لاندروفر انجليزى أصيل . وسط المرآة ..فى مركزها تماما ..دائرة محكمة الدوران استدارت .. تظهر مقبرة ..ياالله كم من الموتى شهدتهم ..بعضهم سرت فى جنازته ..والآخرون جاءنى نبأهم .نبأ الموت .صوت الفجيعة ..لهب يشق جوفك ..العم محى الدين البصير ..أول انسان أراه ميتا ..لحظة موته كنا صغارا نلعب بجوار نقطة البوليس ..عندما تدحرجت الكرة بجواره .. لم يتحرك كان منكفئا على جانبه الايمن كالنائم ..لحظتها كانت قد صعدت روحه الى بارئها ...هذا عماد البدوى واخيه حسن أعرفهم ..أحبهم ..موتى أو احياء ..عمتى بخيتة وفاطنة وحاجة آمنة.يتشابهن فى تقاسيم عريقة ..حبوبتى بتول بت القرشى ألاتزال تحكى للموتى ..ما فتأت تحدث الناس عن الموت وهى حية ...يا الله ..من هذا؟؟ ..حسن سعيد؟؟ .بضحكته المجلجلة ذاتها والخطوط على الجبين ..أخذت ابكى طويلا فى نشيج معذب ,ألن نلقاك ثانية ياحسن .ويبتسم الحزن ضاحكا فقد وجد فريسته..وازداد البكاء ..عويلا كان ...شيرين أختى ..ياللهول...هل ماتت شيرين حقا؟؟ ..دعونى أحضنها ..أشتم رائحتها ..دعونى أحادثها فهى بركة الصالحين فى أذكارهم و تلاوة الصبح اذا تنفس..ريحانة البنات الملائكيات فى الأرض, تميمة المباركات من وهج السماء... فقدت الكثيرين من أهلى ..أصدقائى ..من أحب من أبناء وطنى وجلدتى ...وآخرين من أخوة الانسانية ..أناس جملوا حياتنا ..وجعلونا نبتسم كلما ذكر الموت ..كلما ذكر الحق . أراكم فرحين بما أتاكم الله من فضل ..أنتم بجوار رحيم غفور .. موتوا موتكم لا تثريب عليكم .. فليس فى الدنيا ما يستحق!! ... الأربعون : عمر النبوة ..نهاية العبث . الشعر الأبيض رغوة الشباب ..وقار ..ألا تحب الوقار ؟ ما هذا الذى أنا عليه ..طفولة فوقار ؟! أين الصبا؟؟ ..زهو الشباب؟؟ ..كيف عدت السنوات عجلى؟؟ .. حلاوة قطن بدت ضخمة بين يدى طفل شقى ما لبث طلب أخرى دون أن يتذوق الطعم الحلو ..بقى الزبد والألوان!! ..شجرة الحراز أصابها وابل المطر سنينا ولم يحدث شئ .. تقاسمتنى طغمتان , مايو ويونيو ...أربعون من عمرى ,نميرى استلب خمسة عشر عاما ثم أعقبتها الدقون الهزلية بخمسة وعشرين عاما ,نهبت ما تبقى ..شربوا من دمى .. رأيت جحافل العسكر تمر من تحت الجسر ومن فوقه ..رأيتهم يحرقون الغابة ويبيعون فحمها .. بعد ميلادى بعام تقريبا وأنا فى بداية تعلم المشى ولم يتعود لسانى على لغة الناس بعد ..ألوكها بعض الحروف ,كانت الدنيا من حولى فى جلبة عظيمة ,ثلاثون ضابطا فى الجيش قتلوا قى بيت الضيافة ..الشيوعيون اتهموا بتدبير ذلك ..أعدم هاشم العطا وعبد الخالق محجوب.. ولم تكن من ضمن التهم القتل ..انما التهمة تقويض النظام ..أى نظام ؟ عشت بعدها طفولة محمومة وصبا متوتر ..الناس تخاف نشرة الثالثة عصرا ..رأيت النميرى وأنا لا أزال طفلا فى أشكال متعددة وظروف مختلفة ..يركب سيارة مكشوفة وحوله حشود ,يرفع عصاه ,يلوح للجموع , مرة ببزته العسكرية يقول كلاما لا أفهمه ,وفى نبرته تهديد ,يخيفنى المنظر ..لا أدرى لماذا ..وجدته فى ورق العملة ..يعتلى الصفحة الأولى فى كل الصحف ,الصحافة والأيام وغيرها .قيل أن مجزرة حدثت بالجزيرة أبا معقل الانصار ..لا أدرى ..لا صوت يعلو صوته ..