تخيل إنو جارك إستقطع من منزلك 15متر عنوةً وبني فيهو صالون وإدعي إنوالمساحة تتبع له بدون أي اوراق ثبوتية،وبعد ده كلوا يعزمك في بيتو ويقعدك في الصالون ويقول ليك لازم نقوي علاقة الجيرة بيناتنا ونتواصل إجتماعيا بشكل كويس وحضاري وموضوع الأمتار الفيها الصالون ده ما يكون حاجز عداء وخلينا نفتح صفحات جديدة.عزيزي القاريء لو كنتا صاحب البيت موقفك شنو؟ المشهد أعلاه يجسد موقف الرئيس السوداني عمر البشير مع غريمه عبدالفتاح السيسي عندما حل ضيفا علي الأخير في زيارته الأخيره لمصر ،مع العلم بأن مصر تحتل قسطا مقدرا من الأراضي السودانية تتمثل في مثلث حلايب وشلاتين،وطالما تم اللقاء بين الرئيسين كان من الضروري تناول ملف المنطقتين أولا ويجب أن يحتل هذا الملف صدارة المباحثات،وفي تقدري حسم مسألة المنطقتين يمهد الطريق لطيء صفحات الماضي المأزومه تاريخيا بين البلدين وبالتالي يخلق ارضية قوية للتواصل بين الشعبين وفقا لأسس جديدة يسمو فيها علاقة الإحترام علي جميع الأصعده ،السياسية ،الإقتصادية والإقليمية. إلا أن ما حدث بالأمس الأول يعد مؤشرا خطيرا ويؤكد إصرار الحكومة المصرية علي تملك المنطقتين بصورة قاطعة والدليل علي ذلك وجودهما في خارطة مصر قرب مقعد البشير في الصالة الرئاسية عند لقاء الرئيسين علي حد تناول الإعلام المرئي لها بصورة بالغة من الأهمية،لأن الجميع كانوا علي درجة عالية من الترقب فيما تسفر عنه الزيارة تجاه القضايا الأساسية إلا أن النتيجة خرجت مثل سابقاتها صفرا كبيرا. فالسؤال الذي يطرح نفسه هل أرض السودان هبة من الله للبشير وأعوانه لذا يمنحوها لمن شاءؤا مقابل مصالحهم؟أم أن البشير يخاف من بطش الأخرين وجبروتهم وهذا يجعله يلتزم الصمت تجاه المعتدين علي أراضي السودان!أو بالأحري لا يريد البشير أن يخسر جيشه وقوات دعمه السريع في حروبات مع دول الجوار ،لأن وظيفتهم خصصت للحروب الداخلية منذ ميلاد الدولة الإنقاذية وذلك حفاظا لعرش البشير مقابل إنشطار الوطن أو تجزئته لأشلاء،بالإضافة الي أن الجيش السوداني لايملك في الأساس مهارت القتال الخارجي ولم يسبق له أن خاض تجربة مثل هذه!أم أن البشير يري أرض السودان شاسعة وكبيرة ولا يمتلك الأهلية لإدارته كما ثبت تجريبيا منذ 25عام فشاخ وأعياه الكبر مما جعله يفكر في التخلص من بعض الأجزاء كجنوب السودان ويهب بعضها هدايا للأخرين كأراضي الفشقة لأثيوبيا وحلايب وشلاتين لمصر وهذه الهدايا عربون تأمين كي لا يتم تسليمه للمحكمة الجنائية،ويضمن إستمرار حكمه في السودان المصغر الجديد الذي صنعه بيديه دون أن يمسه أحد من دول الجوار،كما أنه لايبالي في منح الذين يملون الأرض ضجيجا من سكان الهامش دولا جديدة في دارفور ،جبال النوبة والنيل الأزرق كي يقلل من الأرق الذي ينتابه كل ليلة وهو يتصارع مع النوم،وربما يحلم أن ينام متوسدا إن أصبح حاكما لمثلث حمدي.والجدير بالذكر ان للبشير حق في مشروعية حلمه واليحلم كما يشاء حتي لو اراد أن يصبح مدعيا للمحكمة الجنائية كي ينتقم من اوكامبوا فهو حر!ولكن يجب ان لا يربط أحلامه بمستقبل شعب بأكمله والتفريط في أراضيه مقابل تسويات سياسية والمعلوم عندما تثور الشعوب تتفجر كالبراكين في أوجه الطغاة والجبابره الضلله وحينها لا تعرف الرحمة،والنماذج كثيرة علي سبيل الذكر القذافي وحسني مبارك والزحف مستمر وللشعب السوداني تاريخ حافل ومشرف في الثورات ومازال الشعب هو نفسه وإن صمت طويلا هذا لايعني إنه مات،بل يعني إنه كان في غيبوبة وقد أفاق والمؤشرات واضحة!والمعروف سلفا أن المياه لا تغيير مجاريها وإن توقفت الأمطار لفترات طويلة وهذا ديدن الحياة والطبيعة فليعلم الغافلون. وأيضا من المنعطفات الخطيرة في زيارة البشيرة للقارة هو خرق برتكول دولي في غاية الأهمية من الحكومة المصرية بصورة متعمدة وهو إبعاد العلم السوداني من صالة الإجتماعات كما شاهدتموه علي التلفاز مما يؤكد مستوي السخرية والإستخفاف العالي من نظيره السيسي له،وربما أراد السيسي تصفية جزء من حساباته مع زعيم الأخوان المسلمين وهذا منهجه تجاه هؤلاء لأنهم ساندو نده السابق (محمد مرسي)وحملوا العديد من الشعارات الوهاجة تجاه السيسي في قلب الخرطوم وغيره ذلك.ولكن المؤسف هو موقف الحكومة السودانية التي لم تحرك ساكنا في إنتهاك سيادتها لأن خرق اي من البرتكولات والمراسيم علي مستوي السفراء يؤدي الي إلقاء الزيارة،دعك من خرق برتكول رئاسي الذي بموجبه يؤدي لتوتر العلاقات بين البلدين لدرجة الإنقطاع وحدث هذا مع العديد من الدول التي لها سيادة،لكن في الشأن السوداني كل الغرائب واردة ومن لم يكن ذليلا في الأصل لا يمكن أن يقبل الذلة من الأخرين وفوق هذا لأبد من الحكومة المصرية تقديم إعتذار شافي وكافي للشعب السوداني لإنتهاك برتكول الرمزية والسيادة المتمثل في العلم لأنه ملك للشعب وليس للحكومة التي تمثل لها الخصم في عدة منعطفات كي تضمن مستقبل علاقات جيدة بين الشعبين التي يمكن أن تصبح أزلية وإن إنهارات الحكومات. بقلم/صالح مهاجر خلف الستار [email protected]