تحول اعلان باريس الى موضوع استقطاب مع وضد فى الساحة السياسية وسط القوى الفاعلة فيها . وبالتالى عودة السجال الى الموقف من الحوار، مشروطا أو غير مشروط، وماهية تلك الشروط. بينما تراجع الموقف الرافض للحوار مطلقا،والاخر الذىيقدم الحكومة الانتقالية، كمدخل أو بوابة للحوار الوطنى بدلا من ان تكون الحكومة الانتقالية هى محصلة الحوار. حيث تتبى وثيقة باريس الحوار مع النظام ، وان اشترطت رئاسة محايدة للمنبر . وقد انقسم الرأى العام، بدوره تجاه اعلان باريس، مابين مؤيد ومعارض ، فى ابسط التقسيمات. فقد اعلن كل من المؤتمر الوطنى والمؤتمر الشعبى، منذ ان اصبح رديفا للحزب الحاكم، تحت غطاء الحوار الوطنى ، رفضها للاعلان . بينما اعلن الحزب الشيوعى ومنبر السلام العادل واحزاب التحادية تأييدها له.بينما لم يعلن تحالف قوى الاجماع الوطنى وبقية الاحزاب المكونة له ، كالبعث والمؤتمر السودانى اى موقف تجاه الاعلان حتى الان. وقد تباينت الحيثيات المؤسسة لكل موقف من المواقف المتباينة. وقال الطيب مصطفى ،رئيس منبر السلام العادل : "ان وثيقة اعلان باريس، يوجد بها نقاط ايجابية ،يمكن ان تفضى الى تراض وطنى لحل مشكلة السودان." " وانه يعد انجازا كبيرا قام به الصادق المهدى . نحن نؤيده، ويعد افضل من آلية 7+7". وشترط اعلان باريس ان يفضى الحوار الوطنى ، الى حكومة انتقالية ، وهو نفس الموقف الذى انتهى اليه تحالف القوى الوطنية الذى تكون مؤخرا من الاحزاب المشاركة فى الحوار الوطنى بمافى ذلك منبر السلام العادل. وقال الطيب مصطفى ،فى منبر سونا يوم الثلاثاء الماضى ، فى تسويغ تأييده للاعلان :" كنت ابحث عن شىء يجعلنى ارفض هذا الاتفاق. ولكن حقيقة، انا افتكر ، ان وقف الحرب الذى تضمنه الاتفاق، وقبول حملة السلاح، بأن يأتوا الى الداخل ويحتكموا الى صناديق الاقتراع ،وان يوقفوا العدائيات، ويجنحوا للسلم ،هو اهم بند فى هذه الاتفاقية، اضافة الى عدم ذكر الجنائية واستخدام كلمة "التغيير" بدلا عن "اسقاط النظام... ." فيما وصف عيسى بشرى، نائب الامين السياسى بالمؤتمر الوطنى، الذى تحدث فى ذات المنبر، الاعلان بانه "قفزة فى الظلام"، وفق ما جاء بجريدة الخرطوم ،الصادرة يوم الاربعاء الماضى. واتفق المؤتمر الشعبى مع موقف الوطنى، فى التقليل من قيمة الاعلان ورفضه دون حيثيات واضحة ومحددة.. فقد وصف كمال عمر الامين ،السياسى لحزب المؤتمر الوطنى الاعلن بانه "اقرب للاجراء المؤقت. وقال ان هذه الوثيقة قصد بها "الترويج السياسى لفكرة الطرفين "، "مؤكدا رفضهم لاى حل خارجى لمشكلة السودان " ، وفق ماجاء بالصحيفة. واعتبر الحزب الشيوعي ، حسب ماجاء فى سودان تريبيون ،أن إعلان باريس من شأنه أن يقود الى اتفاق على وحدة قوى المعارضة، وهو خطوة في اتجاه اسقاط النظام. واكد ان المكتب السياسي للحزب سينظر نظرة مفصلة في الاتفاق، ويخرج برأي كامل حوله.بينما طالبت حركة "الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني،التى أيدت الاعلان بشكل ضمنى ، بتوظيف الإعلان لتعزيز الحوار الوطني.إلى ذلك أيدت القوى الاتحادية المعارضة إعلان باريس وقالت في بيان ممهور بتوقيع الشريف صديق الهندي عن الحركة الاتحادية ويوسف محمد زين عن الحركة الاتحادية وجلاء اسماعيل الأزهري عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الموحد، إن الإعلان يمثل خطوة ايجابية ،بمبادئه العريضه، نحو دفع توحيد رؤية برنامج المعارضة بشقيه العسكري والمدني.وأكدت أن الاعلان أعاد حزب الأمة القومي لموقعه الطبيعي ودوره الطليعي في المعارضة "لإزالة النظام باحدى اثنين اما بالتي هي أحسن، وأساسها الحوار الذي تتوفر له شروطه ومستحقاته، واما بالتي هي أخشن، وأساسها الثورة الشعبية والاعتصامات الميدانية".