القصص عن الشريف حسين الهندي تضعه في صورة اسطورة سودانية مكتملة، فهو الرجل الذي حمل السلاح من اجل الديمقراطية وبنى حلف مع عواصم عربية وغربية من اجل قضيته. والشريف هو الذي يتحدث عدة لغات بطلاقة،ويستعمل السلاح الخفيف كجندي محترف، وينام في ارض المعسكرات الصحراوية بدون تبرم،وياؤي الي الفنادق الغربية وقصور الزعماء، وسيان عنده الصحراء والقصر في سبيل قضيته. في بغداد العروبة،وليبيا العقيد،ولندن،واثينا،والقاهرة ،وبيروت ينثر خطابه السياسي ويبنى شبكة علاقات من سياسين، وصحفيين، ومثقفين، ورجال مال واعمال، وتجار سلاح. يحمل السلاح الي اصحاب القضايا ويتحدث الي رجال المخابرات بدربة عالية ويعرف كيف يتخفى، واين يظهر ،وكيف، ولماذ؟ من بين كل تلك القصص التي سمعتها عن الشريف حسين كنت مشغول بسوال مركزي عن الطلاب الذين كان يعدهم لقيادة الحزب من بعده، وصرف عليهم مئات الالاف من الدولارات من حر ماله،وحصلوا بفضل شبكة علاقته الممتدة على فرص دراسة في افضل الجامعات في الغرب والمنطقة العربية. وكنا بحكم النشاة في اسرة اتحادية نرى في كل من عاصر الشريف وتتلمذ على يده مناضل اخر به شئ من جسارة الشريف ،وكرمه، وذرابة لسانه بالحق ،اذ ان سيرة الشريف وقصصه ترفع من صورة كل شخص عرفه درجات حتى اصبحت قصص التلمذة على يد الشريف في معظمها تحتاج الي تمحيص، فمااكثر من ادعوا التلمذة على يديه ولم نجد سند لاحاديثهم. واشهر تلامذة الشريف حسين من الاتحاديين هم جلال الدقير،وعثمان عمر الشريف ،ومضوي الترابي، وسيد هارون،والباقر احمد عبدالله،والسماني الوسيلة. ولم تتوقف مشاركتهم عند حدود تولي وظائف الحكم وبدلات الوزارات التي دخلوها بغير تفويض من الشعب، بل وتطرفوا في ذلك حتى قال عثمان عمر الشريف انه مكلف من قبل الميرغني لدعم الحملة القومية لانتخاب البشير وورد في الصحف ان "الشريف" قال أمام جماهير مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور حيث دشن "البشير" حملته الانتخابية هناك، قال إن وقوف الاتحادي الديمقراطي (الأصل) وقيادته مع الرئيس "عمر البشير" سيستمر حتى تستقيم أمور أهل السودان.وذهب "الشريف" إلى أنهم في الحزب يقفون جميعاً على قلب رجل واحد (لتأييد السودان بتأييدنا للبشير). وقال: (نقف جميعاً بمختلف أحزابنا وكياناتنا خلف هذا الفارس من أجل السلام والحوار والتنمية، لافتاً إلى أن أماني السودان لا تتحقق إلا بالوحدة والسلام الذي لا يتحقق إلا بترشيح "البشير" وتأييده).وقال "الشريف" مخاطباً رئيس الجمهورية: (سيدي الرئيس نعلن لك وقوفنا خلفك وخلف المبادئ التي تحملها وخلف الحوار الوطني والسلام وكلنا "عمر البشير" انها والله نهاية وجب الاستعاذة منها، لاشقاء كنا ندخرهم لبلادنا وحزبنا. ماقاله الشريف في الجنينة جعلني اعود مرة اخرى للسوال الذي ظل يشغلني طوال تلك السنوات، هل القصص الاسطورية التي تروى عن الشريف حسين حقيقية؟ واذا كانت حقيقية لماذا يقف تلاميذه هذا الموقف اليوم؟وكيف يمكننا ان نشرح فعلتهم، اللهم الا بالرجوع الي المثل النار تلد الرماد،لكن هل يصلح هذا المثل للسياسة ايضا؟ تربية الكادر السياسي من القضايا التي ظلت غائبة بصورة اساسية في الحزبين الكبيرين الاتحادي والامة ،وكأن القادة السياسين يولدون من رحم الغيب، اذ ظلت هذه الاحزاب تستنفر من تظنهم منسوبيها عند كل معركة، لذلك سهل تسلل العقائديين الي صفوفها وفق خطة اوحسن نية،وكثير من الاوقات تلجا هذه الاحزاب الي ترشيح اناس امضوا حياتهم في خدمة الدكتاتوريات لمجرد انهم يحملون شهادات دراسية مرموقة اولديهم خبرة في مجال عملي ليس هنالك حزبي من بين صفوفها يحمله لانه لم تعد فرد من منسوبيها لهذا المنصب. بناء كادر سياسي يحتاج الي خطة مختلفة لانك تبني شخص سيقود الناس يوم "ما" ،وهي مهمة خطرة جدا،فاذا كان اعداد الطبيب الذي يداوي كل يوم عدد محدود من الاشخاص يحتاج الي منهج صارم وسنوات طويلة فما بالك باعداد سياسي يقود بلاد باكملها اويساهم مع مجموعة في قيادتها. دعوني اقول بكل شجاعة ان الشريف حاول بناء كادر حزبي لقيادة الحزب ولكنه لم ينجح،والا اين تلامذته؟ محمد الفكي سليمان