تراسيم* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * في ذاك اليوم كان رجل الاعمال ابراهيم الشيخ يبدو غاضبا وهو يضرب ببنانه اكثر من مرة على الآلة الحاسبة..تقدير من ديوان الضرائب يجعل الرجل الذي ينشط في تجارة (السيخ) ومواد البناء يعيد تقليب دفاتره القديمة ويسأل نفسه هل بامكانه الجمع بين التجارة والسياسة دون ان يضطر لبذل تنازلات.. الا ان القدرة على بذل المال جعلت من حزب ابراهيم الشيخ يبدو اكبر من حجمه الحقيقي..فقد نشط حزب المؤتمر السوداني في نواحي الهنود حيث مسقط راس زعيمه..النشاط الزائد جعل معتمد المحلية الكردفانية يصدر قرارا يحظر فيه نشاط الحزب.. الشيخ ناهض القرار لاحقا *وابطله عبر القضاء. امتاز الاستاذ ابراهيم الشيخ منذ ان كان طالبا بقدرته على تحريك الاحداث واختيار التوقيت المناسب لخطف الأضواء ..بعيد فك حظر نشاط الاحزاب اختار ابراهيم الشيخ ان يكون من البدريين في تنظيم ندوة جماهيرية اختار لها ميدان الرابطة بشمبات ذو الرمزية السياسية حيث شهد الميدان صدامات بين الحكومة ومعارضين لها في سبتمبر الماضي وإريق فيه دم كثير من المتظاهرين ..كان بإمكان الشيخ ان ينتظر تحالف المعارضة العريض قبل ان يدشن نشاط حزبه بين الناس ولكنه كان يدرك *ان الضربة الاولى تحدث صدمة لها دوي اعلامي كبير. مؤخراً اختار ابراهيم الشيخ ان يدخل السجن بتوقيته الخاص .. نظر الشيخ الى الامام الصادق المهدي وهو يمضي الى سجن كوبر بسبب نقده لقوات الدعم السريع.. ردد الشيخ ما قاله الامام ووضع الحكومة في وضع حرج للغاية..لم يكن بإمكان الحكومة تجاهل الامر حتى لا ترسل رسالة استهداف الى زعيم طائفة الأنصار .. وفي ذات الوقت لم يكن بوسعها ان تتجاوز السقف الذي وضعه الامام حينما تنفرد بإبراهيم الشيخ..بمعنى ان الحكومة وان طال الزمن لن تجد غير اصدار عفو عن رجل يدرك ان السجن اقصر طريق للمجد السياسي. في تقديري ان للأستاذ ابراهيم الشيخ الان سانحة طيبة لصناعة تاريخ سياسي جديد.. كما اسلفنا للرجل قدرة على القراءة السياسية وجراءة في الأقدام على تنفيذ المهام بجانب انه سياسي يملك قوت عامه ..قوة ابراهيم الشيخ لا تكمن في هذا فقط .. في اطار الاستقطاب الحاد بين المركز والأطراف والحديث المكثف عن التهميش يبدو ابراهيم الشيخ كضوء في اخر النفق.. الرجل تمتد جذوره نحو كردفان التي تمثل (صرة) السودان وفي ذات الوقت الشيخ متصالح مع النخب النيلية المسيطرة عل مقاليد السلطة في دولة ما بعد الاستقلال.. كما له قدرة في صناعة التحالفات السياسية فقد بات حزب المؤتمر السوداني لاعبا أساسيا في صفوف تحالف المعارضة.. رجل بهذه المواصفات ربما تجمع عليه المعارضة كفرس رهان في انتخابات تتوفر فيها فرص نزاهة غير يسيرة المنال. في تقديري أيضاً يحتاج ابراهيم الشيخ للانفتاح بصورة أوسع على مناطق يمكن فيها تسويق مفاهيم العدالة الاجتماعية بمفهومها السياسي والاجتماعي والاقتصادي مثل دارفور *والنيل الازرق ..كما من المفترض ان.يخطو *سياسيا تجاه يسار الوسط اللبرالي دون ان يرتدي قناع عنصري او ايدلوجي..مثلا كان حزب ابراهيم الشيخ الناشط في الجامعات يرفع شعارات تدعو بشكل سافر للعلمانية ولديه (بوسترات ) كانت تتبني قضية أبرار التي حولت اسمها الى مريم بعد ان بدلت دينها الى المسيحية.. مثل هذا الاتجاه المتطرف يبعد حزب الشيخ عن قلوب كان من الممكن تاوي اليه.. كما يحتاج الشيخ الى اعادة ضبط خطابه الحماسي وتبني أطروحات تحض على التسامح وسلمية النضال. أيضاً هنالك صعوبات تواجه الشيخ وحزبه .. كون زعيم الحزب يشتغل بالتجارة في دولة قابضة يجعله عرضة للابتزاز السياسي.. كما ان الحزب ما زال يعتمد على نجومية رجل واحد يتحرك برشاقة على خشبة المسرح السياسي. بصراحة .. الان امام ابراهيم الشيخ فرصة جيدة للإقلاع .. من حسن الحظ ان من يتولي دفعه للإمام حكومة لا تعرف صليحها من عدوها.. التاريخ يقول ان الدكتور الجزولي دفع الله تولى رئاسة الحكومة الانتقالية بعيد انتفاضة ابريل ولم يكن في تاريخه السياسي سوى انه نقيب الاطباء الذي اعتقلته سلطة مايو قبيل الانتفاضة. عبدالباقي الظافر [email protected] (التيار)