كثير هم الذين تناقشت معهم حول امكانية قيام ثورة تسقط النظام القائم فى الخرطوم ، وبالرغم من ان غالبيتهم كان ممن يناصب النظام العداء ، ويتمنون زواله اليوم قبل الغد ، الا انهم وحسبما يزعمون ، يتخوفون من فوضى قد لا تبقى ولا تذر فى حال ذهاب النظام ، والبعض منهم يذهب ابعد من ذلك وهو يتساءل عن ماهو الضمان اذا ما قدر وذهبت هذه الحكومة ان لا يكون هناك فراغا دستوريا يصعب ملؤه ؟ خصوصا فى ظل تباين وضبابية المواقف والرؤى لدى قادة المعارضة الضعيفة ، ويعززون مخاوفهم تلك ببعض القراءات الفطيرة لما يجرى فى الساحة الداخلية من بروز نعرات عنصرية هنا وهناك ، واستمرار النزاعات القبلية فى دارفور وكردفان ، والحروب الدائرة فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وما اورثته من دمار ، ولجوء وفقر ، واحساس بالغبن تجاه المركز الذى عمل على تهميش تلك المناطق . ويستمر الحوار على هذه الوتيرة فتتوالى تساؤلاتهم مثل هل الحروب المشتعلة هى ضد النظام ومن ثم ستضع اوزارها بمجرد زواله ، ام هى حرب استئصالية ضد العروبيين كما يزعم البعض ؟ وما هو الضمان لعدم استمرارها بعد زوال النظام ؟ والغريبة ان اكثر ما يقلق هؤلاء فى حال نجاح الثورة إن هى قامت - هو ما جرى ويجرى فى بعض دول الربيع العربى من فوضى وعدم استقرار ، ناسين اننا مارسنا الديمقراطية ثلاثة مرات كانت فيها البلاد اكثر استقرارا من كل العهود الظلامية . ولو لا مغامرات العسكر وتفريط احزابنا التقليدية لظللنا ننعم بحكم راشد طوال السنوات التى تلت الاستقلال . صحيح ان الانقاذ خلال خمسة وعشرون عاما عملت على ترسيخ مفهوم العنصرية البغيضة ، وساست البلاد بمبدأ ( فرق تسد ) حتى لتكاد ان تفرق بين ( المرء وزوجه ) وذلك لتدعيم اركان حكمها الفاشى ، بيد ان السودان سيظل ذلك الوطن الجميل باعراقه المختلفة ، وسحناته المتعددة ، وثقافاته المتنوعة ، وارثه الحضارى ، و نيله الخالد و ( زوله ) الطيب ( الحبوب ) ، وعقده الاجتماعى الذى لا نعتقد انه ستنفصم عراه مهما تكلبت عليه المحن وسيبقى السودان ( وطن ) يسع الجميع ولو كره المرجفون . [email protected]