بالرغم من الأهمية الكبيرة والخاصة، لموقع أقليم دارفور كموقع إستراتيجي في الدولة وما يتمتع به من ثروات ضخمة، وهو يعتبر معبر وبوابة مباشرة للأفارقة والعرب؛ لكن نسبة لسياسات الحكومات المتعاقبة على حكم السودان اصبح هذا الإقليم من أكثر الأقاليم التي تفتقد أدنى مقومات الحياة الإنسانية، الأمر الذي جعل أصوات أبناء دارفور تعلو باكراً وهي تطالب منذ أمد بعيد بحقوق شعب هذا الإقليم المطرب إبتدءاً من نهضة جبهة دارفور و(سوني ..اللهيب الاحمر) و (حركة التحرير .. وحركة العدل المساوأة ) وهم يتحدثون عن ضعف التنمية التحتية والخدمات الاساسية؛ وتهميشهم في السلطة مما دفعهم بالمطالبة بضرورة تحقيق العدالة والمساوة في قسمة الثروة القومية وهذه هي مطالب مشروعة لأبناء الإقليم، لكن الحكومة ضربت كل هذه المطالب بأرض الحائط وحولت الصراع وكانه صراع حول الأرض فبدأت بسياسة فرق تسد وهي تزرع الفتن بين القبائل وضرب المواطنين الأبرياء في قراهم؛ بواسطة مليشيات ومرتزقة البشير لممارسة ابشع جرائم الإنسانية من حرق لقراهم وذبح الأطفال وإغتصاب النساء وقتل الشيوخ وحرق مزارعهم ودفن ابارهم للقضاء عليهم وتحويلهم إلى معسكرات بعيداً عن مناطق سكنهم الأصلية، ليصبحوا لأجئين ونازحين في دول الجوار الافريقي – تشاد – جنوب السودان – كينيا – ارتريا – اثيوبيا ويوغندا وليبيا ومصر والغالبية العظمى منهم اطفال ونساء وشيوخ؛ وهم يعيشون اوضاعاً معيشية صعبة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة إلى متى تستمر هذه الإبادة الجماعية في الإقليم؟ وهل سيستمر النظام في قتل واغتصاب وحرق وسلب ونهب ممتلكات المواطنين؟ وهل دولة الاسلام تفرق بين مواطن ومواطن ومسلم ومسلم؟ ومتى يتم تنفيذ القرارات الدولية وقرار المحكمة الجنائية الدولية ؟وهل لجامعة الدولة العربية والاتحاد الافريقي دوراً في تعطيل قرارات المحكمة الجنائية..!؟ أين موقف القوة السياسية من هذه الجريمة وقرارات المحكمة؟ بالرغم من إجتماعات مجلس الامن الدول في 30 يوليو 2004م واصداره قرار رقم 1556 الذي دعى فيه الحكومة السودانية للتحرك خلال 30 يوماً لنزع سلاح مليشيات النظام (الجنجويد) مع اعتقال المسؤولين عن ارتكاب الفظائع واستكمال تنفيذ الحكومة لخطة عودة النازحين الى قراهم الاصلية ؛ في حالة عدم تنفيذ الحكومة لهذه المطلب فان المجلس سيتخذ تدابير اخرى ضد الحكومة ؛ وفي 29 مارس 2005م اصدر مجلس الامن قراراً اقر فيه بمحاكمة مرتبكي جرائم الاباده الجماعية وجرائم الحرب ضد الانسانية امام المحكمة الجنائية الدولية ؛ في 30 يونيو 2008م اصدرة اوكامبو المدعى العام لمحكمة الجنائية الدولية حينها قرار ضد الرئيس البشير بتوقيفه والقبض عليه لإرتكابه جرائم في دارفور. لماذا نُذبحوا ونقتلوا ونحن مواطنين في الدولة فيها مسلمون وغير مسلمون؛ ومنذ متى كان دولة الاسلام يفرق بين مسلم ومسلم او بين مواطن ومواطنة ؛ فكرامة الانسان وحقوقه في الاسلام اولاً كما جاء في الاية القرانية من سورة الحجرات "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكراً وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير) منذ متى كان الاسلام يمارس التفرقة والتعصب العرقي؛ في ظل حكومة تنادي بالشريعة دون تطبيقها؛ ان هذا الممارسة تسيئ الأسلام والمسلمون وتتنافى مع تقاليده وقيمة؛ ان ممارسة الحكومة في العباد والبلاد كشف مدى نوايا النظام والتزامه بالدين الإسلامي وقيمه؛ حتى اذا نظرنا لدولة المدنية عاش فيها المسلمون وغير المسلمون في امن وسلام، وكونوا نسيبجاً إجمتاعياً طوال السنين. أن ما حدث في دارفورفي العباد والبلاد اشبة بغزوات القبائل في مطلع القرن الماضي والتي عملت في ازاحة وازالة سكان المدينة من قراهم واستبدالهم بمأجورين ومرتزقة. حينما صدر القرار كانت تغمرنا مشاعر الفرح كأبناء دارفور وكنا في اتم الاستعداد للتعامل مع هذه القرارات ؛ للقبض على مرتكبي الجرائم ضد الانسانية في العباد والبلاد؛ وقبل أن تكتمل فرحتنا إكتشفنا ان هنالك ايادي خفية تعمل خلف القطبان وتحرك المسرح تاراً وينخفض تاراً اخرى وعليكم بعض ردود افعال القوة السياسية حيال القرار. وهم ام الكبائر واساس الازمة ومعوقي قضية دارفور؛ نتاول بعض تصريحاتهم ومواقفهم تجاه المحكمة الجنائية الدولية ضد البشير؛ حزب الامة في تصريح لامينه العام اعتبر قرارالمحكمة انتهاك للسيادة الوطنية ؛ اما الحزب الشوعي السوداني على لسان السكرتير العام المرحوم محمد ابراهيم نقداً دعا إلى ضرورة التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية ؛ ولكن وفقاً لقرار قمة الاتحاد الافريقي والقاضي بعدم تسليم اي رئيس دولة للمحاكمة خارج البلاد ؛ اما المؤتمر الشعبي وعبر تصريح لنائب الامين العام عبدالله حسن احمد دعا بضرورة اشراك القوة السياسية الاخرى في حل الازمة ؛ الاتحاد الديمقراطي محمد عثمان المرغني دعى الى توسيع مبادرة البشير لاحلال السلام مؤكداً تنديده لقرارات المحكمة الدولية؛ مما شجعت حكومة الخرطوم في تعليب الدولة الصديقة والمنظمات العربية والافريقية بعدم الوقوف مع قضيه دارفور والمحكمة الجنائية الدولية؛ ومنه عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئا واتخذوا قرارا فوراً يؤكدون فيه رفض الجامعة لاجراءات تتخذها المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني البشير؛ واكدوا دعمهم الكامل لشرعيته؛ وهذه المواقف شجعت النظام كثيراً في ضرب المدنيين وزيادة معاناتهم وطرد المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان. اما موقف الاتحاد الافريقي فكان موقف لسان الحكومة؛ بشهادة الدكتورة عائشة البصري الناطقة الرسمية للاتحاد الافريقي المرأة الانسانية التي نطقت الحقيقة وهي تقدم استقالتها بناءاً على التستر في القضايا ضد الإنسانية، ونحن بدورنا اذ نشيد بموقفها البطولي ورفضها للإنتهاكات ضد الإنسانية، وهذا الموقف بالطبع يجعلنا كأبناء دارفور ان نكون اكثر وحدتاً وقوة وتماسكاً وعملاً فاذ تقلبتم لصفحات تاريخ السودان من الانتصارات والتصدي للعدوان الخارجي فستجدون انكم كنتم اكثر تماسكاً ووحدة وذلك عبر ما حققتموه في هزائم عدو البلاد والعباد لذا فلابد ان نقف وقفة رجل واحد لمحاربة العدو وقتله وتصفيته ورمية في غياب النسيان. [email protected]