جامعة طوكيو للطب والاسنان، اليابان محاضر بجامعة الخرطوم، كلية الصحة العامة وصحة البيئة، قسم الوبائيات في كل بقاع العالم المتقدم، بيوت الأخشاب هي المسكن المفضل لكثير من الناس في ضواحي المدن والأرياف. فهي تتميز بعدة سمات: جميلة المنظر، صديقة للبيئة، ملائمة للطقس، قليلة التكلفة، سريعة البناء، آمنة وصحية. السودان بلد ترتفع فيه أسعار مواد البناء الثابت من حديد وأسمنت، كما يرتفع فيه معدل هطول الامطار وتعاقب السيول والفيضانات، بالاضافة لتصدع المباني الناتج من حركة وتشقق التربة. وبالرغم من ذلك يصر الكثيرون علي البناء من الطين، فتذوب المساكن في مياة الامطار، وبالتالي تذوب احلام الناس مع ذوبان ممتلكاتهم، وتعرض أرواحهم للخطر. لماذا لا نتستفيد من المخزون الاستراتيجي لغابات السودان؟، او حتي نزع أراضيه باجود انواع الأخشاب في العالم، مستفيدين من تربتنا الخصبة، وامطارنا الوفيرة، وبالتالي نحول تقنية بناء المنازل عندنا الي الخشب..!!!! في الماضي القريب كانت كثير من مناطق السودان عبارة عن غابات كثيفة، ولكنها تحولت بفعل فاعل الي أراضي جرداء قاحلة. مثلاً غرب ام درمان كان من الغابات المعروفة والمراعي الخصبة، ولكنه تحول الآن الي منطقة مكشوفة تصلح للدفاع بالنظر لصد هجمات الغزاة، كما ان الأفكار الخلاقة لبعض العسكريين استدعت شق ترعة ممتلئة من مياة النيل، استخدمت كدرع واقي لحماية المدينة، بدلاً من المساهمة في اعادة الخضرة، وتوفير حزام اخضر يحمي الخرطوم من قساوة الرياح والاغبرة ، ويساهم في تلطيف أجوائها الساخنة. وهناك العديد من الغابات الشهيرة في حظيرة الدندر، وغابة الفيل بولاية القضارف، وغابات جنوب كردفان دارفور والنيل الأزرق تعرضت للإزالة عن طريق الحرق او القطع الجائر لصناعة الفحم النباتي، او بغرض الإصلاح للزراعة. وجود بيت متماسك بروح الاسرة، يقيهم من لسع المطر، وقرص البرد، وهجير الشمس سيوفر بيئة اجتماعية، و استعداد نفسي فطري يوجه الاسرة للتفكير في البناء، ومواجهة تحديات الحياة، بدلاً من التفكير في حمل السلاح والضغط علي الزناد، او التسول في طرقات المدن والسكن تحت مجاريها، والحقد علي ساكني عماراتها، وتهشيم السيارات الفارهة التي تقف بالجوار. ندائنا لكل المسئولين بان يملأوا أرض السودان بالغابات الخضراء، وان يحولوا تقنية البناء الي الأخشاب، بدلاً من المتاجرة في الأسمنت والسيخ، ولوم المواطنين وتأنيبهم لأنهم بنوا منازلهم من الجالوص. وهكذا نكون حافظنا علي البيئة ودعمنا استدامتها، عملنا علي استقرار الاسرة ، حمينا الشعب من مخاطر الامطار والسيول والفيضانات، ورشدنا استخدام أموال الشعب المخصصة لاحتواء الكوارث. أن الحماية البيئية المتمثلة في المسكن الصحي هي احد ابعاد التنمية المستدامة، والتي تشمل ايضاً العدالة الاجتماعية، والكفاءة الاقتصادية، وفعالية المؤسسات. [email protected]