المشعل اربجي يتعاقد رسميا مع المدرب منتصر فرج الله    تقارير تكشف ملاحظات مثيرة لحكومة السودان حول هدنة مع الميليشيا    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ميسي: لا أريد أن أكون عبئا على الأرجنتين.. وأشتاق للعودة إلى برشلونة    رئيس مجلس السيادة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    مان سيتي يجتاز ليفربول    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية
نشر في الراكوبة يوم 23 - 08 - 2014

حلم الجعان رغيف ....... وحلم الشخص الثوري ثورة ثم التحرير
كعادة الشباب في ريعان شبابهم والذين يتسمون في هكذا المرحلة من العمر بالنشاط والحيوية والهمة والهموم بقضايا الامة السياسية والاجتماعية والامنية والاقتصادية . كان الخير يسير مع اقرانه من الشباب داخل مدينة جوبا يتناولون ويتفاكرون حول اوضاع البلد وما الت اليه الامور من الانحطاط والتدهور من حيث التنمية العمرانية والبشرية وانزلاق الوطن الى الدرك الاخير من القبلية والجهوية في ظرف بسيط جدا من عمر البلد. في وطن انهكته الوغى لما يناهز نصف قرن من الزمان منذ خروج الانجليز عن السودان او قل نظام الحكم الثنائي الانجليزي المصري في العام 1956 . وولوج الوطنيين السودانيين وتسنمهم على قمة الهرم الاداري والسلطوي في الدولة السودانية يحملون نفس الافكار التي كانت تحملها المستعمر الابيض عن جنوب السودان والمواطن الجنوبي الاغر . وما التقسيم الذي حدث بعد سودنة الوظائف الذي اتسم بالتقسيم الضيزي سوى خير دليل للخير واترابه من الشباب للضيم المتعمد لانسان الجنوب بشكل خاص وانسان الهامش السوداني بشكل عام من قبل المركز في الخرطوم حينئذ وحتى الوقت الراهن. فما كان امام انسان الهامش من خيار خلا خيار رفع الشكة في وجه الظلم واتباع طريقة الثورة سكة لرد تلك الحقوق المهضومة عنوة واقتدارا. فكانت ثورة 16 مايو في العام 1983 المجيدة التي زلزلت اركان المركز منذ الوهلة الاولى من نشاتها وحتى لحظة اعلان دولة جنوب السودان كدولة ذات سيادة وريادة على الملا في العام 2011. وبعد الانفصال هذا قال الخير كنا نحلم بوطن قدر احلامنا ودولة تشبهنا والتي لا تقل عن الطود الذي يسمى بجبل مرة في دارفور بغرب السودان من حيث القوة والمنعة والطول والصموت والبهاء كالسنع الافريقي عند اهلنا في دارفور الكريمة . وتضاهى العملاق الافريقي مؤسس ومفكر ثورة الهامش في السودان الاب المربي لكل الثوار ليس في القارة الافريقيا فحسب بل في كل القارات العالمية الستة على الاطلاق الضرغام الهمام الذي خطفه عنا اللزام بعد ان انجز السلام الراحل الدكتور جون قرنق دي مبيور . ولكن يا للوجد والاسى قال الخير تبخر عنا كل تلك الاحلام الجميلة مع مرور الايام بل واصابها فينا السام من شدة سخونة وحرارة وطحونة ماكينة الفساد والكساد وتعزيب العباد في البلاد دون الاسناد الى القانون والدستور الذي يحكم البلاد. مع انها دولة اشتقت اسمها من السواد وسكانها الزنوج هم السواد الاعظم ويحكمها كقواد اعضاء سابقيين في المنظمة الثورية التي كانت رئيسها علم من بين جميع الرواد وفطحل عظيم بين الفطاحلة الثورية والسياسية والعسكرية في القارة السمراء. ان الرئيس بعد التحرير او بالاحرى التحوير صار يجوب ويصول المدن الجنوبية ناويا مخاطبة الشعب وابلاغهم برسالة لا يفهمها الا شخوص امثاله ولا يفقه لغة الخير الا الخير فكان خطابه على شاكلة :
