تنصل غازي صلاح الدين عن ما اوكت يداه ونفخ فوهه طوال سنوات الحصرم الانقاذي،وخرج بخطاب عن مأسسة الاستبداد الذي بدأ برايه عندما قرر البشير اعادة الترشح لمنصبه مرة اخرى،ولم يعتذر غازي حتى عن تمرير قانون الامن الوطني عندما تظاهرات قيادات الحركة الشعبية امام البرلمان ،وقيام شرطي عادي باعتقال وزير الدولة بالداخلية الامر الذي لايمكن ان يحدث الا لحظة انقلاب على السلطة، بينما غازي قابع على كرسي زعيم الاغلبية بعزم حديد،شهد غازي نمو مؤسسة الامن وتطاولها حتى اكلت الحزب السياسي،ولكن هذا حدث هذا عبر حقب مختلفة، الا ان سنوات قوش هي الاعلى مرتبة،ففيها نحى جهاز الامن نحو القوة الناعمة،فاسس منظومته الاقتصادية وسيطر على مجالات محددة مثل المقاولات، وحصل على سهم وافر في التصدير والاستيراد، وشارك في الصحف واصبح يعين وينقل رؤساء التحرير. كل هذا والحزب يتفرج بعد ان تحول الي حالة كرنفالية ومجموعة من مقاولي الانفار تحشد البؤساء لتاييد مرشحي الاجهزة الامنية ومجموعة العمل الخاص في الحركة الاسلامية. انتهت التجربة الاسلامية في السودان الي الاستبداد كما بدات،فالحركة الاسلامية المتعالية على الجماهير لم تتوسل اصواتهم للوصول الي السلطة بل حكمتهم بالحديد والنار وبيوت الاشباح والتجويع والفصل،فانقسموا حولها مابين خائف وطامع، وفر عدد مقدر من ابناء السودان خارج سور الوطن ولسان حالهم انج ياسعد فقد هلك سعيد. غازي القاري النهم والمثقف القلق كان يراهن ان تكون حركته استثناء في التاريخ الانساني الامر الذي لن ولم يحدث بطبيعة الحال،فكل التجارب التي ضحت بالديمقراطية لصالح التنمية والامن انتهت الي خسارة الديمقراطية والتنمية معا،وتكميم افواه الراي الاخر لصالح الحزب الواحد انتهى بتكميم افواه اعضاء الحزب الواحد لصالح الرجل الواحد، وهل كان هناك بعث غير صدام مثلا؟ نبه الدكتور حيدر ابراهيم قبل عقد من الزمان الي سيطرة الامنواقراطية عبر مقال شهير نشر في مجلة المستقبل العربي ثم توسع الي كتاب ونبه حيدر الي خطورة جهاز الامن" كان من الطبيعى ان يعتمد الانقلابيون الاسلامويون على الاجهزة الامنية فى تثبيت أركان نظامهم ويعزون السبب فى ذلك الى الحروب الأهلية , مثل حرب الجنوب , ولاحقا حروب دار فور جنوب كردفان ,والنيل الازرق , وهنا يشير دكتور حيدر الى توظيف القران والسنة والتراث , وقياس الحاضر على الماضى, ولذلك يقول :كان منظرو النظام يرددون ايلاف قريش , واطعمهم من جوع وأمنهم من خوف, ان اعطاء الامنوقراطية هذا الرداء الدينى هو إبتزاز سياسيى موجه فى الدرجة الاولى الى المعارضة , وكذا الذين هم داخل الحزب ويتتبع الكاتب حركة الظاهرة حتى يقف امام تخلقها من جهاز شرير الى جهاز انسانى عادى فى خطوة الهدف منها اعطاء الناس إنطباعا مغايرا بأن الجهاز هو مؤسسة عادية , بل وثقافية وانسانية معا , كيف لا وهو يفتح ابوابه امام الصحفيين ليشرح لهم طبيعة عمله , ويستقبل اسئلتهم والرد عليها دون خوف , ويزيد الجهاز الجرعة ليحتفى بالكتاب والادباء والشعراء ايضا ويجزل لهم العطاء لاثبات ان الامنوقراطية وقادتها فنانون ومبدعون وذوى ذائقة فنية ويمكن لرئيسه كتابة الشعر والرواية والنقد الادبى" اذن جهاز الامن يحارب ، ويلقي القبض على المعارضين بصلاحيات شرطية كاملة، ويكرم الفنانين والشعراء،وبيبع الدقيق والخبز بمطاحنه الشهيرة، ويبني الابراج والطرق المسفلتة بشركاته المتعددة،ثم طمع قوش لاحقا وكون مستشارية ذات صبغة سياسية بدأت في حوار الاحزاب،كل هذا والحزب غائب في الركائب. الانتخابات التي جاءت بغازي للبرلمان عام2010 هي انتخابات من صنع الامن ،وصمته عليها وموافقته على قيادة كتلة من النواب المفبركين تعني ببساطة صفقة بالسكوت على استمرار البشير لقيادة البلاد الي ماشاء الله بالطريقة التي يراها مناسبة،فالبشير مزور، والبرلمان مزور،ولكن ادعاء غازي عدم اهلية البشير لقيادة البلاد ثم صمته عن الجزء الثاني يجعلنا جميع في ريب حول مدى استعداده للسير في تلك السكة الخطرة،وهي مناجزة الاستبداد . امام غازي فرصة لكشف كيف تم تزوير الانتخابات السابقة بوصفه موجود في كابينة القيادة،ونحن نعلم ان لقوله وزن اكبر من كل احاديث قيادات المعارضة،ببساطة لانه كان مجود في قيادة المجموعة التي قامت بالتزوير،شهادة غازي التي ننتظرها يمكنها ان تفكك خطاب الحزب الحاكم باكثر مماتفعل المدفعية ،فالبشير وزمرته ينشدون الشرعية باي صورة،ومن يسحب الشرعية سوى " شاهد ملك" نتمنى لغازي اجازة تتيح له التفكير جيدا في كسبه السياسي وماذا فعل حزبه بالبلاد،فبعد نصف قرن من الزمان يجب على غازي ان يتعلم ثقافة الانصات للصوت الاخر،وهو امر موجع لشخص امضى عمره كاملا في رؤية صورته في المراَة وسماع صدى صوته. محمد الفكي سليمان