*كتبت كثيراً عن قسوة من جانبنا تجاه الحيوان.. *فمنا من يستهدف قطة عابرة للطريق تلذذاً بسحقها تحت إطارات عربته.. *ومنا من يصوب حجارته نحو كلب بهدف إصابته في مقتل.. *ومنا من يتنكر لحماره المصاب - بعد عشرة سنين - فيدعه على قارعة الطريق.. *ومنا من يلهب ظهر حصان عربته (الكارو) بسياط (التشفي).. *وأشرنا إلى أن ديننا الحنيف يحثنا على الرفق بالحيوان.. *ويحكي لنا كيف أن رجلاً دخل الجنة بسبب كلب، وامرأة النار بسبب قطة.. *ولكن أن يتحدث نوابنا عن رفاه الحيوان في ظل شقاء الإنسان فهذا هو الأمر المحير.. *نوابنا هؤلاء الذين (يصفقون!) لقرارات تزيد من رهق المواطن غلب عليهم حنان مفاجئ تجاه الحيوان.. *لقد قلنا من قبل أن برلماننا هذا هو (الأغرب) من بين نظرائه في العالم أجمع.. *فلأول مرة في تاريخ السودان المستقل يكون لدينا (نواب شعب) هم بمثابة (نوائب للشعب!).. *وليس هذا مجال الحديث عن غرائبيات أخرى لنوابنا هؤلاء مثل (النوم) و(المطالب) و(العبث بالهواتف الذكية!).. *فقط نُظهر الآن التناقض العجيب هذا- من تلقاء نوابنا- بين (قسوة) حيال الإنسان، و(رحمة!) تجاه الحيوان.. *وإذا عُرف السبب - في حالتنا هذه - بطل العجب كما يقولون.. *فالذي عرفناه - مما رشح من أخبار - أن الخطوة المذكورة تخاطب الخارج وليس الداخل.. *يعني هي ردة فعل (كلامية) على عتاب عالمي خلاصته أن قوانيننا تخلو من الرأفة إزاء الحيوان.. *ونقصد بمفردة (كلامية) أنها من قبيل (أهو كلام والسلام!).. *فمن أين لحيواناتنا ب(رفاه) لا يجده الآدميون؟!.. *بل لا فرق بين إنسان السودان وحيوانه إلا قليلاً.. *فهل يعلم (نواب الشعب) أن من بين (أبناء الشعب) من يموتون أمام المشافي لعدم امتلاكهم مبالغ العلاج؟!.. *وهل يعلمون أن كثيراً من أطفال (الدرداقات) هم في الأصل ضحايا (رسوم التعليم)؟!.. *وهل يعلمون أن من بين كل خمس أُسر ثلاث تكتفي بوجبة واحدة في اليوم؟!.. *وهل يعلمون أن تفشي ظاهرة المخدرات هو نتاج (انسداد الأفق) أمام خريجي الجامعات؟!.. *وهل يعلمون أن السوداني ما عاد يبالي في أي يوم هو، وأي شهر، وأي سنة؟!.. *فلا يُعقل - إذاً - أن يهتم نوابنا بالحيوان على حساب الإنسان الذي (يصفقون!) لتعاسته.. *أما إن حدث هذا - إرضاء للغرب - فسوف يحسد كل منا حيوانات بلادي.. *ثم يصيح (يا ليتني كنت حماراً!!!). الصيحة