من المقرر استئناف سير التفاوض الماراثوني باديس ابابا مرة اخرى ، في ظل تكهنات عديدة ومنطقية ، بان لا جديد لتفاوض تكتيكي يسعى من وراءه البشير لكسب وقت اضافي لمسيرة حكمه ، ويجنى وفد الحركة مساحات واسعة بوسائط الاعلام ، ولا يجني منها النازحين والمحاصرين بالامراض والجوع ومطاردتهم من قبل قوات الدعم السريع غير ضنك الحياة،ويظل الوضع قائم علي التضارب في التصريحات ، من نفى ومغالطات فكرية وسياسية سمجة للمتفاوضين، حيث يتم نشر تصريحات من قبل منسوبي الحكومة بترويج اخبار مفادها ان الوفد قطع شوطا كبيرا من التوافقات بلغ الثمانين بالمائة من المسائل الرئيسية ، وما تبقى بضع بنود الترتيبات الامنية وتفاصيلها ، ويكون النفي الدائم من كبير مفاوضي الحركة الشعبية ،علما بان علم المنطق يقول (ان نفي النفي اثبات) ولا ندرى هل عند السياسيين يحمل نفس الدلالات ام لا ! علي الشعب والمهتمين ان يتاعيشوا مع التصريحات المتناقضة مابين اعضاء المؤتمر الوطنى ، وصولا لرئيسهم البشير الذى حسم الامر في الاخر حين ذكر بانه ليس للحركة الشعبية غيراتفاقية نيفاشا التي تنص علي التسريح والدمج لقواتها وجيشها ،ام تفاجئنا الحركة باتفاقية بغض جديدة ، توزع فيها المناصب لقلة محتكرة للسلطة والثروة باختطافها القرار السياسي! وهذا ما يقلق الملايين من الشعب وعضوية الحركة الشعبية علي اجندة تفاوض لا يعلمها الا ثلاثة ! مهما كانت نتائج تلك المفاوضات الكاسب فيها المؤتمر الوطني واعضائه المفاوضين ، لان نتائجها لن تكون خارج اطار استراتيجيته المبنية علي ديمومة سلطة البشير والافلات من العقاب والمحاسبة ، وتفادى السقوط العنيف، بالرغم من ان كل المؤشرات تدل علي قرب دنو اجل هذا النظام المتهالك . وما يدهش المراقبين عقب كل جولة تفاوض تلك التصريحات المتضاربة ؟ انها احدى ألاعيب الاسلاميين منذ كذبتهم الاولى ، وتعمل سياساتهم على تفتيت الخصوم باستراتيجية المال ، والاختراق، ويتلاعبون بالمتناقضات بحيث يخاطبون الجميع بصورة وفاقية كذوبة ، ولكنهم يستعدون لحرقهم وسحلهم بذات الوقت ، يسعون لسياسة شد الاطراف ،واطالة زمن الحرب لخصومهم حاملي السلاح ،مع العبث بداخل كل الاحزاب والحركات المعارضة دون استثناء ، في حين اهدافهم تكون بالقرب من متناول الجميع ، نجد المعارضين لا يملكون اليقين من صحتها مع ان المنطق يشير اليها دوما ، وتسريباتهم بقصد ودونه تؤكد تلك الاهداف والمقاصد ، ونضرب لهم مثلا بوثبة البشير ، والخطاب الشهير المعاد ، والذى رغم اعادته لم يفصح عن نفسة بشئ يشفي ظمأ المتلهفين للتغيير والتجديد من عضوية الحزب الحاكم قبل الاخرين ، وكان ذلك جزءا يسيرا من الاستراتيجية النمطية لاخوان الشواطين ،التى يخفون بها نواياهم الحقيقية في كسب الوقت وصولا لمواقيت الانتخابات ،وجوانب اخرى منها السيطرة علي خلافاتهم وصراعاتهم الداخلية فيما بين الاجنحة المتصارعة علي كرسي الخلافة ، حتي لاتفطن القوى السياسية المعارضة لذالك الضعف وتحسن استقلاله لاسقاط النظام ، وظهور المليشيات في قلب الخرطوم واحدة من المؤشرات التي دعت احدى الاجنحة للاستجارة بها لحسم الامر ،ومهندس تلك الاحداث هو جهاز الامن الوطني والحاكم الفعلي المتحكم في مؤسساته الحاكمة مدنية او عسكرية . ان السياسية الدائمة في العمل الدبلوماسي للعلاقات الخارجية هي الكذب ، واعتقادهم بامكانية تضليل العالم بمناورات وقرارات سياسية سطحية ، مثل قفل المراكز الثقافية الايرانية ،والتلويح ببعض التصرحيات بالترغيب،والترهيب بملفات التطرف ، وكل حركات الارهاب ، جميعها ادوات ابتزاز سياسي اعتاد عليها النظام الحاكم ، واصبحت بغير ذات جدوى ،ويضاف اليها الاتفاقيات الامنية العسكرية ،والتجارية جميعها تصب في ذات الاتجاه ، وان استخدام سياسة الرشاوي ، لممثلين المؤسسات الدولية والاقليمة وبعض دول الجوار(خاصة الجوار الافريقي ووسطائهم ) ،وذلك يشمل ايضا افراد البعثات الاممية للتاثير في تقارير المراقبين وحجب الحقائق ،او تزييفها ، والتي تم كشف النقاب عنها مؤخرا بواسطة د. عائشة البصري (نصيرة الشعب السوداني ) والناطق الرسمي باسم بعثة قوات اليومنيس وانتهاكات حقوق الانسان بدار فور ، اذآ هذه خارطة (جينات) النظام الحاكم الفاسدة التي جعلت من الفساد نظام ،والفوضى هوية ، واصبحت قيم الوطنية والمواطنة بلا معنى، وعدم احترام الشعب صفة متلاذمة لسياسات البشير . ما الذي يمنع سقوط النظام ! وكل العوامل الموضوعية متوفرة ، تفكك الحزب الحاكم وهروب مؤيدة ، اجماع الشعب السوداني علي ذهاب نظام البشير واتباعه، واشتداد قوة المعارضة الداخلية تحت راية قوى الاجماع الوطني ، انهيار اقتصادي وتضخم منفلت (هارب)، معارضة مسلحة قادرة علي كسر عظم جنجويد النظام باستمرار ، وفشل كل متحركاته العسكرية ، وعزلة وعقوبات دولية ، ورئيس يفتقد للاحترام بين شعبه ،وتجديد مطالبات المحكمة الدولية بالقاء القبض عليه والاخرون ، مع رفع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين دعمه للبشير شخصيا ومطالبته بالتنحي من سدة الحكم وتعدى الامراكثر من ذلك بوصفه دكتاتورا ، ومن المهم قرائة فوزه بمجلس الشوري بشق الانفس والاعتراضات الكبيرة من قبل اتباعه ، وان لم يكن هناك انشقاق وبعثرة الاصوات بين المتنافسين الخمسة لكانت هناك نتيجة مغايرة لما الت اليه ،وفقا لتلك النتيجة التي كشفت وزن البشير شخصيا وسط اهله، ونتوقع احتدام الصراعات الداخلية بين الفرقاء بحزب الفساد ، وسيكون رد الفعل اعلان سيطرة الجنرالات علي مفاصل الحكم وما تعديل الدستور الامقدمة لذلك، واعلان استمرارحكومة الحرب ، انه صيف الحسم بالنسبة لنظام فاسد كليا لايرجى منه اصلاحا ، وستشهد الايام وتحكي نهاية طاغية السودان . [email protected]