لا صورة تسبق صورته ,فى المدارس , ,المساجد ,الكنائس ,الأزقة ,البيوت لم أعرف غير النميرى ..فى اليقظة ..فى الأحلام ..ونسات الناس ..رجل واحد ,فرد ,فى الفطور فى الغداء ثم والناس على فراش النوم كان كابوسهم . خمسة عشر عاما تقريبا ...نميري عرفت الاتحاد الاشتراكى ..طلائع مايو ..النهج الاسلامى لماذا ؟ ..الترابى فى نسخته الثانية ..رأيت الطائرات تحوم حول سمائنا تضرب ثم تهبط ثم تقذف ..الجنوب يلتهب ثم يمطر .. فوهات البنادق تملأ وتفرغ .. وجارنا عبد الباقى فضل الله يعتقل لمرات عديدة من منزله ..يجر جرا ..بتهمة انتماءه للجمهوريين ..كان يوزع أسفارا من أفكار محمود محمد طه أثناء مباريات كرة القدم يمد اليك الكتاب ويقول الحرية لنا ..حينها يثقب فتحة ضوء فى قلبك ..وعندما يودعه فى يدك يكمل جملته القصيرة العميقة ب (ولسوانا ) ..يفتح حوارا طويلا ممتدا بينك وبين الفكر ..يعصف ذهنك بالسؤال ..يجملك مسارا للوعى ..يحملك الى اللا منتهى ..لكنك تخشى أن تصدقه ..تقلك عربة البوليس الى هناك ..حيث لا قلب او رحمة ولا عقل ,يصفونك بالملحد تارة ..وبالمرتزق أخرى ..بالشيوعى ..بالمارق السارق والمخنث ..لا يأبهون لشئ ..وربما لا تعود الى بيتك ..كثيرون غابوا ..ومنهم من عاد بلا فائدة .. شهر مايو ..ماله طويل هذا الشهر ا ؟ ماهكذا تطول الشهور ؟ شهر بخمسة عشر عاما ؟ يالعبث الشهور ... أربعون تغوضت ...تغوطت على نهر النيل ..ماجريمتها .. لم يتبق للعيش غير بضع سنين وقحة .. أنا الآن فى المنحنى ..قليلا ..بضع سنين أخرى تنقلك برفق لنهاية المنحنى ..لعبة السلم والثعبان ..تطعمه فيعضك ...السلم درجاته ذات اتجاهين ...كما للنهر ضفتان .. المعادلة القائمة تبدو كطلاسم بين يدى دجال ..يدخلك أقبية الوهم ..يحرك أصابعه فى الرمل ..ينظر اليك وأنت تتطلع لكشف المستقبل ..الغد ..يثير فيك كوامن المجهول ..فيبرطم بكلمات لا تفهمها ..تركز على الاصابع ..تفقد التركيز ..تهتز ..يسحرك ..يمسك بزمام الأمور ..ها قد دفعك الى لجة الغياب ...يحركك يمنة ويسرة ليس كقطعة شطرنج ..مركب صغير وسط أمواج بحر عاتيه هادرة ..عاصفة تهب ..تمطر ..تظلم ..أنت الآن تستسلم لقدرك ..ريشة فى مهب الريح ..ليتك حبة فى فم ديك ..أنت لاشئ ..لا وزن ..أنت رماد تذروه الرياح ..لست سجما ..أنت نكرة ..قطعة لحم ربما على ظهر مرفعين ...ثم يرتد اليك السؤال مرتين ..من أنت ؟ لا تدرى . كم مكثت وانت فى هذه الغيبوبة ؟ لا تدرى خذ نقودك واذهب بها الى السوق لتبتاع شيئا ..قديدا ..ألما" تهتز فرائصك من هول ماحدث ..هى خمسة عشر عاما" رأيتها كشهر ..يالعبث الشهور .. مايو الصيف الحار يشوى الجلود فى مجمرة العذاب .. خمسة عشر عاما فى مسغبة, سراب .. ثم فجأة تنتفض فى أبريل ..تدرك انك فى جذوة الصبا ..أنك حى ترزق ..نحلت جسدا ..جحور هى عيناك .....صارت نفقا طويلا ..مظلمتان .. أفقت من وهدة السنين ..انتفضت فى ابريل ..فاض النيل أخيرا ... أنبلج الصباح .. كم من سنين أخرى تحتاج لازالة اثار مايو ...لا يهم ..المهم أن شيئا قد حدث ..وان الوقت قد حان لتبنى ماتهدم ..وجئنا نغنى ابريل كما غنينا أكتوبر ... تظهر على المرآة بقعة سوداء ..دخلت فيها ..