تناول الكثير من الكتاب والمفكرين المهتمين بالشأن السوداني والدارفوري على وجه العموم ما يدور في دارفور من أحداث وما لحق بأهلها منذ منتصف القرن الميلادي الماضي وحتى يومنا هذا، تناولوا أسباب الأزمة في دارفور متطرقين لأسبابها ومآلاتها وكيفية معالجتها ولم يتركوا شاردة ولا واردة في الشأن الدارفوري إلا وأوردوها في كتاباتهم ومنشوراتهم ونقاشاتهم مشرَحين أطراف الأزمة ومحددين رأسها مزودين القاريء بل متخذي القرارات في الدولة والمنظمات المتخصصة والباحثين والمهتمين بملف دارفور بمعلومات ثرَة تحوي ارقام ونسب وأسماء أماكن وأشخاص و تقريباً كل من له وما له علاقة بهذه المشكلة المعقدة والتي باتت تتعقد يوماً بعد يوم وتنخر في جسم الإقليم المنهك أصلاً بسرطان الفتنة والتخلف العقلي المقعد عن اللحاق بركب التقدم والتطور، ومن أجمل الكتابات التي تناولت أزمة دارفور ووقعت على يدي كتاب للبروفيسور آدم الزين الأكاديمي والخبير الإداري وآخر للمهندس عبدالجبار دوسة ومثله للكاتبين جولي فلينت وأليكس دي فال وبالطبع هناك كتاب آخرون تناولوا هذه المسألة ولكن هناك كتاب يجب أن لا تخطئه العين للدكتور محمد سليمان محمد بعنوان: السودان حروب الموارد والهوية تطرق فيه كاتبه لمجمل المشكل السوداني المتعلق بالصراعات الناجمة عن التكالب على الموارد وتتخذ من الهوية والجهوية ملجأً وملاذاً، وقد شرح الكاتب في كتابه هذا أسباب المشكلات والصراعات في السودان منادياً بضرورة إدخال الجانب الإيكولوجي في حلها وهذا بالطبع كلام صحيح بالنسبة لبعض جوانب المشكلة في السودان ككل، أما بالنسبة للحالة الدارفورية فهي تحتاج فعلاً لمعالجات إيكولوجية بالإضافة إلى المعالجات التالية: أولاً: معالجة نفسية لإخراج أهل دارفور من جنون التعصب القبلي المدمر وعقدة الشعور بالدونية في التراتيبية القبلية وإدعاء التعالي والهروب من الواقع الإجتماعي الذي أورثهم ضعفاً إدارياً وإرادياً خاصة عند إتخاذ القرارات السياسية والتنفيذية الحاسمة في الأماكن التي يتسنمون قيادتها إلا من رحم ربي. ثانياً: معالجة إجتماعية لتجاوز ما خلفته الصراعات المختلفة من آثار إجتماعية سالبة لا يمكن أنكارها. ثالثاً: معالجة إقتصادية لتلافي آثار فقد الموارد ومصادر الدخل وتدمير المشروعات وظهور البطالة والتسكع وسط الشباب والهروب من المسؤلية. رابعاً: معالجة ثقافية لتغيير ثقافة الحرب ومفهوم العيش على السلب والنهب والقرصنة والمساومات والإبتزاز وتغيير التناول الإعلامي التقليدي للأحداث وسياسة التعتيم الإعلامي والإستغفال. خامساً: معالجة دينية تربوية من خلال المنابر الدينية باعتبار أن الدين يشمل كل مناحي الحياة والضابط لحياة الناس، حيث ابتعد الناس عن الدين حتى أصبح البعض يقول إن أهل دارفور إبتعدوا عن الدين ولو كان الدين مازال يشكل عامل حسم في حياتهم لما حدث الذي جرى ويجري الآن فيها. وفوق هذا وذاك لابد من التفكير الجاد في عمل مبادرة جديدة وجادة تنبع من أشخاص وطنيين مؤمنين بالوطنية وحادبين على مصلحة الوطن وإشراك نخبة كبيرة من أهل الإقليم وعدد آخر من السودانيين من بقية الولايات الأُخرى ولا أقول أصحاب المصلحة إذ لا داعي لهذه التسمية العبيطة فمن مِنَا ليس له مصلحة في أمن وإستقرار بلده وأبناء وطنه؟ اللهم إلا إذا كانت مصلحة خاصة!. على كل تكون مهمة الجميع وضع خارطة الطريق ومن ثم الخطط والأجندة التفصيلية لبحث المشكلة أملاً في إيجاد حلول واجبة التنفيذ بأزمنه وأمكنة وأُناس محددين يكونوا مساءلين أمام أهل دارفور والسودان والعالم وأمام الله بعد تمحيصهم وإختيارهم للتصدي لهذه المهمة بعيداً عن الأجندات الحزبية والطائفية والجهوية والقبلية وأمراض الأنا وحب الظهور، فبدون هذا وبغياب المعالجات النفسية ومكملاتها تلك إبتداءً بالإيكولوجي وإنتهاء بآخر معالجة سوف تواصل النفسيات المريضة في تدمير ما بقي من مناعة في جسد دارفور المنهك أصلاً بصراعات الهوى والهوية وحينها سوف لن ينفع تداعي باقي أعضاء السودان لأن هذا السرطان سوف يستشري لإلتهامها هي الأُخرى، ولن أتحدث عن البتر أو القطع كعلاج لتخليص جسم فرَط صاحبه في الوقاية من خطر عضوه المصاب ولن ينفع الندم إن بقي هناك من يندم. [email protected]