كرمت مساء الأول من أمس الشركة السودانية للهاتف السيار المعروفة اختصاراً ب(زين)، نحواً من سبع عشرة أماً مثالية من كل ولايات السودان، ضمن مشروعها الكبير الذي درجت على تنفيذه سنوياً في إطار مسؤوليتها الاجتماعية في دورته الرابعة، وجاء احتفال وتكريم هذا العام تحت شعار (الأم قلب نابض وعطاء متجدد)، والمعروف أن (زين) كانت قد أطلقت هذه المبادرة قبل ثلاث سنوات اعترافاً بفضل الأم ووفاءً لها وتأكيداً لدورها في بناء الأسرة والمجتمع، ومن شفافية هذه المبادرة أنها تمنح كل الناس بلا فرز الحق في ترشيح من يرون أنها جديرة بلقب الأم المثالية، عطفاً على إنجازاتها ومساهماتها في الحياة والتربية في رمزية للاحتفال بكل الأمهات على امتداد الوطن، حيث توزع الشركة استمارات الترشيح على كافة الولايات بغرض الوصول إلى أم مثالية واحدة من كل ولاية، ولكي يأتي اختيار الأم المثالية مثالياً هو الآخر، عهدت الشركة أمر وضع شروط المنافسة وإجراء عملية الفرز وتحديد الأمهات الفائزات للجنة مستقلة تضم شخصيات من الرجال والنساء، مشهود لها بالنزاهة والتجرد، نذكر من عضويتها - على سبيل المثال - الأستاذتين آمال عباس الصحافية الرقم، والكاتبة الصحافية المجيدة؛ مريم تكس. ما يلفت النظر في تكريم الأمس وربما في ما سبقه من تكريم، أن عدداً مقدراً من النساء المكرمات اللائي استحقين لقب الأم المثالية، عملن في صناعة الطعام وبيعه وبالضرورة الكسرة والشاي، وكلهن لجأن لهذا العمل المضني والشاق اضطراراً بعد فقد الأسرة لعائلها لسبب أو آخر، واستطعن بمثابرتهن وتضحياتهن وصبرهن على هذا العمل المرهق الذي قال فيه شاعر الشعب الراحل محجوب شريف (كفتيرا تفك الحيرا يا بت أحسن من غيرا.. ولذلك انت هنالك في ركن السوق الشعبي.. بت امك ما بتكوسي دروب الشك والذلة.. مرات الكسرة تعوسي ما بسمع حسك إلا النجمة وديك الحلة.. وعجينك في البستلة في ليل الصاج الداكن ترميهو قميرا قميرا.. الخ)، استطعن عبر هذا الكفاح اليومي وعبورهن بجلد لليالي الأسى وتراجيديا الأحزان ومر الذكريات ومرارة الفقر، أن يقدمن للمجتمع من صناعة ملاح الشرموط وعواسة الكسرة وبيع الشاي، شباباً وشابات رجالاً ونساء صالحين وناجحين ونابهين، ولكن للأسف للمحليات رأي آخر أعوج وفطير، إذ لم تر في كفاح ومعاناة هؤلاء الماجدات وما يطرحنه من ثمار نافعة وإضافات نوعية يرفدن بها المجتمع، سوى أنه تشويه ودمامة وقذارة و(قلة أدب)، بينما الحقيقة أن القذى هو الذي ملأ أعين المحليات وعماها عن رؤية هذه النماذج المشرقة والمشرفة، فدأبت على مطاردتهن في أرزاقهن دون أن تكلف نفسها أي جهد للبحث لهن عن بديل يدرأ عنهن الشرور التي يجلبها شيطان العوز والحاجة، ويقيني أن الماجدات من صانعات وبائعات الطعام اللائي فزن بجائزة الأم المثالية لولا أن عناية الله قد نجتهن من مطاردات المحليات و(كشاتها)، لما تمكن من تقديم تلك النماذج الباذخة من البنين والبنات.. فشكراً ألف شكر زين ولا عزاء للمحليات. التعيير