يا شعبي في هذه الدولة الطيبة اهلها احييكم تحية نضالية مغمورة بعبق الياسمين , واعلم علم اليقين ان ثمة مواطنون يموتون بسبب المسغبة مع العلم ان جنوب السودان دولة منعومة بخيرات طبيعية لا تعد ولا تحصى . لاسيما الارض التي تتسم بالخصوبة والتي يمكن ان تنجح فيها اي محصول على وجه هذه البسيطة اذا زرع فيها دون كثير عناء كما هو الشان في الاقطار العالمية الاخرى . ولكن رغم هذا ليس ثمة مشاريع زراعية كبرى في البلاد نزرع فيها ما يكفينا للعيش بكرامة والشهامة دون ان نشحذ اي دولة في هذه البسيطة ليمدنا بالعيش او بدقيق وانقالي لنسد به رمقنا كما هو حاصل الان . يغوى مواطنون عزاز منا في كل فجر جديد بسبب الاسقام البسيطة مع العلم التام ان لو كان تم بناء مشافى في ارزان البلاد لما لقي اؤلئك النفر من المواطنيين حتفهم بهكذا السهولة واليسرة على يد الداء . ان سام الاطفال والنساء والنهابل يوميا في هذا الوطن الوهاص يا ناس لامر لا يقبله الراس مهما كان الاسباب ومني شخصيا لا يجد سوى الادانة باغلظ الالفاظ . المواطنون الاعزاء , ادري تمام الادراك ان دولة جنوب السودان منذ ان فطرها العلي القدير كرقعة في هذه الغبراء لم تسفلت فيها طريق واحد بالزلط حتى يسهل ذلك حركة السير للسيارات من ولاية واخرى ومن اقليم واخر وبالتالي يسهل ذلك توافر البضائع في الاسواق الذي بدوره يجعل ترخص السلع امرا ممكنا للمواطن البسيط العادي في كل انحاء البلاد . ان هذا الامر لامر غير مقبول مني شخصيا كرئيس لهذا البلد وقائد لهذه الامة الابية التي تتسم بالنهوك والنهود من بين سائر العالميين على مشارق الارض ومغاربها .
وهلم جرا من الاسئلة الاستنكارية التي لن تجد من يجاوبها ماعدا سائلها نفسه وليس من شخص اخر مهما كان موقع ذلك الشخص الدستوري والاداري في هذه الدولة .وبينما الخير واقرانه يواصلون السير فاذا هم يتفاجؤن امامهم بيافطة او قل شئي شبه سبورة على الحائط جوار الشارع العام على جانبك اليمين ان كنت متجها من الشرق الى الغرب او الصعيد الايسر منك ان كنت متوجها نحو الشرق من الغرب اتيا من مطار جوبا الدولي قاصدا سوق جوبا الكبير او العكس . في هذه اليافطة كتب عليها عبارة (فنادق خمسة نجوم لبنج محمد اليسع) سال الخير واحد من مرافقيه مايكل اين توجد هذه الفنادق التي تتم الدعاية لها هنا ؟ اه يا الخير ما بتعرف من زمان وين فنادق البنج محمد ؟ والله ما بعرف اجاب الخير .تعالوا نوريكم فنادق محمد اليسع والله اكان شفتو لمن تخجلوا من انفسكم ذاتو فندق ذي الفندق تحلف تقول برج الفاتح , قالها مايكل ضاحكا , اعرج الخير واترابه نحو الداخل لكي يتناولوا قسطا من الراحة من شدة التعب والارهاق من السير من الصباح من حي الشركات في الجزء الجنوبي من مدينة جوبا مرورا بكتور , حي ملاكال الى حيث توجد هذه الفنادق جوار مطار جوبا الدولي .
