خلال اليومين الماضيين، تصاعدت الأخبار الواردة عن السعوط وإن شئت قل التمباك أو التابا أو ود عماري، فكلها أسماء لمادة واحدة، وصعدت الى واجهات صفحات بعض الصحف وبعض الأعمدة والمقالات الصحفية بصورة تلفت النظر وتستدعي التعليق، ولكن قبل أن نأتي على سيرة السعوط، اسمحوا لنا بتخريمة صغيرة نحسبها في باب الإعانة على الفعل الصحيح وتصحيح الخطأ، فقد جاء في الأخبار أن هناك جهداً يبذل لإعادة الصحافي بقناة "الشروق" عاصم الى العمل بعد قرار الاستغناء عنه عقب إذاعته خبراً عن عاصفة الحزم التي ينخرط فيها السودان بقوة، اعتبرته الجهة التي أمرت بفصله خبراً سالباً يناقض توجهات الحكومة والقناة، وبعد التحقيق اتضح لإدارة القناة أن خطأ الصحفي لم يكن متعمداً ولا مقصوداً وإنما هو أدخل في باب حسن النية وسوء التقدير، وهذا ذات ما كنا نبهنا له عند تناولنا لهذه القضية، ويحمد لإدارة القناة أنها راجعت قرار الفصل ووقفت على ملابسات الخطأ وبقي عليها فقط أن تعلن عودة المفصول للعمل بعد أن لم يعد لها ما يبررها. وعودة الى سيرة السعوط التي بدأت بمقالات مناهضة له وأخرى مدافعة عنه أو بالأحرى مدافعة عن منتجيه، ثم تلى ذلك خبر تقديم تجار التمباك دعماً مالياً بلغ مئتي ألف جنيه، دعم أولي للمؤتمر الوطني بالخرطوم، سلمه وفد الغرفة التجارية لتجار التمباك لرئيس اتحاد أصحاب العمل، ثم خبر آخر عن التمباك يعتلي قمة إحدى الصحف تنقله على لسان مسؤول كبير بحكومة ولاية شمال دارفور (أكبر ولاية منتجة لود عماري)، مفاده أن ولاية الخرطوم تتحصل ما مبلغه نحواً من ستين مليار جنيه سنوياً من تجارة التمباك، وما لم يقله هذا الخبر أن التمباك أيضاً يدر عائداً مالياً كبيراً لولايات ومحليات غرب البلاد التي تنشط فيها زراعته وتجارته، والغريب أن يُقبل الحزب الحاكم على قبول مال التمباك بكل رضاء نفس، وأن تُدخل ولاية الخرطوم كل عام ستين ملياراً الى خزينتها حامدة شاكرة هذا (الخير) من التمباك. الغريب أن يحدث كل هذا الاحتفاء بعائدات التمباك من الحزب الحاكم وولاية الخرطوم في ظل الحرب التي تشنها عليه وزارة الصحة بولاية الخرطوم وسعيها الدؤوب لاستصدار قانون يمنع التبغ بشقيه (سجائر وتمباك)، وليس لهذا التناقض من وصف غير أن الحزب الحاكم وحكومته بولاية الخرطوم يهزمان مساعي وزيرهم ووزارتهم الولائية، مغلبين العائد المادي الكبير المتحصل من مال التمباك على ما يسببه من أضرار صحية بالغة، وهنا تكمن العقدة التي استعصت على كل محاولات منع التمباك من لدن الخليفة عبد لله والى البروف مامون حميدة التي خرج منها جميعها منتصرا، ذهبت هي وبقي التمباك، ووقفت السلطة على مسافة واحدة بينه وبين محاربيه كما حال الشاعر الحلمنتيشي الذي هجاه مرة فقال (قرفا في الخشم مكضوم وسيدو يتفتف.. الجنبو بي بزاغو وريالتو تهتف الخ)، ثم عاد وشكره قائلا (شنو البلحق مقامو المن غرب مجلوب.. محبوب الشعوب وبلسما المطلوب... إلخ). التغيير