من معقله بمستريحه بدا القيادي الشرس في المؤتمر الوطني والرجل المثير للجدل موسي هلال مزهوا بقوته العسكرية وسنده القبلي والجماهيري لدرجة انه قال في حوار نشرته الغراء التيار بانه لن يبادر بحرب الحكومة الا اذا جرته هي لهذا المصير ،ورغم احتشاد لغة الحوار بالبارود والرصاص الا ان هلال سرعان ما يبادر الي التهدئة في خطابه السياسية ويجتهد في ايصال رسائل تطمينيه الي رفقاء الدرب في المركز ،بانه لازال علي العهد باق ومبذول الكف والجنان الا لمن ابي . يظل موسي هلال المنحدر من المحاميد احدي اكبر بطون قبيلة الرزيقات ذائعة الصيت والغني نموذجا واضحا لازمة السودان وازماته في ادارة الازمة علي حد السواء ،فمنذ ان عين في منصب دستوري رفيع ومكث في مكتبه بديوان الحكم الاتحادي لسنوات خلت كان كمن (يكفي خيره شره)كما تقول الدارجه السودانية القحه لاتكاد تسمع له صوت اختر بمحض ارادته عزلته المجيدة اللهم الا من شعاع ضوء يدخله به ذاكرة الناس حوار صحفي او تصريح ينثره بين الفينة والاخري ربما دون ان يبالي او يكترث لاستكناء ردود افعاله اي التصريح . في تلك السنوات التي كان فيها محض سياسيا يرابط في الخرطوم دون اي اثر لحراك ينتجه بطبيعة المنصب الدستوري الذي يشغله كمستشار بديوان الحكم الاتحادي ،وكان زعيم المحاميد كان يبطي في الزمن انتظارا لحدوث شيئا ما في زمان ما ومكانا ما ،الي ان اتي الميقات فانطلقت حممه باتجاه رجل كبير اخر في دارفور ،وما ادراك ما الوالي كبر حيث نشطت حرب داحس والغبراء بين الزعيمين لحد ان هدد هلال المسنود بولاء القبائل العربية والمتمترس بمعقله هناك هدد الحكومة ووفودها رفيعة المستوي التي نشطت في الجودية وتقريب الشقه بين اصلب كوادرها في الاقليم المضطرب ،لترجع الي المركز خاوية الوفاض ولتبدا حلقات جديدة من مسلسل الخلاف في متوالية (كبر هلال)والي هذا الحد كانت الامور تحت السيطرة رغم ارتفاع السنة اللهب التي كانت تنجح الية الوساطة في اطفاء الحريق قبل امتداده الي ساحات اخري يصعب معها السيطرة عليه . ومن كبكابية كان الشيخ هلال يمارس نفوذا بسطه علي منطقة واسعه من ولاية شمال دارفور ولاية غريمه وخصمه كبر الي ان انتبهت الحكومة والجزب الي خطورة الوضع فارسلت له الرجل الثاني في الحزب البروفسير غندور فالتقاه في الجنينة ورغم تطاول ساعات الجلسات الا ان الاثنين خرجا لاجهزة الاعلام يعلنان طي صفحات الخلاف وبدء صفحه جديدة في علاقة هلال بالوطني وان الحزب سيدرس وينفذمخرجات اللقاء ،ولم يمي طويل وقت الا ويخرج مجلس الصحوة الوعاء التنظيمي الذي يتحرك من خلاله موسي هلال بتهديدات مفادها انه سيضرب الانتخابات في الولاية وعدها محاولة خشنة منه لمقاطعة الانتخابات ،وسبق ذلك توقيع ابن المحاميد لمذكرتي تفاهم بين حركة العدل والمساواة وقطا الشمال دافع عنهما ايامها بالقول انه التقاهما كمسعي منه لالحاقهما بقطار السلام . المهم ان هلال اعترف في حوار التيار بل انه لجا الي استخدام الانتخابات كورقة ضغط للي زراع الحكومة علي مايبدو بعد ان تقاعس باعتقاده غندور عن تنفيذ ما اتفقا عليه . ليس هذا فحسب بل ان هلال افصح عن حلمه بحكم السودان معتبرا ان في مقدوره حل جميع معضلاته ،متباهيا بقوته ونفوذه والتفاف الحركات المسلحه من حوله ،والتي فسرها بقوله انهم مغبونون ويشعرون بان حقوق اهلهم مسلوبه ويرون فيه المنقذ . اما اشد فصول المشهد دراماتيكيه فهي التحول المفاجي لهلال من اقصي الشمال الي اقصي اليمين فبعد اتصال قال انه استقبله من الحكومة خرج بتصريح يقرظ في البشير ويعده اصلح من يتولي الرئاسة في هذه المرحلة (البشير اخوي)وانطلق مساندا حملة الوطني الانتخابية وداعما لمرشحه لرئاسة الجمهورية ،علي ان المهم في حوار هلال هو تاكيده علي الصراع في دارفور استفحل بمافيه الكفاية وماعاد يتحمل بزوغ صراع جديد وان كان هو احد طرفيه والطرف الاخر هو الحكومة الذي تباهي بانه احد صناعها . مراقبون للشان السياسي في السودان يرون في احلام الزعيم القبلي الكبير بحكم السودان مؤشرا لطموح غير متناهيا للرجل الذي لم يعد يقنعه مكتب وثير ومنصب دستوري شرفي في ديوان الحكم الاتحادي ومخصصات مغرية وان نجحت لوقت ما في احتواء و استيعاب تطلعاته وحنطت تحركاته الا انه استطاع ان يفلت من اسارها وركض المهر الجامح من الاسطبل ليملا الفضاء السياسي بكل هذا الضجيج [email protected]