جلس الخير منبهرا جدا من هذا الفندق الاية في الجمال والذي لا يضاهيه اي فندق من فنادق الجنوب الغفيرة والمبثوثة في كل مكان من حيث البناء والزينة والخدمات التي تقدمها لزبائنها المعتادون من وزراء الحكومة الاتحادية وبكر الدولة وحاشيته الاقربون من اليمين والشمال . جاءت متجهة الى حيث كان يجلس فيه الخير ورفقائه سائرة كانها طاؤوسة من حيث الشهامة والهندامة والحلاوة , فسارع الخير سائلا رفقاؤه هامسة على اذن احدهم هل هي وزيرة من وزراء الحكومة الاتحادية يا كمرد ولا شنو ؟؟ . ولماذا تتجهنا نحونا هل نحن اقترفنا جريمة ما اثناء سيرنا في الطريق من غير ما نعلم ام ماذا يا كمرد ؟. تعرف يا كمرد انا زول ما محظوظ بالمرة قبل شهرين تم القبض علي من قبل طيور الشؤم بلا ذنب ارتكبته ومكثت في زنازين النظام تحت غيث من التعزيب الجسدي والنفسي قرابة الخمسة شهور قاحلات وفي النهاية اطلق صراحي دون ان اقدم الى المحكمة . هل يتكرر نفس الشي اليوم وانا لم اتبرا من الام جروح التعزيب السابق بعد ام ماذا ؟ ,هل هذا موت ام حياة يا رب العالميين هل لك ان تنقذني من على هذا الفك الذي يكاد ان يمضغني للتو قبل ان ينقض علي ؟. رغم محاولة مايكل تهدئة الخير الا ان محاولاته باءت بالفشل , بدا الخير يرجف رجفا ويتصبب عرقا ويتفوه بعبارات على شاكلة هل اعتقلت نفسي بنفسي ولا شنو ؟ وغيرها من شدة الخوف والهلع من ايات التعزيب من المعتقلات الحكومية المخيفة جدا التي مر بها في وقت سابق . اخيرا وصلت السيدة وسالت مباشرة هل تنوون خدمة مني , ان كنتم بحاجة الى اي خدمة فانا على اتم الاستعداد لمساعفتكم ؟
فعرف الخير وزملائيه ان الذي كان ياتي وقد وصلت اليهم الان ليست بوزيرة تحمل في يدها العصا تفعل بها ما تشاء وانما هي نادلة من نوادل الفندق . فسارع الخير بسؤالها عن اسمها لانه ليس بمصدق ان امامه هذا عاملة عادية من عمال الفندق
اسم الكريم من فضلك ؟ سال الخير
نحلة محمد سعيد اجابت هي اسمي بالكامل .
اه تنفس الصداء بعد ذلك الخير وقال الحمد لله اليوم سوف اوزع البلح كرامة لله ساكت للفقراء والمساكين حمدا لله لهذا اليوم ان شاء الله لما ارجع البيت رغم عوزي الشديد لاني عاطل عن العمل ولو لا ذلك اي لو كنت غنيا لذبحت الحمل او خروف كما يحلو لاهلنا السودانيين تسميته. قال الخير للنادلة روح جيب لنا ثلاثة موية صافية لاننا عطشانيين شديد من الصباح الساعة السابعة والصنف ونحن سائريين بالاقدام ( الارجل ) لان ليس لدينا عربة ولا مقدرة لدفع مبلغ كمقابل للمواصلات , لذا لم نجد الراحة منذ ذلك الحين والى الان الساعة الحادية عشرة وخمسة واربعون دقيقة بالتوقيت المحلي . ذهبت مسرعة واحضرت الماء التي كانت تبدو باردة للغاية فتركها الخير ورفقائيه قليلا في حر الشمس لكي تاخذ قسطا من الحرارة حتى يكون لهم مجالا لشرابها بسهولة لانهم لم يتعودوا على شراب هكذا المياة الباردة منذ استقلال الدولة . وبعد ان فعل الشمس فعله فيها احتسوا هذه المياة بنهم حتى ان الناس الذين كانوا يجلسون الى جوارهم اصابهم استغراب وباتوا يتسالون اين اتى هؤلاء الشيبة بهذا العليل ؟. تعالي نحن خلاص على اهبة الاستعداد للذهاب لكي ندفع لك حسابك , نادوا النادلة التي احضرت لهم الطلبات بادب وتهذيب , ومن ثم بدا كل واحد يفتش في جيبه حفنات القروش لكي يجمعوها ويدفعوها الى النادلة . اخرج الخير اثنين جنيه من جيبه بعد شق الانفس كما اخرج جون ثلاثة جنيهات ايضا بعد تلتلة وترزق مايكل بجنيه في جيبه , جمعوا كل هذه الجنيهات فكانت ستة جنيهات عملة جنوب السودان المحلية . جمع الخير هذه الجنيهات في يده وقال لاترابه انا اكثر فصاحة منكم في لغة الضاد , وبالتالي دعوني اتكلم معها احتمال تنبسط ترجع لنا الباقي من الجنيهات نمشي تنتشع بها بعدين .
