كانت واقعة محيرة جداً.. وزير اتحادي غضب من موظف في وزارته ففصله من الخدمة العامة.. الموظف المقهور لجأ إلى القضاء ونال أحكاما ببطلان قرار الوزير، ولكن الوزير حلف (بالتلاتة) ألا ينصاع لحكم القضاء.. المواطن مضى بقدميه لديوان المظالم ولكن الوزير سدر في غيه.. اضطر ديوان المظالم لمخاطبة رئاسة الجمهورية وإحاطتها علما بالواقعة.. هنا فقط أنحنى الوزير للعاصفة. أرجو ألا يسألني سائل أن كان ذاك الوزير المتجبر مازال في الخدمة العامة.. الإجابة ترفع ضغط الدم.. ولكن تعالوا معي لديوان المظالم نفسه.. هذا الديوان الذي يقيم في مبنى مستأجر أمينه العام في درجة وزير اتحادي ونوابه بدرجة وزراء دولة.. الديوان هذا تم استثناؤه مؤخرا من قانون الخدمة العامة.. بهذا الاستثناء بات الديوان واحدة من مؤسسات أخرى فوق القانون. أمين عام ديوان المظالم أكد في حواره مع اليوم التالي في التاسع من الشهر الجاري أن ديوانه راجع حكما قضائيا نهائيا.. تبسيط المعنى أن الديوان الذي يقيم في منزل مستأجر وعمره لا يزيد عن خمسة عشر عاما، غيَّر حكما قضائيا من مؤسسة القضاء العريقة. مولانا أحمد التيجاني الجعلي، أمين عام ديوان المظالم، أكد أن مؤسسة الرئاسة خاضعة للتفتيش كغيرها من مؤسسات الدولة.. ولكن الجعلي وفي ذات الحوار يؤكد أن الديوان أداة من أدوات الحكومة في محاربة الفساد مهمته التحقق من أجهزة الدولة تسير بكفاءة.. مولانا الجعلي أكد أن هنالك أمانات متخصصة تتعلق بالحكم الراشد وحقوق الإنسان.. ولكن في تناقض أكد أن رئاسة الجمهورية ترعى مجلس تنسيق ديوان المظالم. على مستوى ولاية الخرطوم الربكة أكثر وضوحا.. أمس أعلن ديوان المظالم بالخرطوم أنه نفذ أكثر من عشر حملات تفتيشية شملت ديوان الزكاة بجانب بعض المستشفيات.. من ناحية أخرى طلب ديوان الخرطوم تقارير أداء من شركة مواصلات الخرطوم ومستشفى النو.. صحيفة الأخبار أضافت كيل بعير، حينما أكدت أن ديوان الخرطوم استدعى ستة من قيادات الولاية.. الاستدعاء شمل تنفيذيين وتشريعيين.. أمين ديوان المظالم بولاية الخرطوم، قدم أمس الأول تقريرا أمام مجلس تشريعي الخرطوم، اشتكى أن وزارة المالية الولائية لم تجز الميزانية المقترحة لتسيير العمل السنوي للديوان الذي لا يملك مقرا دائماً. في تقديري أن وضع ديوان المظالم في غاية الغرابة.. الديوان بوضعه الحالي يتداخل مع السلطة القضائية وينقض أحكامها النهائية.. بعدها يمضي في البحث عن المشاكل بجولات تفتيشية هي من صميم عمل السلطة التنفيذية.. مراجعته للتفاصيل أيضاً تصطدم مع أجهزة متخصصة مثل ديوان المراجع العام.. طلب الاستدعاءات من الأعراف البرلمانية فكيف لجهاز منوط به تحقيق العدالة أن يستدعي مسئولا في الصباح ثم يمضي إليه آخر اليوم باحثا عن الميزانية. حينما دققت في الطريقة التي تدار بها الدولة لم استغرب من تقرير منظمة الشفافية الجديد الذي وضع بلادنا في ذيل القائمة. التيار