* العهده على الراوى ان رئيس تلك الدوله الافريقيه وفى الاحتفال بعيد الاستقلال قال مخاطبا شعبه بأنه سيجعل لهم عاصمتهم اجمل من الخرطوم عاصمة السودان فصفق الشعب محييا الرئيس على هذا الوعد المتخم والانجاز المرتقب. *والعهده على الراوى ان رئيس احدى الدول النفطيه طلب من المهندس السودانى الذى سيشرف على تخطيط احدى المدن الكبرى بأن يجعل تخطيطها على غرار العاصمه السودانيه الخرطوم وكان ذلك بالطبع فى فترة الستينيات على الارجح. * ماذكرناها تلك هى نفسها الخرطوم عاصمة الجمال انذاك وجاذبة السياح والتى تغنى لها الفنان الراحل سيد خليفه فى رائعته التى تقول: هما قدران فى مجرى تبارك ذلك المجرى وهذا الابيض الهادى يضم الازرق الصدرا ولا هذى ولاتلك ولا الدنيا بما فيها تساوى ملتقى النيلين فى الخرطوم يا سمرا *وهى نفسها الخرطوم التى كتبت فيها الاغنيه الشهيره: يالخرطوم ياالعندى جمالك جنة رضوان طول عمرى ماشفت مثالك فى اى مكان *انها روعة الخرطوم التى الهمت الاستاذ الشاعر حسين عثمان منصور الذى نظم قصيدته على لسان الناضل الشهيد الشريف حسين الهندى ويقول فيها : خرطوم يا مهد الجمال ودرة الاوطان عندى انا كم اخاف عليك من شوقى وتحنانى ووجدى لما اذاعوا عفوهم وتخيروا المنفين بعدى هرعوا اليك ضعافهم وبقيت مثل السيف وحدى خرطوم لو عشق الفؤاد جمال غانية وقد انى اذا لنكرته ونكرت اصابى وخلانى ورفدى *نعم هى نفسها الخرطوم عاصمة (اللاءات الثلاث ) التى احتضنت ملوك ورؤساء الدول العربيه انذاك فتجولوا فى رحابها وطافوا بخمائلها حتى ان الرئيس الجزائرى هوارى بومدين كان قد وصف شارع النيل بانه من اجمل الشوارع فى الوطن العربي. * هى ذاتها الخرطوم التى كانت كالغوانى يرفلن فى ثياب العز والخيلاء يغرن شمس الضحى جمالا وزينة حتى جاء اديبنا الراحل الطيب صالح ليقول فيها عبارته الشهيره:( اصبحت الخرطوم الجميله مثل طفله ينومونها عنيه ويغلقون عليها الباب تنام منذ العاشره تنام باكيه فى ثيابها الباليه). * هى نفسها الخرطوم التى شهدت تأسيس الاتحاد الافريقى لكرة القدم ايام العملاق دكتور عبد الحليم محمد والذى منحه الاتحاد الافريقى رئاسته الفخريه مدى الحياه وفى حياته اقيمت اول بطوله افريقيه لكرة القدم فى الخرطوم وبسببه حضر رئيسا الكاف والفيفا للخرطوم لتكريمه حيث قال عيسى حياتو عبارته الشهيره وهو داخل استاد الخرطوم لقد ولدنا هنا) . *هى ذاتها الخرطوم التى كانت تضاهى اجمل عواصم العالم جمالا وامنا ونظافة وكانت قبله للسياح والزائرين يطوفون حولها كعروس النيل حتى تسحر البابهم وتخطف ابصارهم فماذا بها اليوم؟ *بعد ان كانت تمد انفها شامخة فى عز وفخر اصبحت الخرطوم اليوم عاصمه منسيه تأخرت عن سير العواصم المتحضره واصبح مجرد الحديث عن اسم الخرطوم عاصمه حضاريه يجعلك عرضة للاستهزاء ممن حولك فقد اصبحت مالخيمه المثقوبه التى لاتقى ساكنها حر الصيف ولا زمهرير الشتاء ولا من هطول الامطار فى عنفوان الخريف. *سالت نفسى ياترى ماذا كان سيقول فيها الشاعر محمد الواثق الذى اشتهر بهجاء المدن السودانيه فهل نستعير بيت شعره الشهير فى امدرمان لنقول : ياحبذا انت يا (خرطوم )من بلد امطرتنى نكدا لاجادك المطر من سوقها العربى حتى مشارفها حط الخمول بها واستحكم الضجر * اسفى على الخرطوم ملهمة الشعراء والادباء وهى تتحول الى مكب للنفايات وتطقح فى شوارعها روائح مياه الصرف الصحى ويحيط بها السكن العشوائي من كل الاتجاهات وتحاصرها جيوش الباعوض والذباب ويصبح الوجود الاجنبى احدى علاماتها البارزه فتسمع لهجات متعدده ليس من بينها لهجه سودانيه محببه للنفس وتحملق فى الوجوه التى حولك فلا تكاد تدرك الملامح السودانيه فتصبح كالغريب فى وطنك حتى عودتك لحضن ديارك بعد يوم من مضنى من مطاردة المواصلات. وهل ادرك خليل فرح الصباح وهويردد: ما عرفنا عدوك زاهل وله لسه غلام جاهل متهلل صيف شيتا عندك كيف فى اللعب بالنار فى لهيبك اشوف ساحل كالفراشه اجيك راحل انا خايف كيف يا لطيف يا لطيف اهوى وابقى فى نار [email protected]