قرأت ما صرحت به السيدة الفضلى د.مريم المهدي عقب خروجها من السجن وهالني ما قرأت .. مريم التي يتحدث العالم كله مدة شهر كامل أنه تم اعتقالها في المطار وهي عائدة فجرا بناء على حضورها توقيع إعلان باريس ، تقول إنها لم تُسأل قط عن إعلان باريس !! ومريم التي أدانها المسعور أحمد بلال أو أحمد بلاء وزير أعلاف النظام على رؤوس الأشهاد قائلا " إنها اعتقلت على ذمة قضية جنائية " وهو لا يعلم مكان احتجازها يطلقها جهاز كلاب الأمن دون أن توجه لها تهمة ! ومريم التي زعم محمد الحسن غير الأمين بأنها ارتكبت جناية وحث على ضرورة مساءلتها لقيامها بتحريض مجموعات وحركات مسلحة ضد السلطة وأن حزبه سيحاكم الصادق المهدي ويهدده أيضا بالعقاب ها هي تخرج طاهرة الثياب من دعاوى الكلاب ولم تأت شيئا فريا. مريم المنصورة خرجت من مطار الخرطوم وهذا يعني أن سجلها الجنائي والأمني كان نظيفا وحضرت توقيعا نقلته شاشات التليفزيون على إعلان لم يدع لإسقاط النظام بقوة السلاح ولا احتوى على عبارات التخوين والتهديد المعتادة من اتفاقيات الخصوم .. حضرته مثلها مثل كثيرين غيرها .. ولو كان التأييد بالقلب واللسان جريمة فدونكم الطيب مصطفى الذي أعلن على الملأ تأييده للإعلان وأمامكم د. صلاح عتباني ومئات غيرهم أشادوا بالإعلان وباركوه ومؤيد الجرم لا يختلف عن المجرم فهم شركاء فيه . وإذا لم يسأل جهاز الأمن مريم عن إعلان باريس ففيم سألها وعم كانوا يتساءلون ؟ فكما قلنا خرجت من مطاركم دون تهمة وعادت بجرم غير معروف.!! وليست تلك هي المشكلة .. إن المرعب حقا أن يتم اعتقال مريم الصادق المهدي وهي من أسرة سياسية ودينية عريقة وأخوها مساعد الرئيس والآخر ضابط أمن كبير في تلك الظروف المرعبة على جرم لم ترتكبه .. فإن كان ذلك التعذيب النفسي والحبس الانفرادي القاسي ومنع الكتب بل والمصحف الشريف عنها ومنعها من الاتصال بأسرتها لثلاثة أسابيع قد حدث معها فهل لكم أن تتصوروا ماذا يجري الآن لغيرها أو لمن سبقتها من المعتقلات المناضلات الشريفات؟ أو القادمات من أولئك اللائي هن من عامة الشعب ولا يملكن من مزايا مريم شيئا وكان الظن أن تميزها مزاياها في المعاملة إن لم تميزها في تطبيق القانون المزعوم .!!؟ الحبس الانفرادي يعني أن مريم ارتكبت جرما عظيما يهدد الدولة وأركانها ويعني أن ذلك تم خشية أن يتسرب شيء من التحقيق أو المعلومات الخطيرة .. لكن شيئا من ذلك لم يحدث. قضت مريم شهرا في الحبس وتم استجوابها أربع مرات فماذا كان يفعل هؤلاء بين كل تحقيق وآخر ؟.. لا شيء ! والسجينة في حبس انفرادي لن تأتيها معلومة جديدة تنفع في التحري وما عندها مزيد !! .. لا تفسير لكل ذلك سوى الرغبة في التشفي .. الرغبة في إذلال مريم وتخويف أبيها وإرهاب المعارضين .. لكن هيهات!. وللأسف إن من تعرضوا للذل حقا بدل مريم هم أخواها مساعد الرئيس وضابط الأمن وخرجت مريم مرفوعة الرأس . فيم تساعد يا عبد الرحمن إن بلغ بك الجبن أن تقول للرئيس إن كانت أختي مجرمة حولوها للنيابة وإن لم تكن فأطلقوا سراحها !! ويا ضابط الأمن الخارجي فإما أنك تعلم أن أختك تهدد أمن البلد وأمنكم فتركتها لتتأدب أم أنك أنت الآخر جبنت عن أن تسأل زملاءك الأمنيين عن سبب حجز شقيقتك لجرم لم ترتكبه !! وإذا كان النظام يتشدق الآن ببسط الحريات والحض على الحوار ويفعل كل هذه الأفعال المخزية في هذه الأجواء فهل لكم أن تتصوروا حجم الفظائع التي ارتكبها خلال سنوات بيوت الأشباح أو عند الاعتقالات التي تمت في أوقات شعرت فيه السلطة فعلا بأن خطر السقوط يتهددها ؟؟ ! ودعونا مما جرى الآن ما موقفكم من جهاز أمن يقبض ويطلق ويحبس ويعذب ولا يستطيع أن يجيب على سؤال مساعد الرئيس لم كان كل ذلك ؟ وفيم يندفع المتهورون لمحاورته وهو ما زال على ضلاله القديم. لا أتصور أن السيد الصادق لم يسأل عن ابنته .. ولا أتصور أن يبدأ السؤال عنها إلا عبر أبنائه منذ ساعات اعتقالها الأولى وما تلاها من أيام عصيبة " يا أولا شوفو أختكم وين .. ؟ " ويمكن ببساطة تصور الرد من الشقيقين كذبا ليطمئن قلب للوالد " هي بخير وتعامل معاملة كريمة ونحن نتابع الموضوع وما تقلق " .. هل يمكن لعاقل أن يتصور أن يقولا له نحن لا نعرف عنها شيئا ومنعنا رجال الأمن من زيارتها أوهي في حبس انفرادي ولا تثور ثائرة الأب ؟! السيد الرئيس .. أنت بهذا تذل من يعمل معك وتخذله وتدمر تاريخه ولو كنت مكانك فإن مساعدا كهذا لن ينفعني بشيء فمن يخلص لك الود أو يخشاك لدرجة يعجز عن استئذانك في زيارة أخته أو على الأقل الاطمئنان بمعرفة مكانها ويصمت بعد براءتها ولا ينتصر لها لا يستحق الاحترام ولا البقاء في منصبه . ويا عبد الرحمن وبشرى إن نظاما وأجهزة لا تحترم حرماتكم بعد كل هذا الإخلاص والولاء غير جديرين بالعمل معهم . السيد الرئيس وعبد الرحمن الصادق وبشرى الصادق وجهاز الأمن .. باختصار .. لقد جئتم شيئا فريا .. أي أمرا مصنوعا مختلقا ، عظيما ، منكرا !! وسَلِمْتِ يا مريم. إضاءة : الشرُّ إنْ تلقهُ بالخيرِ ضقتَ بهِ *** ذرعاً وإنْ تلْقهُ بالشرِّ ينحسمِ [email protected]