قدماى تسيران بلا ارادة رأيت الدنيا تعج بفوضاها تلك ونحن فى عز أبريل الفضيل والصراع يحتدم فى تمرير اتفاقية قرنق الميرغنى لاقرار السلام فى البلاد ,آخرون يدبرون لأمر ما , سماسرة الحرب يكيدون المكائد ,كانت الشمس تميل قليلا الى الغروب أشعة الشمس خيوط ضعيفة ,الشفق الأحمر يجرح السماء بتوقيعه ,معلنا انطواء النهار ,يدخل يونيو بلا استئذان , الترابى فى نسخته الأخيرة ,هذه الشهور المدهشة ,تتربص ببعضها وأنا الضحية على أية حال , تواطؤ الفصول فى غيها ,للخريف عينات وللربيع مثلها ولكن عيناتى الى الصيف أقرب ,الطرفة البكاية والدمعة النداية ,مايو , أبريل , يونيو ,أيار آذار شعبان , ,رجب ,لماذا أعدها وليس لى فيها نفقة , يونيو أوله كذبة وأوسطه ضلال وآخره قطعة من النار , أزمة جيل ,أزمة بلد موعود بموارده ليرتاد الثريا بينما شهور لئيمة أقعدته فى الثرى , أنا لا أسب الدهر لكنى أصفه . من قال ان الحياة دقائق وثوان ؟تأتى الايام كتلا من الاقدار تخبئ بعضها , ملفوفة بعضها فوق بعض , ظلمات وظلم ثم ما ان لفحتك بسمومها على وجهك المتعب وصفعتك بسنوات عجاف , رسمت خطوط الكنتور على خديك أحالتك الى كائن آخر , لا ثوان ,مقياس الرسم قد تغير ,يوم فشهر , الدقائق أمست تواريب الأيام المغشوشة ,تزرع الدقائق قمحا وتمنى فتنبت حميضا بقرون ولحية . ناداك الشاب اللطيف قبل قليل يا حاج , تجهمت انعقدت على جبينك المخطط سحابة من التبلد والاستغباء , هو بالطبع يقصدك , يعنيك مع سبق الاصرار والترصد!! , أخيرا أجبته على مضض . واشارة أخرى تأتيك من فتاة رشيقة , لو سمحت يا عم ممكن توصف لى ...........وتستطرد فى حديثها العذب , لم تكترث لها , لم تهتم , هززت رأسك بالايماء المبطن بالاستغراب , أخذتك الى حقيقتك: أنت عم . العالم كله يعلم الا أنت .السبيبات البيضاء والتجاعيد أقدار الزمن التى لا تكف تلاحقك , توصفك بحقيقة أمرك التى تكشفت , أربعون عاما تجاوزتها ببضع سنين , لا عليك , أربعون لا فكاك .. عصير الشهور اللئيمة والسنين الامعة , يونيو شهر الاكاذيب والاحاديث الملفقة والنباح ,شهر بخمس وعشرين عام , والحزن عام ,مغالطة الطبيعة وركوب موجة الامويين والكتاب على اسنة الرماح ,جئت على ظهر دبابة سكتنا ووضعنا الخمسة فوق الاثنين, قلت شباب الوطن ,اتحاد المرأة ,جمعية القرءان الكريم , الدفاع الشعبى والخدمة الالزامية ,كشات بائعات المريسة , لماذا حرق القرى والمساكن ,قصف الابرياء ,تجفيف ينابيع المياه , الصالح العام , تريد أن تعيد صياغة الانسان السودانى .., شيخ ملتحى عار تماما من لباس الحياء تزوج من أربع واختلى بأربع فى العشر الاواخر من شهر التوبة والغفران ويعظ الناس بأقوال خواء , يا كيف تقتل الشبان والشيب وتسبى نساء؟؟ , يا من لديك الدين هدر الكرامات المصانة وسفك الدماء ..قتلت مجدى بحجة الاتجار بالدولار , قتلت ثمانى وعشرين ضابطا فى عيد الاضحى , الموت فى كل الامكنة .. فى كجبار وفى دارفور وفى سنار , فى الخرطوم وامدرمان , والجنوب لا باك عليه .. صدق الناس أكاذيبك بأن السرطان الم بالجسد فلنقطع الرجل وليذهب العبيد ولنبنى دولة الخلافة الراشدة!! , من أنت ؟ قرشى ؟ هذى ليست بطحاء قريش وليست الجزيرة العربية ولست بعمر بن الخطاب ,اياك أن تظن أنك ثالث العمرين ,عمر لا يرقص رقصة الشواذ على جثث الرعية!! .