كثير من التصريحات التي تخرج من مسؤولين في الدولة يكون لها من الآثار الكارثية أكثر من كونها خرجت لتوضيح موقف ما أو إيضاح غموض في زاوية معينة وآخرها تلك التي خرجت به صحيفة الدار عن مسؤول حكومي بأن "الجقور" التي تسببت في نخر قاعدة كبرى المنشية وتسببت في الأزمة الطاحنة لمواطني شرق النيل. التصريحات هذه جاءت لترمي باللوم في عدم الالتزام بالمواصفات في تشييد جسر يعبر ضفتي النيل على مجموعة فئران واتهامها بأنها استطاعات أن تنخر الأسمنت وأن تبنى بيوتها بداخله ليتسبب بنيانها هذا في أن يؤول الجسر للسقوط.. أعتقد أن الفئران التي استطاعت أن تنخر الأسمنت المسلح هذه تستحق الاحتفال على هذا الإنجاز الضخم، وأن يتم ترشيحها لمجموعة غينيس للأرقام القياسية باعتبارها أول فئران تنخر بناء أسمنتياً مسلحاً. الأمر يا أعزائي لا علاقة له بالفئران ولكنه عدم التزام بالمواصفات والأمر الذي يجب أن تتم مساءلة الجهة المنفذة والاستشاري باعتبار أن الجسر تم تنفيذه قبل سبع سنوات فقط ولكم أن تدرون أن جسري الحديد (بحري وأم درمان) شيدهما المستعمر الإنجليزي قبل نحو مئة عام وقبلها كانت تخدم في الهند أربعون عاماً ولا تزال صامدة دون أي تأثير. كبرى المنشية تم انقاص علبتين منه واحدة على كل جانب واكتفت الجهة المنفذة له بإنهاء العلب مع نهاية النهر، وكان المفترض أن تكون هناك علبة تبعد عن الضفة 10 أمتار عن كل ضفة، ولكن لسبب ما تم الاستغناء عنهما ليبدأ الطريق مع نهاية الجسر على صفة النهر مباشرة. ما حدث بعد ذلك أن الهدام أصاب الضفة الشرقية بعد أن تمت ردميات في الجهة الغربية الموازية لبرج الاتصالات فاتجه تيار النيل الأزرق صوب الشرق ووسع له مجيء جديد فكان أن أتى على الضفة الملاصقة للعلبة الأخيرة ونخر من خلفها ليكون الطريق معلقاً في فراغ، وأن كانت تحمله كتلة خرصانية ولكنها أصبحت مفرغة وكان يمكن أن تسقط في أي لحظة لولا لطف الله وعنايته خاصة وأن الطريق تمر به مئات الشاحنات الثقيلة كل ليلة. حسناً فعلت ولاية الخرطوم بالعمل السريع على معالجة الخلل، ولكن لو أنها تعاملت مع الأم بشفافية لكان أفضل لها من أن تتهم الفئران كبيرة الحجم "الجقور" بحفر الكبرى، ولكن لأن الشفافية تنعدم دائماً باعتبار أن إفشاء المعلومات قد يكشف ما تم عند تشييد الجسر فإن الحكومة لجأت إلى المبررات التي لا تقنع أي مواطن وتلكت الأمر إلى الفئران تارة وإلى أن الجسر ما "قديناهو" تارة أخرى. كل من كان يعبر الجسر كان يحس به يهتز من تحته عند مخرج شرق النيل وهو الأمر الذي جعل الولاية تتجه له ولكن الآن المواطن لا يثق حتى في قدرة الحكومة على المعالجة طالما هي تعمل على إخفاء المعلومات عنه. نتمنى أن تلتزم الولاية بأن تتم صيانة الجسر في الموعد المحدد له فقد مر أسبوع الآن وتبقت خمس أسابيع فقط للموعد المعلن لافتتاح الجسر من جديد ونتمنى أن تطول معاناة المواطن أكثر مما عاناه خلال فترة إغلاق الكبرى كلياً في مطلع الأسبوع. كما أتمنى أن تعمل الولاية على تكريم قبيلة الفار التي استطاعت أن تنخر جسر المنشية. [email protected]