فى الاسبوع الماضى فوجع أهل البحر الأحمربل أهل الشرق جميعا عندما نعى الناعى خبر وفاة أبن الشرق بسم الله الرحمن الرحيم البار دكتور هساى عاولى, الذى انتقل الى رحاب ربه راضيا مرضيا فى صباح الجمعة 19/12/2014وشيع جثمانه الطاهر الى مدينة "جبيت" مسقط رأسه ومرقد أباءه وأخواله وتدافعت امواج المشيعين من كل انحاء الولاية من سواكن وطوكر بل حضر من حضر من كسلا والخرطوم وانسابت موجات من الناس راكبين وراجلين على طول الطريق القومى من بورتسودان الى جبيت خلف نعش الفقيد حيث سارت به من المدينة الى ما وراء التلال البحر الأحمر التى أحبها المرحوم فكرس حياته خدمة لأهله من الغبش , شيعته كل هذه الجماهير فى ذلك الصباح الشتوى,واحاطت بنعشه غمائم من سحب الشتاء التى تنتشرت عند سفوح الجبال والوديان ,حيث لم يشعرالمشعيون بعد المسافة بين منزله الكائن فى حى المطار و مضارب أخوله فى حى السلام بجبيت وكأن الأرض وما فوقها من بشر وحجر تودع "هساى" الإنسان حتى نوارس البحر رافقت جثمانه من البحر الى الجبل واحاطت به فراشات القاش وكأنها طيور الجنة لتسقيه من ماء السلسبيل , و من ثم تمت مراسم دفنه بإنشاد دينى من المولد النبوى الشريف أداه مريدى واتباع الطريقة الختمية الذين قرأوا عند وضعه فى اللحد (براق)السيد محمد عثمان المرغنى الختم بحضور مولانا محمد سرالختم المرغنى, ومن قبل أما صلاة على جثمانه الطاهر الشيخ الجليل أبوعلى مجذوب,وبكته حرائر جبيت وطالبات البجا فى (داخلية هساى) فى أمدرمان وكذلك طلابه من كل أنحاء السودان, و فى ذلك اليوم إهتزت الهواتف من الهند وإمريكا واليابان تشارك فى الحزن وتقدم العزاء لأهله نيابة عن الطلاب الذين بعث بهم أبان مسيرته العامرة بالعطاء لكل الناس. ولد المرحوم فى مدينة جبيت إلا انه ترعرع معنا فى ديم العرب فجمع كل الصفات الحميدة لأهلنا البجا من أصوله التى تنحدر من وادى أودروس وجبيت القرية والمدينة المتحضرة والعامرة بالنادى والمكتبة والمدرسة الصناعية ومدرسة المشاة التى تصقل الرجال فجمع صفات .. النبل ..والحلم..والمروءة ..والنخوة ..والحكمة.. فأصبح ذلك الإنسان نسيج نفسه العصامى المتواضع .. فكان مثل النحلة يخرج بطنها طعاما حلوا شرابه فيه شفاء للناس..صحيح أن والده سماه "هساى"وهى تعنى بالبجاوية "الغاضب" إلا أنه لم يكن يوما من الايام غاضبا؟! أو حتى مكشرا بل لم تفارق بسمة الفرحة وجهه فهو حاش باش دائما فكان يفترض أن يسمى بأسم يعنى الفرح ربما سماه بذلك والده حتى يحفظه من الحسد. ومنذ أن عرفناه فى العمل العام الذى دخله من باب العلم والتربية والتعليم ليربى الأجيال من أبناء البجا وكل أهل الشرق من كل السودان فكان نائبا لوالى الأقليم الشرقى ثم نائبا لوالى البحر الاحمر ووزيرا للتربية والتعليم ثم أستاذا جامعيا وعميدا للكليات الجامعية وعلم من اعلام التعليم العالى,وبالتالى ترك بصماته واضحة فى هذا المجال وكان صاحب فلسفة ورؤيا تقوم على نظرية أولوية تعليم البنات لأنهن الأساس فى الأسرة وتربية النشىء لذلك تحصل بعلاقاته على العديد من المنح الدراسية فى الجامعات والمعاهد العليا مما منح الفرصة للكثيرين من أبناء وبنات الشرق فى نيل الدرجات الجامعية والشهادات العليا وزامله فى ذلك الإنجاز العظيم المرحوم الدكتور "أبو هدية " أبو التعليم فى الشرق, بذلك العمل أضاء المرحوم "هساى" قنديل ومصباح من العلم فى كل بيت مما رفع الكثير من الأسر والفقيرة والضعيفة لتعيش فى عز وشرف فهو ملك توجته محبة الناس ليتربع فى قلوب الجميع...وكم يحز فى النفس أن هذا الإنسان الرسالى الخلوق ظل طريحا على فراش المرض فى مشفا "سارة"بينما إنشغل عنه مسؤولى الولاية فى إعداد وإفتتاح برامج مهرجناتهم المكررة عديمة النفع والفائدة, فودعهم صباح الجمعة المباركة وهو مبتسما فرحا بملاقات ربه راضيا مرضيا مرتحلا الي رحاب الله من دنيا النفاق والفساد الفانية .. آلا رحم الله فقيدنا رحمة واسعة وأسكنه فسيح الجنان مع الصدقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. د/ عثمان احمد فقراي [email protected]