جاءت النادلة التي عرفت نفسها لهم بانها اسمها نحلة محمد الخير اليهم بوقار واحترام البنت السوداني لكي تاخذ المبالغ من المال نظير المياه التي شربها هؤلاء الصبية الثلاثة ( قروش المويه ) .
الخير : كم هي حسابك يا حلوة , ونحن شاكرين على هذه الخدمة الجميلة والكرم الفياض من هذا الفندق الجميل , وقبل ما يتم الخير حديثه اجابت نحلة باقتضاب جدا وبادب جم . شكرا جزيلا لك يا زبون , واخرجت ورقة صغيرة كتبت عليها المطلوب منهم من الحساب وكانت الجملة كلها خمسة وسبعون جنيه جنوب سوداني . وتفاصيلها كالاتي : سعر القطعة الواحدة للماء الصافي عبارة عن خمسة وعشرون جنيه (25) في ثلاثة =75 جنيه جنوب السودان .
تحدق الخير في الورقة بتعمق جدا واستغراب وقال لمرافقه جون من فضلك اقراء هذه الكتابة , لاني لا اعرف ولا افقه من اللغة الانجليزية الا القليل جدا وانت اقدر بقراءة هذا الايشن . امسك جون بالورقة ودام النظر فيها كثيرا شانه وشان الخير , لان عيناه لم يصدقا ما راى من ارقام من المبالغ المطلوب منهم في الورقة , وبعد مرور ما يقارب خمسة دقائق قال لمايكل . يا مايكل تعرف عندما درسنا اللغة الانجليزية في ابرام اسكول المسائية ( مدرسة ابرام ) للتعليم الكبار الاساسية ثم انتقلت الى مدرسة سانت اغسطين الثانوية المسائية وامتحنت الشهادة السودانية هناك بنسبة نجاح كانت 70% في الميساق الادبي وتم قبولي بجامعة النيلين كلية التجارة وتخرجت فيها كما تعلم بامتياز عام 2010 . طوال هذه المدة الدراسية لا اكره الا الرياضيات واي امر يتعلق بالارقام حتى رقم جلوسي كنت اوصي شخصا اخر ليحفظه لي ويذكرني به ايام الامتحانات , وبالتالي انت من زمان بتحب الرياضيات والحساب فما هذا الرقم المكتوب بالضبط ؟
ما بين الذهول والضحك وقعت نحلة فريسة لا تدري ماذا تفعل وما اصاب هؤلاء الصبية من امر في مبالغ تعد بسيط جدا مقارنة بحياة مدينة جوبا .
امسك مايكل بالورقة بالقوة من على يد جون ونظر اليها بسرعة اسرع من سرعة البرق فيلاقيه في اول نظرة المبلغ خمسة وسبعون (75) جنيه جنوب سوداني. الله هذا المبلغ يا الخير وجون خمسة وسبعين جنيه جنوب سوداني مقابل ثلاثة مياه صافية التي شربناها قبل قليل فقط لا غير تصدقوا ولا ما تصدقوا . خمسة وسبعين جينه سال الخير وجون في وقت واحد من غير ان يتفقوا على ذلك وبصوت واحد حتى ان نحلة كادت تهرب لو لا شجاعتها واصرارها على اخذ حسابها باي شكل من الاشكال وباي طريقة كانت من الطريق وان دعى ذلك الى استدعاء البوليس .
تبادل هؤلاء الشباب النظرات فيما بينهم باستغراب واندهاش عما وقعوا فيها من فخ لن يستطيعوا الانفلات منها في دولة تحولت فيها العلاقات بين الناس الى ماديات حتى بين من يربطهم اواصر الدم والقرابة بعد الاستقلال . خمسة وسبعين جنيه نطرح منها ستة جنيه سنظل مطلوبين بتسع جنيهات كاملات , ونحن لا نملك في البيت خلا ما بحوزتنا الان اين نجد الباقي ؟ تساءل هؤلاء الشباب الثلاثة فيما بينهم .
