أن من شأن إعلان ساعة صفر للثورة و بدء العد التنازلي ليوم الخروج بهدف إسقاط نظام الحكم من شأن ذلك أن يقلب المعادلات جميعها و يخلق وضعا ضاغطا على النظام و القوى السياسية المعارضة و محفزا للجماهير المتعطشة للحرية و العدل و الحياة الكريمة في وطنها و السلام . فساعة الصفر هي ساعة معينة في يوم معين في المستقبل المنظور ، ساعة نحددها و نعلنها للخروج و التظاهر بغرض الإطاحة بالنظام و إقامة بديل عادل ديموقراطي لا مركزي يعترف بالتعدد و التنوع و يعالج أخطاء الماضي و يعاقب المجرمين. هذه الساعة تحددها القوى الثورية الشبابية مع أو بدون التنسيق مع الأحزاب و القوى السياسية المعارضة للنظام و لتفرض بذلك واقعا مختلفا و معادلة جديدة تجبر الآخرين على التجاوب ، خاصة و أن أكثر القوى السياسية المعارضة تضع مسألة العمل الجماهيري السلمي خيارا علنيا ضمن أجندتها، و لتكن ساعة الصفر بعد مدة مناسبة( 30 يوما مثلا) تكفي للتهيئة و التعبئة الجماهيرية بإعداد الخلايا و الخطط و الشعارات و أﻻ تطول المدة لتؤدي إلى التراخي و التواكل ، في هذه المدة يجب توعية الناس بشتى الوسائل الممكنة بأهمية و ضرورة الخروج لكل الناس في ذلك اليوم و أن في خروجهم جميعاً حماية لهم و لأبنائهم و اخوتهم و مصالحهم ﻻن الكثرة تشل أجهزة الأمن و تعجل بإسقاط النظام و تقلل كثيرا الخسائر البشرية و المادية التي تترتب على تطاول فترة الثورة ، حيث أنه إذا خرج مليون أو مليوني متظاهر في أنحاء البلاد فان الحكومة يمكن أن تراهن على الحسم الأمني و أو فتور الناس و تراخيهم مع مرور الوقت و من ثم ستحاول الصمود لأطول فترة ممكنة و ينطبق الأمر أيضا على الشرطي و رجل الأمن إذ يمكن أن يطيع الأوامر بإطلاق النار اذا كانت المعادلة ضعيفة أي مئة شرطي أمام الف أو ألفين من المتظاهرين مثلا و لكنهم أي المئة شرطي لن يجرءوا ابدا على أطلاق النار على مئة ألف و اكثر و هكذا فإن في خروج الجميع حمايه للجميع بإسقاط خيار القوة من يد الحكومة . لساعة الصفر يفضل اختيار يوم الجمعة حيث لا عمل لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من الناس في المظاهرات منذ اليوم الأول و لتستمر المظاهرات نهارا و ليلا طيلة العطلة الأسبوعية على أن يتبع ذلك لزوما عصيان مدني شامل لشل مؤسسات الدولة و الحكم خاصة بعزلها و تعطيل دورها فهي إنما تحيا بالعاملين فيها و المتعاملين معها . و يلزمنا أيضا تلافي أخطاء الماضي التي أودت بالمحاولة السابقة حيث اقتصرت التظاهرات على أيام الجمع نهارا و ذلك وفر للنظام و أجهزته الأمنية الفرص الكافية لالتقاط انفاسهم و التعامل بعنف شديد مع التظاهرات الصغيرة و المتفرقة خلال أيام الأسبوع ما أوقع الكثير من الضحايا و الإصابات و أيضا استطاعت الأجهزة الأمنية أن تحدد النشطاء و تعتقلهم و تعرفت على أماكن التجمع فملأته بافراد الأمن قبل وصول المتظاهرين اليها و من اسوأ نتائج حصر التظاهرات في أيام الجمع انها حرمت الثورة من الزخم الإعلامي المطلوب و خاصة الإعلام الخارجي حيث أن المراسلين الأجانب مع قلتهم كانوا مضطرين للانتظار أسبوعا كاملا و تحمل تكاليف مادية كبيرة و مخاطر تربص أجهزة الأمن لتغطية حدث متوقع و قد لا يحدث فغادروا البلاد و تركوا المتظاهرين لتفتك بهم مليشيات النظام دون خوف من رقيب. ولما كانت هذه في اعتقادي بعض أهم أسباب فشل الثورة السابقة فانه يجب مواصلة التظاهرات ليلا و نهارا في أماكن متفرقة لانهاك أجهزة الأمن بتشتيت قواها البشرية و المادية و اخيرا فإن الإعلام هو أقوى أسلحة الثورة السلمية و أهم وسائل حمايتها حيث يوفر التواصل و التوثيق و الرقابة، التواصل فيما بين المتظاهرين و مع العالم الخارجي و الدعاية لهم و الرد على عمليات التضليل و التشويش الذي يقوم به الإعلام الحكومي المضاد و كذلك يوثق للثورة و لجرائم المليشيات و الأجهزة الأمنية و هو عين الرقيب المحلي و العالمي على تعامل النظام مع الثوار السلميين لذا يجب الاهتمام برصد و توثيق كل ما يحدث حولنا أثناء الثورة عبر التصوير و النشر في مواقع التواصل الاجتماعي .و رويدا رويدا ستتكون الخلايا و تنضج بالتجربة و ستكشف المواقف الصعبة القيادات الوطنية الكفوءة و سينجلي ليل الإنقاذ الذي طال امده عن صباح طال انتظاره و ستشرق في سوداننا شمس الحرية و العدل و السلام. سالم حسن سالم / باريس [email protected]