وقالت القوى الاتحادية المعارضة "إن الإعلان ترك الباب موارباً بين تلك الخطوط العريضة لآلتقاء القوى السياسية لوضع تفاصيله وصياغة برامجه". يعمل الاستقطاب الجارى ،على تحويل مركز الاهتمام ، اتجاه التعبئة من خيار الانتفاضة الى خيار الحوار الوطنى، وفق شروط معدلة واقل راديكالية ، مقارنة بوثائق تحالف قوى الاجماع الوطنى. فاعلان باريس ، يقدم الحوار على الانتفاضة. ويرهن الاخيرة، بفشل الحوار مع النظام ورفضه خارطة الطريق. مايمكن من توصيف حالة الاستقطاب الجارية بحلقة من حلقات الصراع بين قوى الانتفاضة وقوى الحوار الوطنى. بين قوى الثورة والتغيير الجذرى، من جهة وبين قوى الاصلاح والمحافظة ،من الجهة الاخرى. ومحاولة الاخيرة طرح نفسها كبديل للاولى ، واستباق خيار الانتفاضة الشعبية، التى يراهن عليها ، تحالف قوى الاجماع الوطنى ،أهم قطب للمعارضة السلمية بالبلاد. وقد تجاهلت قوى اعلان باريس ، منجزات المعارضة والمتمثلة فى قيام تحالف قوى الاجماع الوطنى ،ووثيقة البديل الديموقراطى، والاعلان الدستورى،لتنطلق من صفر بداية جديدة كليا ، بدلا من التأسيس على تلك المعطيات القائمة فى الواقع السياسي، وتقييمها ، وتقييم ما احدثته من حراك فى الوضع السياسى. وقد سبق للتحالف ان حدد خياراته فى اعلان شمبات السياسى ،الذى اصدره فى منتصف مارس الماضى. ونص على "أن قوي الاجماع الوطني ،تؤكد أنه لا حوار حول الحق الطبيعي لشعبنا في الحرية الكاملة غير المنقوصة، التي تنتزع ولا تمنح ولا تفاوض عليه، وذلك بإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات، وإطلاق سراح جميع المعتقلين سياسيا، ومعرفة قتلة الشهداء ومحاسبتهم, ووقف الحرب . ولا حوار إلا حول تفكيك سلطة المؤتمر الوطني ورحيله عن السلطة ، وإقامة سلطة انتقالية تمكن الشعب من بناء دولة الحرية والمساواة والعدالة والسلام. وهذا لن نتحصل عليه إلا بمواصلة النضال بالعمل الجماهيري السلمي المنظم المتصاعد.وبوحدة قوي التغيير." وعاد التحالف، فى نهاية مارس من نفس العام ليحدد ليصدر وثيقة " مبادئ الحوار الشامل" ، حدد بموجبها شروطه لقبول الحوار ، وتتعلق بتهيئة مناخ الحوار، وهى : اولا _ وقف الحرب وذلك باعلان وقف اطلاق النار فورا ، والعفو العام في كل انحاء البلاد تمهيدا لضمان مشاركة كل الاطراف في الحوار الشامل. بما فيهم الجبهه الثوريه ثانيا _الغاء القوانين المقيدة للحريات كافه ،لضمان كفالة الحريات العامة. والالتزام الصارم بكل الحقوق الوارده فى وثيقه الحقوق المضمنه فى دستور 2005، و اتخاذ مايلزم من ضمان حرية الصحافة وكل اشكال التعبير وقومية المؤسسات الاعلامية. ثالثا _اطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والمحكومين والمنتظرين في بلاغات تتعلق بمناهضة النظام.والتحقيقات في كل جرائم القتل التي ارتكبها النظام في حق الشهداء من عام 89 الي اليوم. خامسا_اعلان النظام قبوله بحكومة قومية انتقالية مهمتها تفكيك وتصفية دولة الحزب الواحد. وعقد المؤتمر القومي الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية وتهيئة الطريق لقيام البديل الديمقراطي الحقيقي الذي يناضل الشعب السوداني لتحقيقه. 1- تؤكد قوي الاجماع الوطني أن الحديث المبدأئى حول قبول الحوار لا يعني التخلي أو الانشغال عن مواصلة التعبئة الجماهيرية ،من أجل تحقيق البديل الديمقراطي بالاسلوب المجرب ،الذي يعرفه الشعب السوداني ،ويرتضيه لنيل الحرية وبناء الديمقراطية. وتحقيق العدل و السلام والمساواة . [email protected]