يا شباب من فضلكم اسرعوا في الدفع لاني في انتظاري خدمة زبائن اخرى في مكان اخر من الفندق , قالت نحلة .
تمتم الخير بعبارات لم تفهمها نحلة على الاطلاق لانها لم تخرج في الاساس من فمه , وكانت هذه العبارات اشبه بحشرجة الميت بالنسبة لنحلة لا اكثر ولا اقل .كما راح من الخير فصاحة اللغة العربية التي ادعى نفسه بها عندما كانوا يجهزون ويجمعون حفنات من المبالغ لدفعها . افصح من فضلك واوضح ما تقصد من الكلام لو سمحت لاني لم استطع فهم مقصودك نهايئ مما قلت , قالت نحلة للخير الذي كان في مواجهته . حدق نحو السماء قليلا الخير ثم قحح ولملم اطراف افكاره المشتت وربط جاشه قليلا وكان يقول في نفسه ( دا كل من العطالة وعدم العمل ولو لا ذلك لما الواحد وقع في هذا المضب الضيق دا مع الاجنبية دي ) . والله يا نحلة اختي نحن قروشنا ناقصات ما بتلحق الخمسة وسبعين مبلغ دا بس نحمل ست جنيهات فقط , قال الخير بصوت خافض جدا ومنكس الراس .
شنو ؟ هكذا سالت نحلة بصوت غليظ جدا , ست جنيهات فقط يا شباب انتو جنيتو ولا شنو ؟ عاملين فيكم مجرمين حتشوفو الليلة .
يا موانقي نادت نحلة
يا يوري صاحت نحلة بصوت عال
يا هيثم الدرة تعالوا شوفوا المجرميين ديل
مهرولين اتوا جميعا الى حيث اتت صوت نحلة التي بدت حانقة وغاضبة من هؤلاء الشيبة الذين غطاهم الخجل والحياء كما يغطي الليل اجبال الاستوايئة الغفيرة لاسيما في موسم الخريف .
بالغة الانجليزية المخلوطة باللكنة البوغندية سال يوري , لماذا لا تودون دفع ( البيل ) المطلوب منكم من قروش الماء الصافي ؟
تعرف يا اخي يوري نحن لما اتيتنا هنا في هذا الفندق كنا على اعتقاد ان سعر قطعة المياه الصافي الواحد بنفس السعر المعروف به في خارج الفندق وهو اثنين جنيه (2) للقلطعة الواحدة , ولكن للاسف تفاجانا ان السعر هنا مختلف جدا عن السعر في الخارج ونحن لا نملك اكثر مما دفعناها من الجنيهات , اجاب جون باللغة الانجليزية .
لا لا عليكم ان تدفعوا ما عليكم دفعه ولا مجال للاعذار هنا , اجاب يوري بصوت حاسم خالي من اي نقاش على الاطلاق .
من غير ما يشعر وجد الخير نفسه يزرف دموعا غزيرا كانه طفل صغير هجره امه وتركه يواجه مصيره واحده في جو خال من حنان الام ودفء الامومة , لماذا تبكي يا كمرد ساله مايكل ؟ كفكف الخير دموعه واعتدل في جلوسه وقال : كيف تسالني عن سبب بكايئ وانت تشاهد الان الخنوع والمهانة التي نرزح فيها بسبب تسع جنيهات فقط . ( ودا كله يرجع السبب الى الحكومة لانها لو لم ترسخ مبدا المحسوبية في الوظائف لما كنا عطالة اليوم بشهادات جامعية , وهناك من لا يملكون ولا شهادات مرحلة الاساس يتقلدون وظائف مرموقة في الدولة ) .
في هذه الاثناء قال يوري مخاطبا موانقي من مبدا مسؤوليته كمدير للفندق ان يضرب لرجال الامن لياتوا ويقبضوا على هؤلاء المجرميين هكذا سماهم .
نواصل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.