ولم تتعثر بغلة فى دارفور بعد. فقط كف أيديك عنا ..أف من هذا المستهتر بالارواح ,من أمن العقاب أساء الأدب ..أنت لست عمر أنت مطلوب لدى المحكمة الجنائية ,الا تخشى الله يوم القيامة؟؟ , ما أكثر العبر وما أقل الاعتبار , لا يزال المؤمن فى فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما ,خاتمة الفراعين الطغاة , , جعلت السودان مسخا مشوها ,قطعت الخاصرة ولم تدر , كيف تدرى ؟؟ قلت أمريكا روسيا قد دنا عذابها ....نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع ..الاستراتيجية القومية الخمسية..العشرية , , ربع القرنية والمعالجات الاقتصادية .كرهنا حساب الايام والشهور ..يونيو عين العاصفة .الحور العين ..الملائكة تحارب معنا ...الصبر ..مصنع السيارات ..اليرموك .
وتستدير المقبرة وسط المرآة , قبرنا فيمن قبرنا عبد العظيم قرشى ..كم منحت الناس من فرح , أرحمه يا الله وأغفر له سيئاته ..ألم تقل أقرب الناس اليك من يدخل البهجة فى نفوس الناس, محمد ادريس الحسين ..أتذكره كان يوزع البلح بركة ختم القرءان مثل صباح كهذا ,سبحة الصندل تتدلى من رقبته ,يحفز الكبير والصغير على السعى , وأن العمر قصير ,أدرك كنه الحياة وأنصرف .أى روح تلك . رأيت وسط المقبرة الشيخ حسن والخليفة عباس ركائز البلدة ,وتد فى الشرق آخر فى غربها ,علم الحقيقة وحلقات الذكر وعلاج المرضى والحياة خلاف ما نرى والقلب منظار . عبد العظيم مصطفى ,ألا تزال تمسك بالاقلام والدفاتر ,تحضر لموسم زراعى جديد ,المفتشون نزلوا المعاش ,تركوا منازل الحكومة ولم يبنوا بيوتا لابناءهم , تشردوا أسفا . ألم تنطفئ تقابة حبك بعد لعملك ووطنك,تحرق أعصابك لاصلاح ماأفسده الدهر والحكام ,مت ..فمشروع الجزيرة لحق بك ,جنبا الى جنب أمات طه .القنوات التى شقها الاستعمار باتت مسكنا للصارقيل والسعدة وبعض الفطريات والطحالب . أذكر ملاحظاتك الذكية على قانون مشروع الجزيرة للعام 2005 , قلت أن النظام القائم يَشْرع في إجراءات (دفن الليل ابوكراعاً برا) للمشروع بإتباع سياسات ووسائل كثيرة الهدف منها أخراج المزارع من دائرة الإنتاج حتى صار عدمان (نفاخ النار) مراكما عليه ديون لعدد من المواسم بالإضافة إلي استغلال السياسات الزراعية ل (تطفيش) غالبية المزارعين ماعدا فئة الأثرياء منهم والمرتبطين بالسلطة الحاكمة حتى أصبحت أراضي المزارعين في المشروع عرضة ل(الدنقدة) وهي إجارة الحواشة. معجزة مشروع الجزيرة التي أذهلت العالم تتجلي في فكرة الري الانسيابي وذلك عبر نظام دقيق أصبح يدرس الآن في الجامعات والمعاهد العالمية ,الأقسام ,مكاتب التفتيش ,القناطر , السكة حديد تنقل القطن من الغيط وتنتهى بالمحالج فالمصانع كانت هنا , الأمطار التى تهطل على هضبة الحبشة تدخل الترع وأبو عشرين وأبو ستة والسرابات ويزهر القطن ,وعباد الشمس الى المعاصر ,وقاية النباتات ,تحسين البذور , الرى . كم من الناس يستوعبهم المشروع , انسان مشروع الجزيرة تسرب بين اشارات المرور فى الخرطوم كلما توقفت فى تقاطع لزج وجدتهم يبيعون المناديل وصوانى الشاى وأطقم الأوانى الصينية مخالفة المواصفات واسكراتشات الاتصالات لشركات اجنبية .
