السودان بلد موبؤ بامراض خطيرة التي باتت تهدد كيانه ومستقبله برمته , حيث ان الوضعية التاريخية للدولة السودانية هي وضعية مأزومة منذ خروج المستعمر الذي خلق بدوره سياسة المناطق المغفولة وقدمت كل الامتازات لابناء الشمال النيلي فاهملوا باقي القوميات والتي القي بظلالها السالب الي تقسيم المجتمع رأسيا علي مستوي الطبقات الفقراء و الاغنياء وافقيا شمال , جنوب , غرب وشرق بل ذهب الي ابعد من ذلك ببتر الارض علي اسس عشائرية الذي جعل من وحدة الشعب السوداني بتنوعه امرا صعب المنال . لذا المستعمر الاجنبي انذاك إنتهج سياسة فرق تسد وجهل الجانب الحيوي الذي يستند عليه جميع مؤسسات الدولة وهو نظرية العقد الإجتماعي التي تؤسس الدستور الدائم للبلاد مصدره الشعب بتعدده التاريخي والحاضر. بعد خروج المستعمر ظهر مستعمر داخلي وهم طغمة نيلية و بعض الرجرجه من اطراف السودان الذين يمثلون الحزام الهامشي لهؤلاء الارثوذوكسيات المتطرفة فكريآ, منحاطين اخلاقيآ , عنصريين إجتماعآ وبطراكيين سياسيآ؛ هذه المجموعات المبلطجة ورثوا كل الميكانيزمات الإمبريالية الخارجية وسرطنوا جسد الدولة التي اصبحت كحزيرة ممتدة عشوائيآ كل من هب ودب يفتح ويسرق خروف عبر السياسات العرجاء التي اكدت عناصر الإنقسام التاريخي ودعم ثقافة عدم الإحساس بالثقة والعداوه , إذآ جميع النخب السودانيه وشلة المؤتمر اللاوطني المتمرغتين في معاطن الفساد و ادمنوا الفشل وشلل تاريخي نتيجة لعدم تطبيق العقد الإجتماعي الذي يساهم في وضع اللبنات الممنهجة في كيفية إدارة التنوع بصورها المختلفة , لذلك ظل السودان ومازال يعيش في حالة تشابك الازمنة بين تلك الأسلحة الفتاكه التي كرست الإنتماءات المناطقية والطائفية دون ابسط ولاة لمركب الكل للدولة وادوات المستعمر الداخلي الذي بني سدود بأيادي همجية لمنع تدفق الوعي الإجتماعي والسياسي لمعرفة الحقوق والواجبات المنصوصة في دساترهم الديموجوجية(الخدعة) . إذآ من الطبيعي ان يصل السودان الي مفترق الطرق كما نحن عليه الآن بسبب الحروبات العويصة منذ الإستقلال الزائف , حيث دامت خمسون عامآ من الصراع في الجنوب كللت بدولة مستقلة وزهاء تسعين عامآ في دارفوربعد أنهيارالسلطنة وثلاثون سنة في جبال النوبة والانقسنا والتهميش الخماسي وهجرة العقول الي خارج ارض الوطن وكذلك خصخصة المشاريع التنموية وبرمجة العقول من خلال التعليم البنكي الذي ينتج افراد ممسوحي الذاكرة وهشاشين بنويآ يمكن ان يخافوا من ظلهم بالإضافة الي تركيبة مؤسسات الدولة التي بنيت علي اساس جهوي ساهمت في تمييز الشعوب السودانية بناءآ علي لون , دين, عرق والإقليم المنتمي إليه منتهجين الأيديولوجيه الماديه في إطار مد المشروع الحضاري بغرض ترويض وتدجين مشاعر الشارع العام معلنين السودان كدوله عربية مسلمة ولامجال لتعدد , لذا بدأ المجتمع السوداني يتآكل من الداخل بفعل تجار الحرب ,الدين والارض . إذا لم يتم مواجهة هذه الاوضاع بنوع من التبجيل والشجاعه وتعريف عميق للأزمات التاريخيه عبر مشروع وطني تضمن حلولآ جزريآ يستوعب كافة التناقضات التاريخية والظرفيه و يمكن القول بأقل تقدير ان البلاد يمر بمخاض عسير ومنزلق نحو عدة زلازل منها: 1- ما يدور في السودان من نزاعات مترامي الاطراف تشير القراءات الموضوعية بأن السودان في حالة صوملة غير مكتمل الاركان ولكن بشكل عام أصبحت الحرب حرب الكل ضد الكل والفساد المستشري وكل شئ غاب قوسين او ادنى من الانهيار إذآ البلد سجين وراء منظومات الهوس الديني والمليشيات الهمجية والحكومة الارهابية التى تمارس الابادة ضد الجميع وترهب دول الجوار وتستجلب جماعات الهجرة والبلاغ من ايران , مالي وأفغنستان . لذلك الدولة امام حرب مفتوحة سيصل الى الخرطوم قريبآ ويموت الجميع ويحيا الجميع عبر برنامج قبول الاخر 2- تفكيك الدولة الى أشلا متحاربة فيما بينهم وتقسيم مياه النيل , هذة الدويلات يمكن ان تستقر لفترة ما حتى يتشكل اتحاد كنفدرالي على اساس النظم الحديثة أو دويلات تنهار وتصل مرحلة بناء دولة في اي قرية من قرى السودان بعملة, جنسية وجواز مختلف هي الزلزال الاكثر احتمالآ 3- استخدام استراتجية تكتيكية من قبل النظام مع كل من حمل سكين , فاس او الاسلحة المتطورة كما يجري الأن بين الجبهة الاسلامية بفصائلها الرداكالية والجبهة الثورية في باريس وأديس أبابا الذي ملآ الدنيا ضجيجآ بأن هناك سلام عادل سيتمخض قريبآ بتلك الشاكلة والبسطاء والكادحين والثكالي من النازحين واللاجئين يفترشون الارض ويلتحفون السماء باحثين أقل مقومات الحياة , من منظور شخصي كل التحركات المكوكية بين الجماعات التقليدية في المركز وتحالفات الثورية التي تعاني من خلل هيكلي وبرنامجي يمكن أن يكون بندول لتذويب الألم مؤقتآعبر أنتخابات مزورة في بلد لم يتوفر فيه النزاهة وسيترشح البشير ويتم استيعاب القوة الهامشة في مسرحية هزيلة لأن الطرف واحد الذي يتفاوض مع عدة اطراف هو الكاسب ,لذا بعض الثوار يعتقدون ان تغيرالنظام من جزوره أمر مستحيل وأستمرار النضال سوف يتضارب مع مصالح بعض الذين يتشبثون بشهوة السلطة هذا بكل أسف ما نرى الأن . إذآ السودان أصبحت بلد الاتفاقيات , ثورة وراء اتفاقية اتفاقية وراء الثورة وجميع يستعد لتوقيع وجميع مستعد للحرب لذلك تغير خشبة المسرح لم يغير من المسرحية شئ بل تكون أسوء من ماضيه . السؤال الجوهري الذي يدور في مخيلة كل مهتم بشأن العام الي اي مدى يقود هذه الاوضاع المزريعة ؟ من زاوية تحليل الصرعات التاريخية يتطلب بناء مشروع قومي يستند على الحقائق ويخاطب الازمات المتلاحفة قبل وبعد الثورة عبر قوة بشرية فاعلة قادرة على تجاوز كل المحطات البدائية بنوع من الوعي والصمود. ما أسوء عن ترى بلدك يغرق في شلالات الدماء والسواد الأعظم صامتين كصمت القبور وما أروع أن تستشهد في ساحات القتال لكي تكون شمعآ تضئ الطريق للقادمين من خلفك. [email protected]