- انت شكلك من الجزيرة .
- أيوة صاح ..
- الجابك هنا شنو ؟
- الجابك
- عمرك كم ؟
- 19 سنة
- والمدرسة ؟
- ونأكل كيف ؟ ونتعالج كيف ؟
- الحواشة ؟ - دنقدناها , أنا وأخوانى وأولاد الحلة كلنا جينا هنا محل الرئيس بنوم .
صفحات الصحف سودت بفضائح المشروع , قيل أن شركة الأقطان تلاعبت فى الأسعار لسنين تجاوزت الأربعين عاما ..بعمرى ..البنك الزراعى يستورد بذورا منتهية الصلاحية ..نطفة الدم أوجدت أنسانا , ليت أباءكم ناموا تلك الليلة ولم يقذفوا بسائلهم فى الأرحام ..الناس انحنت ظهورها تفلح الأرض وأخرين يغازلون كروشهم من الشبع والنتوء ,غارت عيون وعيون تتستر خلف النظارات الملونة .. مت ياعبد العظيم لن ينصلح الحال . - لم نع الدرس , انتباهاتك مهمة ,ووضعت يدك على الجرح ,كلام الخبير العارف , لن يسمعك أحد , السلطان فى ضلاله ,أرادوا الخراب للمشروع,اسرائيل لن تفعل ذلك, ولماذا تفعله بريطانيا التى أنشأته , العدو واضح ,.عبد العظيم أنت مفتش مغمور فى مكتب بعيد عن المركز فى قسم اسمه المنسى وتحدد استراتيجية مشروع كالجزيرة أضخم المشاريع فى أفريقيا ؟.لو كان سلطانكم هذا عادلا فبطانة السوء تضل خليفة للمؤمنين ,بعض الارزقية وحارقى البخور وبعض الانتهازيين دمروا المشروع وجلسوا على تلته .و( التقا ) المكان المخصص لاستقبال المحصول أصبح ملعبا (للسيجة )و(الضمنة )و(صفرجت) .
الجزيرة مسرحا لنعيق البوم وهوهوة الكلاب و(صفرجت )
. الصقور اتخذت الاقسام والمكاتب والقناطر مسكنا ومسرحا ل (صفرجت )
تحت شعار (نحن من نفر عمروا الارض حيث ما قطنوا ) ارادت الهيئة النقابية للعاملين بمشروع الجزيرة ان تحتفي بتوفيق اوضاع العاملين فكان مكان الاحتفال محالج الحصاحيصا ,اقيم احتفال ضخم تبودلت فيه الكلمات والمفردات التوابل دقت سرادق العزاء تجمع اولئك الذين ارادوا للمشروع تلك النهاية المأساة وبعض من جاءوا ليشهدوا مراسم التشييع, لحظات خارج حسابات الزمن على خشبة مسرح اللا معقول والكوميديا السوداء تحجرت الدموع في المآقي ووضع شاهد على القبر ..مشروع الجزيرة ..1930 م الى 2005 م .وانفض السامر وصفرجت. نجأر الآن بالصمت وفى الدواخل بركان من الآلام والفواجع والنوازل ..صفوف الخبز تتعرج وتستقيم والسؤال حائر يبحث عن اجابة ..لماذا تفعلون هذا ؟ من أنتم ؟ أبناء من من السودانيين أنتم ؟ لمصلحة من ؟ أهى الماسونية الجديدة ؟ المشروع الحضارى ؟ ألا تعلم أن حبة القمح أغلى ثمنا من الرصاصة وأطهر ؟ رائحة طين الأرض أزكى من البارود ؟ .
أربعون عاما ياالله ..النميرى , الترابى فى نسخ متعددة ,أبريل , مايو , يونيو , يالعبث الشهور , الترصد , صفرجت ...شيرين كم أشتاقك , حسن سعيد سبقتنا فى الدنيا والآخرة ..أربعون ضاعت فى بلادى , ترى ماذا تبقى للمنافى ؟؟.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.